أبعد من الرقابة.. أقرب إلى الخلل الهيكلي
خلال الشهرين الماضيين ارتفعت أسعار الزيوت المباعة في السوق المحلية والمنتج منها محلياً بنسبة تتراوح بين 40%- 48%
عوامل عديدة قد ترتبط بالموضوع بينما يختصرها البعض ليوجه سهامه إلى عملية الرقابة فقط. تناقلت «التصريحات والتحليلات» الإعلامية الموضوع من زاوية الرقابة، في سيناريو «التجاهل» المتكرر عند الحديث عن ارتفاعات الأسعار. إن إدانة الرقابة تتطلب إدانة الرقابة على كل المستويات، رقابة تراجع القطاع الزراعي، رقابة على إعاقة الاتجاه الطبيعي للتكامل الزراعي الصناعي، والرقابة على دور الدولة المتراجعة، مقابل وزن الحلقات الوسيطة بين المنتجين والمستهلكين المتفاقم والمحدد للسياسات بحيث تبقى لمصلحة الاستيراد..
يربط العديد من العاملين في مجال الزيوت والتجار ارتفاع الأسعار بتوسع التصدير لزيت الزيتون من جهة، وبتراجع عمليات استيراد الزيوت، وبظروف الصناعة المرتبطة بالأزمة، لتكون النتيجة الحتمية مع تراجع الكميات ارتفاع الأسعار وتحديداً في ظل الظروف الحالية، التي ترتفع فيها أسعار المواد المستوردة. بينما يدقق الإعلام اليوم في دور الرقابة على أسعار السوق النهائية من كل سلسلة المسببات المذكورة سابقاً والتي تنتهي شكلياً في الرقابة وتبدأ من الأخطاء الهيكلية ويمكن أن نجملها:
تراجع المساحات المزروعة من المحاصيل المنتجة للزيوت لأسباب بعضها موضوعي يتعلق بالاستهلاك الكبير لهذه المحاصيل للمياه، وبعضها غير موضوعي يتعلق باعتماد الاستيراد كبديل يحقق ربحاً أسرع، ويحقق مصلحة أضيق.
عدم تطوير صناعة القطاع العام من زيت بذور القطن، وعدم تسويق المنتج بشكل جيد، بالإضافة إلى عدم دخول الدولة إلى صناعة الزيوت النباتية الأخرى.
عدم استيعاب زيت الزيتون المنتج بكثافة من الدولة، وترك هذا المنتج الاستراتيجي للأسواق فقط، بحيث تحولت الفائدة الأكبر لاتفاقية التصدير إلى التجار وأصحاب معامل الفلترة والتكرير، ليبقى المنتج الزراعي خارج إطار رفع الأسعار المطلوب، وليدفع المستهلك ثمن الإهمال.
عدم التنسيق مع صناعات القطاع الخاص العاملة في مجال الزيوت، عن طريق دعم البذار المستوردة، ما يخفض من أسعار منتجاتها ويخفف من حجم الاستيراد.
عدم استكمال العمليات الإنتاجية لهذه الصناعة التي تحقق وفراً كبيراً، حيث إن البذار المستوردة من الممكن تحويل كسبها إلى أعلاف، ما يحقق وفراً في مستوردات الزيوت النباتية ومستوردات الأعلاف، ويزيد نسبة الاكتفاء في مادتين تندرجان ضمن متطلبات الأمن الغذائي..
«لو إنّي الحكومة..»
إذا كانت الحكومة تفكر في تغطية حاجة السوق من الزيت النباتي أو زيادة الكميات المنتجة محلياً لتخفيض الأسعار.. فعليها أن تقدم دعماً في الموضع الذي يزيد الإنتاج المحلي:
دعم المحروقات المطلوبة
دعم البذار المستوردة بما يحقق وفراً يتيح زيادة الإنتاج وإلزام ومساعدة صناعات القطاع الخاص باستكمال الإنتاج للصناعات العلفية.
دعم تسويق زيت الزيتون محلياً من المنتج للمستهلك، وخارجياً من المنتج إلى الدولة، لتخفيف حجم الريع..
إضافة مخصصات استثمارية لتحسين إنتاج القطاع العام من زيت بذور القطن، ولتحسين شروط إنتاج وتخزين وعصر زيت الزيتون.