نتائج استباق أجندة الإسكوا في عشر سنوات

نتائج استباق أجندة الإسكوا في عشر سنوات

في مقارنة ما بين الطروحات الدولية للسياسات الاقتصادية التي تقدمها منظمة الإسكوا وما بين صياغة القرار السياسي الاقتصادي في سورية خلال عقد الألفية يتضح أن سورية كانت من الدول السبّاقة من خلال تبنيها لاقتصاد السوق «الاجتماعي» للسير على خطى الإسكوا بسياسات النمو التنمية التي تطرحها لما بعد النزاعات وللنمو الاقتصادي عموما.. سنلخص محددات الإسكوا الرئيسية ونعود إلى ليبرالية العقد الماضي ونقيم النتائج..

محددات من الإسكوا

 

 

تشير دراسة للإسكوا بعنوان «العجز في مقومات الحكم واحتمالات تكرار النزاعات» الصادرة في عام 2011 بأن حوالي 44% من البلدان التي تخرج من النزاع تعود إلى حالة النزاع في غضون خمس سنوات بعد انتهائه وتجد نفسها في مواجهة مخلفاته، لتصل إلى استنتاج بأن ازدياد الموارد التي تخصصها الحكومة للاستهلاك العام في سنوات ما بعد النزاع، يزيد من خطر نشوب حرب جديدة..! بينما في الدراسة ذاتها يقاس التقدم في عملية تعبئة موارد التنمية بتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر ومدى نجاح الدول الخارجة من النزاع باجتذابه من جهة، و بتحرير التجارة الدولية التي تعتبرها محرك للتنمية من جهة أخرى.!

 

بين مؤتمرين..التمهيد «للدردرة»

 

 

بتاريخ (17-21 حزيران 2000) في المؤتمر التاسع لحزب البعث وضمن التوصيات الاقتصادية ورد التبني الأول للسياسات الليبرالية في سورية ونقتبس:
«أوصى المؤتمر بوضع رؤية اقتصادية تحديثية لجميع قطاعات الاقتصاد الوطني، المالية والنقدية والمصرفية والإنتاجية والاستهلاكية والتسويقية، بهدف إعادة التوازن في الاقتصاد الوطني، ومعالجة التشوهات في بنيته الأساسية، وفي مقدمة ذلك تفعيل التعددية الاقتصادية... كما أكد المؤتمر أهمية دور القطاعين الخاص والمشترك في هذه التعددية الاقتصادية ومواكبة المستجدات في النظام الاقتصادي العالمي الجديد والتكتلات الاقتصادية والشراكة الأوربية... وإصدار القوانين والتشريعات المناسبة، والبدء باتخاذ الإجراءات التي هدفها تشجيع الاستثمار». 

 

بعد خمسة أعوام وفي البيان الختامي للمؤتمر القطري العاشر لحزب البعث العربي الاشتراكي في السادس من حزيران 2005 فقد ورد: «..مواصلة العمل على بناء شراكة سورية أوروبية تحقق مصالح الطرفين وتضمن تعاوناً في المحاور السياسية والاقتصادية والثقافية والعلمية بعد التوقيع النهائي على اتفاق الشراكة... وأكد المؤتمر استكمال مشروع الاصلاح الاقتصادي وتكليف الحكومة بوضع الخطة الخمسية العاشرة قبل نهاية العام وصياغة برنامج الإصلاح الاقتصادي في ضوء ذلك... وأقر مبدأ اقتصاد السوق الاجتماعي».

 

الدردري والخطة الخمسية العاشرة

 

ورد في «السياسات الاقتصادية ومقومات برنامج الإصلاح الاقتصادي- الخطة الخمسية العاشرة» الصادر عن هيئة التخطيط وضمن أهداف الهيئة:

 

 

إعادة النظر بالدعم، وضبط الإنفاق الحكومي.
إدخال ضرائب جديدة مثل ضرائب القيمة المضافة والضريبة الموحدة..

 

أما في التقييم الذي قدمه عبد الله الدردري في ندوة جمعية العلوم الاقتصادية في عام 2009 للخطة الخمسية العاشرة فقد أشار إلى أن سورية في توجهها نحو اقتصاد السوق الاجتماعي قد حققت انجازات أساسية في هدف الاندماج بالاقتصاد العالمي في ثلاث نقاط رئيسية: النظام التجاري، الاستثمار الأجنبي المباشر، الاتفاقيات التجارية، بينما لم تستكمل بعد العضوية في المؤسسات الدولية.

 

سورية سبّاقة إلى برامج الإسكوا

 

المعلومات الواردة في الفقرتين السابقتين يراد منها التأكيد على توافق برنامج اقتصاد السوق «الاجتماعي» السوري مع برنامج الإسكوا لتمويل التنمية وتحفيز النمو في دول المنطقة، فبينما تطرح الإسكوا في دراستها المذكورة سابقاً تساؤل عن أسبقية التنمية أم النزاع والعلاقة بينهما، تخلص إلى نتيجة حتمية بأثر النزاع على التنمية وليس العكس أي بعدم يقين بأثر تراجع التنمية على تولد النزاعات بينما تقدم الحالة السورية دليلاً حياً ليس على أثر تراجع التنمية في توليد النزاع فحسب، بل وعلى أثر سياسات الإسكوا أو ما يشبهها من السياسات الليبرالية التي تسوق لها المنظمات الدولية على توليد النزاع والفوضى.. فقد استبقنا في الحقبة الدردرية واقتصاد السوق «الاجتماعي»  السياسات التي تنصح بها الأمم المتحدة لما بعد الأزمة، وتحديداً ضغط الإنفاق الحكومي، والتوجه نحو الاستثمار الأجنبي كمورد للتنمية، بالإضافة إلى التجارة الدولية وتحريرها من الحواجز كقاطرة للنمو.. لتشكل بنتائجها مولداً للنزاع الذي تشهده سورية اليوم.

 

والأرقام خير دليل على اتباع بعض محددات السياسة وفشل النمو والتنمية في سورية..