إغلاق شركات الصرافة بلا محاسبة والنتيجة: «مخالفات متتالية»!
بعد إغلاقها بالشمع الأحمر بسبب التلاعب بأسعار الصرف، واعتراف موظفيها بهذا الارتكاب على شاشة التلفزيون السوري، عاد ليرد اسم شركة الصرافة ذاتها على قائمة الشركات المغلقة لتلاعبها بأسعار الصرف مجدداً
والفاصل الزمني بين التشميع الأول والثاني بضعة أشهر فقط.. شركة «الشعار» للصرافة هي نموذج على كبرى مكاتب وشركات الصرافة التي خالفت، وأدى التهاون والمحاسبة الشكلية الإعلامية لها، إلى عودتها إلى المخالفة لمرات ثانية، وهذا هو حال جميع الإغلاقات إذا لم تبلغ العقوبات الحد الأقصى المطلوب، للمتلاعبين بقيمة الليرة السورية خلال أزمة وطنية عامة..
فقاعات إعلامية للتداول
في نبأ عاجل، كشف أحد المواقع الالكترونية في 18 آذار 2014 عن إغلاق عدة شركات للصرافة بسبب تلاعبها بأسعار الصرف منها شركة الشعار للصرافة، وشركة الفؤاد للصرافة، إلا أن الخبر لم يكن بالجديد، لأنه فيما مضى من الأيام، وفي منتصف شهر أب من عام 2013، ورد خبر إغلاق هاتين الشركتين بالشمع الأحمر، وأُظهِر عدد من موظفيها باعترافات تلفزيونية تؤكد تلاعبهم بأسعار الدولار، وورود أسماء تلك الشركات مرتين ضمن قائمة الشركات المغلقة خلال أشهر قليلة يدفع للتساؤل، هل الإغلاق بالشمع الأحمر كان لأسابيع فقط حتى تعود للمخالفة ثانية؟! وهل تكفي مثل تلك العقوبة – إن صح وقوعها على المرتكب الأساسي- لجريمة تنوع الارتكابات التي مورست من جانب الشركة أو سواها من الشركات المخالفة بحق الليرة السورية والاقتصاد الوطني حسب اعتراف موظفي الشركة أنفسهم؟! فيما يفترض المنطق إغلاق الشركة أو سواها بشكل نهائي لا لأسابيع فقط، أو سحب الترخيص منها؟! هذا إن لم نقل إن ما ظهر على شاشات التلفزيون هم مجرد «كبش فداء» بينما استمرت الشركة في أعمالها كالمعتاد بعد الحديث إعلامياً عن الإغلاق في المرة الأولى، ولولا ذلك لما كانت تجرأت وتلاعبت بأسعار الصرف لاحقاً، ليكون الخبر الإعلامي عن إغلاق شركات الصرافة في هذه الحالة مجرد فقاعة إعلامية للتداول ليس إلا!!..
أقصر الطرق لتضليل الرأي العام..
بث التلفزيون السوري اعترافات لمحاسب مكتب «الشعار للصرافة» والسكرتيرة وهم يقرّون بتلاعب الشركة بأسعار صرف الدولار، وهم مجرد موظفين بطبيعة الحال، بينما من كان «الرأس المدبر» والمظلة الكبرى لمثل تلك المخالفات، وهو صاحب شركة الشعار طليقاً خارج دائرة المحاسبة بطبيعة الحال، أي أن المتلاعب الفعلي بأسعار الدولار بقي طليقاً بأمواله ومخالفاته وإجرامه بحق الشعب السوري والليرة السورية، وهو من أعاد الشركة إلى العمل من جديد عبر معارفه وعلاقاته على ما يبدو، وإلا لكان ظهر هو الأخر باعترافات مشابهة تثبت تورطه المباشر عبر شركة الصرافة بتدمير العملة الوطنية بما يخدم مصلحته الشخصية، وهذا ليس ما نفترضه نحن، بل ما تؤكده المخالفات الجمة التي اعترف بها موظفون الشركة أنفسهم، فمن أجرموا بحق الليرة السورية يفترض المنطق إغلاق شركاتهم بشكل نهائي إلى غير رجعة لا لأسابيع فقط..
التشهير بالموظفين، واستجوابهم على شاشات التلفزة، والجميع يعلم أنهم مجرد أدوات يستخدمها أصحاب تلك الشركات للتلاعب بأسعار الصرف ليس إلا، ما هو إلا محاولة من قبل البعض، لتحقيق انجازات وهمية، ليكون إظهار الموظفين كمذنبين وحيدين ومحاسبتهم وحدهم اقصر الطرق لتضليل الرأي العام؟! فلم لم يتم توقيف صاحب شركة الشعار للصرافة؟! ولم أكتفوا بظهور تلفزيوني لعدد من موظفيه؟! ليعود المكتب للعمل بعد حين رغم أن مخالفاته كانت لا تتطلب إيقافه عن العمل لأسابيع فقط، وإنما إغلاقه بشكل كامل، وكما يقول أحد الشعراء، «لا تقطعَنْ ذنبَ الأفعى وترسلَها إن كنتَ شهماً فأتبع رأسها الذنبا»، إلا أن هناك من هو غير راغب بقطع الرأس على ما يبدو، ليستمر نزيف الليرة السورية والاقتصاد الوطني لحساب منفعته الخاصة!
تواطؤ على حساب الاقتصاد الوطني
في سياق اعترافات موظفي شركة الشعار للصراف، كشف محاسب الشركة والسكرتيرة في مكتب الشعار للصرافة أن صاحب المكتب نادر الشعار كان يتاجر بالدولار، وكان يمارس التلاعب ويرتكب مخالفات قانونية لأصول عمل شركات الصرافة، والتي بدأت منذ أن بدأ المصرف المركزي بالتدخل لضبط سعر الصرف عبر بيع الدولار لشركات الصرافة، كبيع الدولار لأقربائه عبر بطاقاتهم الشخصية وفق سعر الصرف الرسمي دون أن يأخذ قيمتها بالليرة السورية ليقوم ببيع هذه المبالغ وفق سعر السوق السوداء، إضافة إلى إرسال واستقبال الحوالات المالية بالتنسيق مع أطراف في الخارج رغم أنه لا يملك ترخيصا للعمل في مجال الحوالات، وهذا «غيض من فيض» الاعترافات الكثيرة التي أقروا بارتكابها من جانب مكتب الشعار، بينما أغلقت السلطات النقدية شركة الفؤاد للصرافة، لاستغلالها للمهجرين وبيعها العملات الأجنبية بناء على بطاقات شخصية وأسماء وهمية، وهذه الاعمال بمجملها تسهم في المحصلة في تدمير الاقتصاد الوطني، فهل محاسبة هؤلاء تكون بإغلاق مكاتبهم وشركاتهم لأسابيع فقط؟! ألا تعني مثل تلك العقوبات المخففة أن هناك تواطؤاً واضحاً بين هؤلاء والسلطات المسؤولة عن محاسبتهم بما يساهم في تدمير الاقتصاد الوطني؟! ألا تتطلب تلك المخالفات الاستثنائية عقوبات استثنائية تنسجم مع الجرم المرتكب؟! فلو كان القانون قاصراً بالفعل عن محاسبة مثل تلك الحالات لِمَ لم يجرِ تعديله؟! أم أن مصالح بعضهم تقف مرة أخرى عائقاً في وجه تعديله بما يخفف من عقوبة المجرمين بحق العملة الوطنية؟!