البطالة أحد أسباب الفقر في سورية متاهة ثالوث عرض قوة العمل.. والطلب عليها.. والسياسات القاصرة
تُشكّل قوة العمل الكامنة في الموارد البشرية المصدر الحيوي الذي يعتمد عليه الاقتصاد الوطني.
وتكمن أهمية هذه الموارد في ما تملكه من طاقات ومعارف ومهارات وقدرة عمل تُستخدَم لإنتاج السلع والخدمات لبناء المجتمع وسد حاجاته، ولذلك فهي تمثل جزءاً هاماً من الموارد الاقتصادية لأي مجتمع، وعاملاً أساسياً في عملية الإصلاح والتطوير والتحديث، إذا تم إعدادها وتأهيلها وجعلها قادرة على المشاركة الفعالة، إذ لا تنمية ولا تطوير دون العنصر البشري.
وإذا كانت أهمية العمل تنبع من أنه وسيلة لتأمين الحاجات الأساسية للإنسان، من مأكل ومشرب ومسكن وملبس وكرامة، فإن الجانب الأكثر أهمية في العمل هو أن يكون للإنسان حرية اختياره بما يتناسب وقدراته وكفاءاته ليلبي رغباته واهتماماته، ويكون باستطاعته الإبداع فيه، وبمعنى آخر التخلص من المفهوم والممارسات التي تَعتبِر العمل أداة استلاب واستعباد مقابل التحكم بالأجر، ضمن الظروف التي تفرضها الحياة المعيشية اليومية، ليصبح العمل حاجة إنسانية وأداة لتحقيق الذات والإبداع.
فالعامل في الاقتصادات المشوهة نراه عبداً خاضعاً لعمله ومغترباً عنه، كما هي الحال اليوم في ظل هيمنة نمط الإنتاج الرأسمالي، حيث يعمل معظم سكان الأرض من أجل الحصول على المال الكافي لتأمين استمرار حياتهم، بينما تستغل القلة القليلة هذه القوة من أجل مراكمة الثروة، متبعةً من أجل تحقيق هذه الغاية وضمان استمرار هذا النمط من الإنتاج، أبشع أساليب الاستغلال والسياسات والقوانين التي تخدم أهدافهم، غير آبهين بالنتائج المترتبة على ذلك من ضحايا ومجاعات وأمراض وتلويث للبيئة وتدمير للكوكب الذي نعيش عليه.