الكهرباء قطاع مأزوم.. والحكومات المتعاقبة تجاهلت ضرورة معالجة مشكلاته!  القرارات الكبرى كفيلة بالحل.. و«الرتوش» لن تجدِ في هكذا أزمة

الكهرباء قطاع مأزوم.. والحكومات المتعاقبة تجاهلت ضرورة معالجة مشكلاته! القرارات الكبرى كفيلة بالحل.. و«الرتوش» لن تجدِ في هكذا أزمة

 أعاد التقنين الذي تعيشه مختلف المحافظات السورية اليوم مشكلة القطاع الكهربائي إلى الواجهة، ليفتح من جديد مشكلة قطاع مستعص عن الحلول الحكومية الناجعة، وهذا لا يعني بالتأكيد أنه مستعص عن الحل أساساً أو مطلقاً، بل إن الإهمال التاريخي لهذا القطاع، وعدم السعي لحل مشاكله، مضافاً لكل ذلك، تجاهل الجهات الحكومية، ممثلة بوزارة الكهرباء، ضرورة الاعتماد على الطاقات المتجددة التي تمتلك سورية منها الشيء الكثير، وكل ذلك هو من أوصل القطاع الكهربائي إلى هذا الواقع السيئ، فبات مشكلة وطنية تحتاج إلى حلول وقرارات كبرى، فلا «الرتوش» ولا الحلول الجزئية هي المخرج من هذه الأزمة اليوم..

تفاوت بساعات التقنين

ساعات التقنين ليست بالقليلة، ومتوسطها يصل إلى 20% من الساعات اليومية، ففي مدينة حلب يصل التقنين إلى 6 ساعات، وذلك من 7 - 10 صباحاً، ومن الساعة 4 - 7 مساءً، بينما لا يتجاوز التقنين في مدينة دمشق 3 ساعات يومياً، وبما يتراوح بين 4 - 5 ساعات في محافظة طرطوس، وفي المقابل نجد أن ساعات التقنين في ريف دمشق تتراوح بين 6 - 10 ساعات، فمن حيث المبدأ ساعات التقنين ليست موحدة في كل المدن السورية، وهذا يوجب التساؤل عن مبررات وجود هكذا تفاوت بين المحافظات المختلفة؟! لا بل إن التساؤل الأساسي، عن مبررات وجود تفاوت في ساعات التقنين بين منطقة وأخرى في المحافظة ذاتها؟! أو اختلاف ساعات التقنين بين حي وآخر في منطقة واحدة؟!

أثر سلبي على الصناعة

المواطن المتضرر المباشر من أثار التقنين، وأقلها دور التقنين في مضافة أسعار الشموع بما يقارب 100%، وهذا جزء من الدور السلبي الذي يلعبه تجار وقناص الأزمات لاستغلال الظروف الحالية، أو أية ظروف أخرى بما يخدم جيوبهم ومصالحهم، فهم محترفون في اقتناص مصائب الآخرين، فـ«مصائب قوم عند قوم فوائد»، ولكن الأهم من هذا، هو الأثر السلبي للتقنين الكهربائي على بعض الصناعات، وخصوصاً الثقيلة منها، والتي تعتمد بشكل أساسي على الكهرباء، كتوقف أفران صناعة الحديد، ودور ذلك في رفع أسعار هذه المادة في الأسواق المحلية، فمعظم المصانع لا تمتلك مجموعات كهربائية احتياطية..

إهمال تاريخي

التقنين الكهربائي ليس بالجديد على السوريين، وهم من خبروه، وكذلك هو حال المبررات الحكومية التي لم تأتِ بجديد، سوى إضافة مبرر آخر إلى مبرراتهم السابقة، وهو تأثير الأعمال التخريبية في زيادة التقنين، بعد فصل عدد من مجموعات توليد الطاقة الكهربائية بحسب المصادر الحكومية، وهنا لن ننكر دور تلك العمليات في إحداث جزء من التقنين، ولكن الأساس هو بقطاع مأزوم أساساً، تجاهلت كل الحكومات المتعاقبة ضرورة تحسين واقعه، ومعالجة مشكلاته، فالحكومة لم تستثمر بالشكل المطلوب في القطاع الكهربائي، وتعاظمت مشكلات الفاقد الكهربائي الذي يصل متوسطه إلى 25% من الطاقة المنتجة، فإذا كانت تكلفة الإنتاج الإجمالي للطاقة الكهربائية 230 مليار ليرة، بحسب الأرقام الرسمية، فإن هذا يعني أن تكلفة الفاقد الكهربائي يبلغ نحو 57 مليار ليرة سورية، وهذا المبلغ كفيل بتنمية القطاع الكهربائي إذا ما تم التقليل من حجمه، وضخه كاستثمارات بالقطاع الكهربائي، وهذا يغني عن محاولة الحكومات المتعاقبة استجداء القطاع الخاص الاستثمار في هذا القطاع الحيوي أساساً، واستتباعه بالتلويح بضرورة رفع أسعار بيع الكهرباء لإغراء هذا القطاع للاستثمار..