خبي «قطعك» الأبيض..
يبدو أن موضوع احتياطي القطع الأجنبي والحفاظ عليه يأخذ الصدى المطلوب، الذي تفرضه صعوبات المرحلة الاقتصادية القادمة
فإذا ما كان عام 2012 هو عام تراجع وتوقف، فإن الإنتاج الاقتصادي في العام القادم، يرتبط ارتباطاً عميقاً بتوقفات وتراجعات 2012، ليؤدي حتى مع تحسن الظروف الأمنية إلى صعوبات كبرى، فأراض لم تزرع وصناعات توقفت ومعامل دمرت وكل هذا سيحتاج إلى عملية إنعاش يجب أن تمتلك الدولة أدواتها، التي سيكون في مقدمتها احتياطي القطع الأجنبي. الحفاظ على القطع اليوم بعد الهدر الكبير الذي تم يتطلب خطوات واثقة وجريئة، ويتطلب مواجهة أيضاً مع قوى اقتصادية كبيرة مستفيدة من «سياسة الهدر» المتمثلة بالضخ في السوق، مقترحات تقدم على طاولة الحكومة سنضيء على جزء منها لما لها من أهمية كبرى، علّ الإضاءة تسرع الإقرار والتنفيذ:
وقف ضخ العملات الصعبة في الأسواق إلا بشكل استثنائي ولأسباب جوهرية، وبموافقة سلطات عليا.
منع التعامل وبشكل كامل بالعملات غير السورية في الأسواق من حيازتها إلى نقلها إلا بموافقات.
وقف تمويل استيراد المنتجات النهائية (المصنّعة) بشكل كامل، بفرض رسوم أعلى على استيرادها.
خطوات المنع المذكورة تعيق تدفق الاحتياطي إلى السوق، وتتناسب مع الواقع المعاشي للمستهلك السوري حالياً الذي قد تخلى عن الكثير من كمالياته، ولكن هذه العملية التي قد تؤدي حكماً إلى رفع الأسعار تحتاج إلى دعم المواد المصنعة محلياً، وإلى دعم المواد الغذائية والحاجات الرئيسية وهذا يتطلب:
دعم استيراد المواد الاولية الداخلة في الصناعة، مقابل خطة لتشجيع الصناعات المحلية والورش الصغيرة.
توفير المواد الغذائية الضرورية من الحكومة، واستمرار الدعم وتكييفه ليرتفع مع ارتفاع مستوى الأسعار.
الحصار السابق على سورية شكل دفعة قوية لشركات ومؤسسات القطاع العام ولدور الدولة عموماً على الرغم من عدم وصول مستوى العقوبات والتضييق إلى المستوى الحالي، ومع ذلك فإن الحصار الحالي لم يدفع بعد إلى انتقال منطق العمل الحكومي إلى مستوى الأزمة، ويعود ذلك إلى توسع قوى المال والريع خلال المرحلة السابقة بشكل كبير، وتوسع الفساد والسمسرة المرتبطة بها في جهاز الدولة بمستوى مرافق، ما أدى إلى تراجع دور الدولة.
تضع الأزمة والظرف الاقتصادي الصعب الجميع أمام استحقاقات هامة، وإذا لم يستطع جهاز الدولة السوري أن يستعيد بحكم الضرورة دوره الاقتصادي خلال الأزمة، فإن المضاعفات ستتفاقم إلى حد غير مسبوق.
التعامل مع الاحتياطي والسياسة النقدية إحدى المستحقات الخطيرة اليوم، فإما أن تدفع قوى المال وكبار المضاربين ورجالاتهم في جهاز الدولة إلى المزيد من هدر الاحتياطي، وإما أن يستعيد جهاز الدولة زمام المبادرة، وتكون السياسة النقدية مفتاحاً لاستعادة الدور في دعم الاستهلاك، وفي التجارة الخارجية، وفي دعم الإنتاج وتوجيهه بالضرورة..