النمو السكاني: فرصة للأكثرية.. عبء على القلة!

النمو السكاني: فرصة للأكثرية.. عبء على القلة!

يغلب في الفكر الاقتصادي العالمي، اعتبار النمو السكاني المتزايد مشكلة، وتنطلق وجهة النظر هذه من فكرة «محدودية الموارد» التي تعتبر أن  نمو السكان يسير بوتائر أسرع من نمو الموارد، اعتبار النمو السكاني مشكلة باعتبار أن إمكانيات نمو الثروة والموارد محدودة، وكذلك توزيعها..

حيث تسود فكرة ضرورة تخفيض عدد السكان عالمياً وفي الدول النامية تحديداً، كحل لمشاكل الفقر وضعف التنمية، بينما يكمن خلف هذه الفكرة مصالح القلة الحاكمة عالمياً والتي تمتلك 80% من الثروة العالمية، وتخفيف عدد سكان العالم هو تخفيف للضغوط على هذا التوزيع.
بينما تثبت الوقائع خطأ هذه الأفكار الشائعة وتحديداً محدودية الموارد، ففي إنتاج الغذاء على سبيل المثال يبين تقرير دراسات الغذاء العالمي لعام 2012 الصادر عن منظمة الفاو أن إطعام 3,5 مليار شخص في عام 1961 تم بزراعة 1,37 مليار هكتار من الأرض، وفي نصف القرن اللاحق تضاعف عدد سكان العالم إلى 7 مليار، بينما الأراضي المستثمرة زراعياً بقيت في حدود 1,53 مليار هكتار، حيث غطت زيادة الإنتاجية الزراعية  الفرق، وسمحت وستسمح بزيادة الإنتاج ضمن الموارد الموجودة بمعدلات تغطي وتفوق معدلات النمو السكاني..
أما في سورية فإن الدليل تقدمه الفروقات في معدلات النمو السكاني بين المناطق التنموية، حيث تشير الأرقام أن زيادة النمو السكاني هي نتيجة للتنمية الضعيفة في المناطق الشمالية والشرقية، بينما تتجه معدلات النمو السكاني إلى الانخفاض في المناطق الأكثر تنمية كما تشير الدراسات إلى أن العديد من المناطق التنموية السورية قد بدأت تخسر جزءاً من فرصة الاستفادة المثلى من القوى البشرية العاملة فيها، كالمنطقة الساحلية بالدرجة الأولى ودمشق ثانياً التي تشكل القوى العاملة نسبة ثلثي سكانها..
وبناء عليه فإن مراحل النمو السكاني المرتفع هي فرصة يجب التقاطها، وليست عبئاً إلا من موقع نموذج اقتصادي نموه ضعيف وتوزيع الثروة فيه محصور، بينما يعتبر النمو السكاني فرصة في نموذج اقتصادي يعتمد على العدالة الاجتماعية كواحدة من أهم محددات النمو الاقتصادي العميق، تحديداً بعد خسارة ما نسبته 19% من التعداد السكاني خلال ثلاث سنوات من عمر الأزمة.