غياب التنسيق الحكومي ظاهرة تتطلب التوقف والتحليل!
لم يعد غياب التنسيق بين أعضاء الفريق الحكومي الحالي أمراً استثنائياً يظهر في حالات نادرة، بل إنه بات ظاهرة تستحق التوقف عندها ودراستها، خصوصاً إذا ما تعلق الأمر بالمشاريع الحكومية الكبرى التي تتطلب حداً عالي المستوى من التنسيق الحكومي المفترض.
فالأرقام المتناقضة التي يقدمها هذا المسؤول الحكومي أو ذاك كانت في بدايتها أمراً غريباً، ولكن الصحافة والمواطن السوري على حدٍ سواء، سرعان ما اعتادا عليها، سواءً في تحديد مستوى الفقر، أو تحديد نسبة النمو الاقتصادي الحاصل، أو بالنسبة إلى ارتفاع أو انخفاض نسب البطالة، وغير ذلك من مؤشرات التنمية البشرية والاجتماعية، لكن الغريب اليوم هو تقدم إحدى الوزارات بمشروع حكومي لمجلس الشعب يتعلق – جزء منه- بوزارة أخرى دون درايتها، بل إن تلك الوزارة عادت ونفت الجزء المتعلق بها من المشروع المقترح، إنه لأمر غريب بالفعل!.
فمنذ أسبوعين تقريباً قدم وزير النفط السوري مقترحاً إلى رئاسة الحكومة يقضي بخطة لتحرير أسعار الكهرباء والمازوت، وجاء في المقترح أن سعر كيلو واط الكهرباء في عام 2010 كان يباع بـ«ليرتين سوريتين» على حين سيصبح في عام 2015 بسعر 6 ليرات سورية، وبالنسبة لمادة المازوت اقترح الوزير أن يرتفع سعره من 20 ل.س لليتر اليوم إلى 30 ليرة سورية للتر في 2015، لكن المفارقة التي نتحدث عنها اليوم هي تبرؤ وزارة الكهرباء من اقتراح وزارة النفط بعد عدة أيام فقط، من خلال تأكيد مصادر مطلعة في وزارة الكهرباء السورية أن موضوع رفع التعرفة الكهربائية لم تتضمنها الخطة الخمسية الحادية عشرة الخاصة بوزارة الكهرباء ولم ترد فيها أبداً.
فالأسئلة كثيرة، لكن الإجابات ستبقى قاصرة عن تفسير هذا الخلل في التنسيق، لأن غياب هذا النوع من التواصل المطلوب بين الوزارات يعني أن كل وزارة في حكومتنا تغني «موالها» منفردة على هواها، لأن مبررات تدخل وزارة النفط بتحديد التعرفة الكهربائية بدلاً عن الوزارة المعنية، لا بل اتخاذ قرار تحرير تسعيرة التعرفة الكهربائية لها، لا يمكن تبريره مطلقاً، لأنه حتى لو كان لهذه الوزارة أو تلك مبرراتها في التدخل بتحديد هذه التسعيرة لوزارة أخرى، إلا أن ذلك يتطلب إعلام الوزارة المعنية بالمشروع المقترح الذي يتعلق بها بالحد الأدنى، لتقوم هي بإعلانه أو تبنيه أو الترويج له؟!