في كلية الاقتصاد: «احتياطي سعر صرف»... ويدوم النقاش
استحقاقات اقتصادية هامة تطرح حالياً للنقاش والتداول وأهمها موضوع سعر الصرف، في ظل السياسة الأحادية المتكررة للمركزي التي ركزت على استخدام احتياطي القطع الأجنبي لحماية سعر الصرف، والتي لا يأتي استمرارها بنتيجة في مواجهة الواقع الموضوعي لظروف الأزمة الاقتصادية
التخبطات الحالية في سياسة المركزي وعدم وضوح التوجه الحكومي للتعامل مع قضية سعر الصرف كلها تعكس تبايناً في المواقف والتوجهات..
استحقاق سعر الصرف اليوم أبعد من «حساسية» السوق لتصريحات المركزي، ولتحركات المضاربين والمستفيدين، استحقاق سعر الصرف في لحظة الأزمة يتجاوز هذا كله، لينتقل ويوضع في موازاة قضية الاحتياطي وحمايته، وما ينسحب على ذلك من قدرة جهاز الدولة على الاستمرار بمفاصل دوره الاقتصادي الاجتماعي المتبقية من جهة، والمستوى القادم من دور الدولة المطلوب مع تصاعد الأزمة الاقتصادية ونشوء متطلبات من نوع إغاثة، وإعادة إعمار، وتأمين مواد استهلاكية أساسية بأسعار مدعومة، وتحريك ماهو قادر على الاستمرار من النشاط الاقتصادي الحقيقي الزراعي والصناعي.. وكل المفاصل الاقتصادية الرئيسية التي إذا تركت بلا تخطيط وللفراغ فإن هذا يجعلنا أقرب ما نكون لاحتمالات انهيار الدولة..
يُعبّر اليوم عن أهمية هذا الاستحقاق بتوجه الكثير من الفعاليات الاقتصادية والأكاديمية لنقد سياسات المركزي ولطرح تساؤلات حول اتجاه سعر الصرف والاحتمالات المترتبة عليه. وفي هذا السياق عقد في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق بتاريخ 21• 4• 2013 ورشة عمل بعنوان: «الاحتياطيات الأجنبية وسعر الصرف وأثرهما على السياستين المالية والنقدية « بدعوة من كلية الاقتصاد والجمعية العربية للبحوث الاقتصادية، دُعي إليها النائب الاقتصادي د.قدري جميل، نلخص بعضاً من النقاط الأساسية التي طرحها في إطار مناقشة أوراق العمل المقدمة للورشة:
• ارتفاع سعر الصرف وبالتالي تراجع قيمة العملة السورية هو نتيجة لخلل جوهري في العلاقة بين الكتلة السلعية وبين كمية النقد في التداول أو الكتلة النقدية حيث تتراجع الاولى مقابل زيادة في الثانية لتؤثر بنسب متقاربة في تغيرات سعر الصرف.
• تراجعت الكتلة السلعية بنسبة 50% خلال العامين الماضيين، بينما ازدادت الكتلة النقدية بنسبة 70%، ليكون مستوى التغير والاختلال بين الكتلتين بنسبة 120%.
• ارتفع سعر صرف الدولار منذ بداية الأزمة من 50ل.س ليصل إلى 120 ل.س، أي أن قيمة العملة المحلية قد تراجعت بنسبة تقترب من 120% كذلك.
• توضح الأرقام التقريبية انعكاساً للقانون الموضوعي ليعبر التقارب عن العلاقة المباشرة بين تراجع قيمة العملة وارتفاع سعر الصرف من جهة، مع الاختلال في توازن العلاقة بين الكتلة السلعية والكتلة النقدية من جهة أخرى.
• سعر الصرف هو أحد نتائج غياب الفهم الدقيق وبالتالي التخطيط لإقامة التوازن بين الكتلة السلعية والكتلة النقدية، لذلك اعتماده كهدف مركزي هو خطأ علمي يؤدي إلى كوارث.
• كنتيجة لهذا الخطأ العلمي يحاول البعض الربط بين عجز الموازنة وسعر الصرف وهو ربط خاطئ، حيث يعتبر هؤلاء أن رفع سعر الصرف يتطلب التخفيف من عجز الموازنة والهدف المباشر من هذه العملية سيكون استهداف الدعم، ليؤدي رفعه إلى مزيد من التضخم، وتحويله من شكل سلعي إلى شكل نقدي، مساهماً في المزيد من اختلال التوازن بين الكتلتين.
• تحريض العملية الإنتاجية وزيادة الكتلة السلعية هو جوهر موضوع سعر الصرف وقيمة العملة، ليبقى للمتغيرات الأخرى المتعلقة بتقلبات المعروض النقدي، دولار/ل.س أثراً ثانوياً غير محدد.
• تحريض العملية الإنتاجية هو الجوهر لأنه يرتبط بموازنة الكتلة السلعية المنتجة مع الكتلة النقدية في التداول.
جملة هذه المعطيات تجعل التساؤل اليوم مشروع بين: هل نحافظ على الاحتياطي؟! أم نحافظ على سياسة حماية سعر الصرف!؟ لأن استخدام الاحتياطي في حماية سعر الصرف هو تغيير في المعروض النقدي ولا يقترب من حل الخلل الرئيسي المتعلق بتراجع الكتلة السلعية وزيادة الكتلة النقدية بل قد يفاقمه..