التّضخّم وآليات قياس الناتج المحلي.. على طاولة «الثلاثاء الاقتصادي»
د. قدري جميل: إعادة النظر بسلة الاستهلاك ضرورة موضوعية
«يعدّ وجود التضخم في اقتصاد دولة ما تعبيراً عن قصور السياسات الاقتصادية في تلك الدولة عن تحقيق أحد أهم أهدافها ألا وهو هدف الحفاظ على الاستقرار العام للأسعار»،
بهذه الكلمات بدأ د. قدري جميل توجيه سهامه للسياسات الاقتصادية الليبرالية التي تنتهجها الحكومة منذ سنوات، وجاء ذلك خلال محاضرته في ندوة الثلاثاء الاقتصادي الأخيرة تحت عنوان «التضخم في سورية»، حيث بيّن الباحث الاقتصادي وجود ارتباط قوي ومباشر بين السياسات الاقتصادية وأهدافها وكفاءة وفعالية أدائها، وبين الجوانب البنيوية والهيكلية للنظام السياسي، فهنا حسب قوله تكمن «أهمية الدور الذي تلعبه الدولة في تفادي هذه الظاهرة أو استغلالها في تحقيق بعض أهدافها السياسية والاقتصادية، وبالتالي فأن القضاء على التضخم يعتبر من المهام الرئيسية للحكومات عندما يكون ذو آثار تدميرية على الاقتصاد وعلى المجتمع».
وفي سياق محاضرته تساءل الباحث: هل يمكن تجنب التضخم، وهل يمكن العيش دون هذا المصطلح الذي اصبح جزءاً من الحياة اليومية لأي مواطن؟! وبين أنه من المرجح أن جذر هذا الموضوع يعود إلى حجم الكتلة النقدية في التداول التي يجب أن تتقرر استناداً إلى حجم الكتلة السلعية، على أساس المعادلة المعروفة: (حجم الكتلة النقدية في التداول= حجم الكتلة السلعية المنتجة خلال فترة معينة/سرعة دوران النقد). لذلك فان أي حساب غير صحيح للكتلة السلعية باتجاه تعظيمها يؤدي تلقائياً إلى زيادة غير مبررة للكتلة النقدية وبالتالي إلى التضخم الذي يلمس على السطح بارتفاع الاسعار وانخفاض القوة الشرائية للأجر..
وموضوع الكتلة السلعية يدفعنا بالتالي، حسب د. جميل، لتدقيق مفاهيم تعبر عنها وهي بالدرجة الأولى الدخل الوطني والناتج المحلي الإجمالي، حيث يلاحظ وجود اختلافات كثيرة في مفاهيم الناتج المحلي الإجمالي أو الدخل الوطني من باحث لآخر ومن زمن لآخر.
وتناول د. جميل التضخم في الاقتصاد السوري خلال الفترة (2000-2010)، حيث أوضح أن الاقتصاد السوري عرف خلال الخطة الخمسية التاسعة اتجاهاً تضخمياً امتد على مدار هذه الفترة، أما خلال الفترة (2005-2009)، فأوضح أن الاقتصاد السوري عاش فترة تحول إلى « اقتصاد السوق الاجتماعي» خضعت خلالها السوق السورية لقوانين العرض والطلب، وتحرر الاقتصاد من القيود، ولم يشهد مستوى المعيشة تحسناً، ويعود ذلك لأسباب كثيرة منها انخفاض مستوى الأجور والدخل المتاح أمام الاستهلاك الحقيقي، وأيضاً وجود ارتفاع في المستوى العام للأسعار الحقيقية بشكل ملحوظ، أما الأرقام القياسية المعلنة لمختلف القطاعات وخاصة مكون الغذاء الذي يظهر ارتفاعاً متواضعاً خلال الفترة (2006 -2009) حيث يرتفع مؤشر الرقم القياسي لأسعار الغذاء من 112 إلى 148.
ولاحظ د. جميل بعد تحليله لمعدلات التضخم، أن التضخم كان في أدنى مستوياته عام 2002 بمعدل (1%) ومن ثم استمر في الارتفاع حتى وصل إلى (10%) عام 2006 وبعدها انخفض في 2007 ولكنه بسب الأزمة المالية العالمية ارتفع بشكل كبير في عام 2008 نتيجة ارتفاع أسعار الغذاء والنقل بشكل أكبر بمعدل (15,2%)، ومن ثم بدأ في الانخفاض عام 2009 ليصل إلى معدل (2,3%) وذلك وفقاً للأسعار الرسمية الصادرة من المكتب المركزي للإحصاء.
واختار الباحث د. جميل في تشخيصه العلاقة بين التضخم الرسمي والواقعي ثلاثة مكونات رئيسة وهي: الإيجارات التي تعتبر من المكونات الرئيسية، واللحم، أحد المكونات الرئيسة للغذاء الذي يشكل بدوره (42%) من سلة الاستهلاك، وكذلك الذهب كمعادل عام لكل السلع، وتمت مقارنة أسعارها بالسنوات العشر الماضية لمعرفة حجم الارتفاعات الحقيقية من خلال دراسة واقع السكن في بعض الأحياء الشعبية.
ووفقاً لما ذكره، فتبين الدراسة أن وسطي أسعار الإيجار الفعلي قد ارتفع خلال الفترة (2000 – 2009) من 4000 ليرة إلى 11000ليرة، أي بنسبة (275 %) استناداً لعملية حساب التضخم بشكل تراكمي قياساً بالتغير السنوي، وليس بشكل إجمالي، أما بالنسبة لأسعار الذهب، فقد بلغ وسطي نسبة الارتفاع الفعلية لأسعار الذهب خلال الفترة 2000-2009 بمقدار (321%)، أما التضخم الرسمي فقد كان متواضعاً، وكما نعلم أن ارتفاع أسعار الذهب له أثر في التضخم، أما بالنسبة للحمة، فقد كان وسطي نسبة الارتفاع في أسعارها تجاوز (320%) خلال الأعوام التسعة السابقة، وهذا أيضاً دليل على سلة الاستهلاك المثقوبة.
وبالنتيجة نجد أن الارتفاعات التي شهدتها أسعار السلع الثلاث السابقة، يعطينا مؤشراً تقريبياً على وسطي ارتفاع أسعار سلة الاستهلاك بشكل عام، والذي وصل خلال الأعوام المدروسة (2000-2009) إلى (305%)،أي أن الفارق بين أرقام التضخم الرسمية وارتفاعات الأسعار الفعلية في الأسواق وصل إلى (138%)!.. وهذا ليس بفرق طبيعي بالتأكيد وهذا يتطلب من المكتب المركزي للإحصاء مراجعة حساباته وتدقيق أرقامه، أن لم نقل تصحيحها وتغيرها بشكل جذري!.. وهكذا نجد أن المقارنة من خلال الحسابات البسيطة السابقة تؤكد حجم الهوة الواسع بين تضخم الأسعار الفعلية وأرقام التضخم المعلنة، وبالتالي المقارنة تنطبق أيضاً على الكثير من السلع والخدمات التي لم نذكرها وخاصة المواد الغذائية، حيث أن المشكلة في الارتفاع المستمر في مستوى الأسعار، هذا الارتفاع الذي يعكس مستوى التضخم الذي يضعف القيمة الشرائية لليرة السورية على الدوام، وبالتالي يخفض مستوى المعيشة للسوريين، حيث إن الأجور لا تغطي الاحتياجات اليومية للمواطن العادي، وهذا ما يجب أن يظهره معدلات التضخم، ولكن معدلات التضخم المعلنة لا تزال تخفي تلك الارتفاعات.
وتابع د. جميل: من خلال المقارنات البسيطة نكتشف انحدار وتهاوي مستوى المعيشة، وهناك ما يدل على أن الهوة بين الأسعار والأجور إلى ازدياد، وذلك بسبب السياسات الليبرالية التي أصبحت مثل الوباء في الاقتصاد. وتساءل: لماذا الهوة بين الأسعار الفعلية ونسب التضخم المعلنة؟ موضحاً وجود سببين للأمر هما:
1 - إما أن تثقيلات السلة صحيحة وبالتالي الخلل الوحيد الذي يسبّب الفجوة هو وجود غلط بحساب الأسعار.
2 - أو أن الأسعار محسوبة بشكل صحيح وبالتالي الخلل هو بتقسيمات سلة الاستهلاك وتثقيلاتها.
وتابع: من خلال دراستنا نجد أن المشكلة ليست بالأسعار وحساباتها وإنما المشكلة هي بتقسيمات وتثقيلات سلة الاستهلاك التي يجب إعادة النظر في بنائها وتشكيلها وحسابها وفقاً لأسس ومنهجيات واقعية حتى تكون ارقام التضخم المعتمدة عليها أكثر دقة وواقعية بحيث تعكس الحاجات المتجددة وتطورات مستوى المعيشة وأيضاً تعبر عن واقع الحال الذي يعيشه المواطن السوري.
وعن ثغرات سلة الاستهلاك في سورية، قال د. جميل: إن التطورات التي تشهدها الحياة الاقتصادية بمختلف المجالات، وخاصة في مجال الإنتاج والتصنيع، وظهور سلع وخدمات جديدة في الأسواق، وتغير أساليب وأنماط المعيشة والاستهلاك، أدى إلى زيادة الإنفاق الحقيقي للمواطن مقارنة بالدخل الذي يحصل عليه، وهذا يجب أن يكون واضحاً بسلة الاستهلاك التي تعبر عن الإنفاق الحقيقي، إلا أن سلة الاستهلاك الرسمية لا تعبر عن واقع الاستهلاك والإنفاق الحقيقي الذي يعيشه المواطنون، وذلك بسبب اعتبارها بعض السلع على أنها هامشية، بينما التطور الحالي في أسلوب المعيشة جعلها من متطلبات الحياة الأساسية.
وبين د. جميل أن مكون الغذاء يأخذ حجماً كبيراً من استهلاك الأسر المعيشية حسب السلة، حيث بلغت تكلفة الأغذية والمشروبات غير الكحولية 10080 ل.س من متوسط إنفاق الأسر (24000 ليرة سورية)، ولكننا نجد أن متوسط إنفاق الأسر على الغذاء أكبر من الرقم السابق، وهذا يجعل من النسبة المعتمدة لدى المكتب المركزي للإحصاء (42% من مجمل السلة الاستهلاكية) غير كافية.
أما تكلفة السكن والمياه والكهرباء فتبلغ 5280 ل. س، حيث إن النسبة المخصصة للإيجار (15%)، والتي تشكل مع الإضاءة والوقود (22%) فقط، أي أنها أكثر من ذلك الرقم بسبب ارتفاع أسعار الإيجارات، كما أن تكلفة الاتصالات والتي كانت محسوبة على الهاتف الثابت فقط فمحددة بـ720 ل.س، ولكن في الواقع هي أضعاف هذا الرقم بكثير بسبب ظهور أجهزة الخليوي والانترنت اليوم، وفي ظل غلاء تكلفة الاتصالات أساساً، ووزنها في السلة فقط (3%) وهي نسبة ضئيلة، كما أن ارتفاع الأسعار وخاصة الوقود أثر في مختلف القطاعات الإنتاجية والخدمية من خلال زيادة تكاليف الإنتاج التي انعكست على أسعار السلع والخدمات الاستهلاكية وغيرها، وسببت في ارتفاعها، وهذا ما أدى إلى زيادة تكاليف المعيشة بشكل أكبر من السابق، وبالتالي ارتفاع الأسعار أمام مستوى الدخل الذي يحصل عليه المواطن، وظهور سلع وخدمات جديدة وتغير أنماط الاستهلاك سببت خللاً في أوزان سلة الاستهلاك وجعلها بعيداً عن الواقع.
وفي ختام محاضرته، شدد د. جميل على أن ماضي سلة المستهلك السوري وحاضرها لم يكونا تعبيراً حقيقياً عن واقع الحال الذي يعانيه المواطن من ارتفاع في تكاليف المعيشة مقابل الدخل المتاح له، حيث إن معادلة التضخم الكلي ستختلف باختلاف نسبة مساهمة مكونات سلة الاستهلاك المعتمدة، حيث نجد أن مكون الأغذية والمشروبات غير الكحولية 4180 نقطة أي 42% من سلة الاستهلاك، بينما هو في الواقع يستحوذ على نسبة تصل إلى أكثر من50%، وأن زيادة حجم هذا المكون في السلة دليل على انخفاض مستوى المعيشة، وانخفاض الدخل الذي يحصل عليه المواطن العادي. مشيراً إلى الضرورة الموضوعية لإعادة النظر بتقسيمات وتثقيلات سلة الاستهلاك لرسم الصورة الحقيقية لمستوى المعيشة ومستوى الانفاق الحقيقي للمواطن السوري، وحتى تكون السياسات المعتمدة على هذه المؤشرات تسير في اتجاهها الصحيح من أجل الوصول إلى أفضل الخطط والقرارات التي تخدم المواطنين.
وضمن المحاضرة جاء العديد من المداخلات أهمها:
أشار د. قنبرية إلى أن الناتج المحلي الإجمالي مؤشر هام لكنه مضلل، سواءً بطريقة احتسابه، أو بالعينات الاقتصادية التي يعتمد عليها، أو بمنظور الحساب، فحسب الحسابات القومية الإنتاج يساوي الدخل ويساوي الإنفاق، كما أن الطريقة المتبعة حالياً لاحتساب الناتج المحلي الإجمالي هي من وجهة نظر الإنفاق منذ العام 1981، وهي ليست دقيقة، وهي بدلاً من طريقة حساب الناتج المحلي على أساس القيمة المضافة الحقيقية، وذلك وفق الدراسة التي قدمها الدكتور نزيه شلق بالتعاون مع الأمم المتحدة، لأنها تختصر فعلياً 40% من الناتج المحلي على أساس الإنفاق.
والنتيجة النهائية لتقرير استغ لس، اتفقت نقابات العمال في فرنسا والمعهد الوطني للإحصاء للدراسات الاقتصادية ورجال الأعمال على تخفيض القيمة المضافة من الناتج المجلي الإجمالي بنسبة تتراوح بين /12 ـ 15/، وهي الإنتاج المحتسب الذي لا يمثل شيئاً (يمثل رقماً إحصائياً).
أما د. عابد فضلية فأشار إلى أن التضخم المرغوب (2 ـ 3%) هو أفضل من الركود، فالركود ضد مصلحة قطاع العمل، وأوضح أن ارتفاع التضخم ينعكس سلباً على الطبقات الأوسع في المجتمع، وخصوصاً أصحاب الدخل المحدود، ولكن عندما يصبح هناك الركود تضخماً ثم ركوداً، فبذلك يصبح هناك كارثة اقتصادية.
وعدد د. فضلية أسباب التضخم الاقتصادي في سورية، والتي من أهمها، احتكار القلة، وهو من الأسباب غير المبررة لرفع الأسعار، موضحاً أن أرقام إنفاق الأسرة السورية على الغذاء يتراوح /48 ـ 52%/، وهذا يعني أن هناك مشكلة كبيرة كون السلع الأكثر غلاءً هي سلع الغذاء من جهة، ولأن احتكار القلة متركز في أهم السلع الغذائية، وهذا يعني أننا نعاني من مشاكل مضاعفة.
وأضاف فضلية أن عدم دقة التوازن بين الكتلة النقدية والسلعية هو أحد الأسباب أيضاً، فهناك أموال تضخ في الاقتصاد والاستثمار غير مرصودة، وهناك تحويلات خارجية غير مرصودة، وكلها تضخ في الاقتصاد دون أن يقابلها كتلة سلعية.
وأشار د. فضلية إلى انتشار ثقافة الغلاء، والتي أصبحت مسألة نفسية وليست موضوعية، وهي تضاف إلى الأسباب الموضوعية، فإذا كنت انفق نصف دخلي على الغذاء، فهذا يعني أن ارتفاع نسبة الغذاء 10% سيؤثر على الإنفاق الكلي بنسبة توازي نصف الدخل، أي أنه كلما كانت السلعة تأخذ جزءاً من الإنفاق كلما أثر ارتفاع سعرها بشكل أكبر من سلع أخرى تأخذ جزءاً أقل من الإنفاق العائلي.
ومن جانبه أوضح د. عارف دليلة أنه منذ أربعين عاماً وحتى الآن (من أواخر الستينيات) بلغت ارتفاعات الأسعار نحو /500%/ للعقارات، و100% للمواد الغذائية، وبالمتوسط بلغ ارتفاع الأسعار في سورية 125% لكن بالنسبة للأجور فالارتفاع كان بين /30 ـ 40%/، أي أن الدخل الحقيقي خسر 75% من قيمته الحقيقية.
وأشار د. دليلة إلى أن التضخم المستورد يمكن تخفيفه، ففي الستينيات كان معدل التضخم صفراً في سورية، والأسعار بقيت فترة طويلة ثابتة على حالها، لأن الإنفاق كان مضبوطاً، فالفساد وفلتان الإدارة هما السببان الأساسيان للتضخم.
وبدوره د. غسان إبراهيم بيّن أن التضخم لا يعبر عنه برقم، لأن الدخل يقارن بالحاجات الأساسية الضرورية، فإذا كان هذا الدخل غير كافٍ، فإن معدل التضخم لا يمكن التعبير عنه برقم، مشيراً إلى أن التضخم الصفري ليس لمصلحة المنتجين، وبالتالي، فإن التضخم بالنسبة لطبقة اجتماعية هو لعنة، وهو نعمة لطبقة أخرى، فالمنتج يرغب بارتفاع الأسعار إلى ما لا نهاية، بينما المستهلك يرغب في انخفاض السعار إلى ما لا نهاية.
أما د. قحطان السيوفي وزير المالية الأسبق فقد اعتبر أن التضخم يعمل على تقليص القيمة الحقيقية للعملة الوطنية، وأشار إلى أن الأزمة الاقتصادية العالمية ستؤدي إلى تضخم كبير على الدول النامية، ولذلك فإن على هذه الدول اتخاذ إجراءات استباقية لمواجهة هذا التضخم. وأشار إلى ضرورة تركيز الدول النامية على الأمن الغذائي في مواجهة التضخم، موضحاً أن أدوات السياسة المالية (ضرائب، إنفاق عام، تمويل بالعجز) وأوراق السياسة النقدية (سعر الفائدة، سعر الصرف، استقرار الأسعار) هي المسؤولة عن التضخم، ولذلك يجب التنسيق بين أدوات السياسة المالية والنقدية.
وبدوره د. علي كنعان، أوضح أن التضخم ليس عيباً أو مشكلة اقتصادية، وأشار إلى أن معدلات التضخم منخفضة جداً في الدول الأوروبية وأمريكا على الرغم من إصدار آلاف التريليونات، والسبب يعود لوجود عدالة في توزيع الدخل، حيث إن الأجور مرتبطة بالأسعار وبمعدل التضخم، فعند زيادة الأسعار بنسبة /2 ـ 3%/ ترتفع الأجور بالنسبة ذاتها للتعديل، وهكذا تم إلغاء التضخم كظاهرة نقدية واقتصادية سلبية على الاقتصاد.
وشرح د. كنعان آثار التضخم ودوره في الدول النامية، وسورية جزء منها، والمتمثل بتفضيل العمل الخدمي على العمل الطفيلي، لأن الخدمي ليس له سعر، والإمكانية متاحة لرفع السعر على قدر الرغبة، وبالتالي تنتقل اقتصادات الدول النامية من اقتصادات إنتاج حقيقي إلى إنتاج خدمي، والذي وصلت نسبته إلى 40%، وهذا بفضل التضخم.
أما معن خالد الطالب في كلية الاقتصاد، فقد أوضح أن التضخم المرغوب تم تبريره بتوسع الإنتاج تاريخياً، ولكن إسقاطاته على الوضع الحالي غير ممكنة، لأن هناك أزمة فيض إنتاج، فما هو مبرر إعادة طرح فكرة كهذه التي أتت في ظروف تاريخية محددة؟! فالحديث عن فكرة إلغاء التضخم لعدم رؤيتنا طريقة المعالجة غير مبرر، وغير علمي، حيث إن هناك طرقاً أخرى لإخفاء عملية التضخم، سواءً من خلال تظهيرها على سلاح أو حروب أو أي أدوات أخرى.