دعم جديد يظهر.. (الصادرات): قياس جدوى!
عجلة التجارة الخارجية السورية تراجعت بشكل كبير كنتيجة طبيعية للظروف التي يشهدها الاقتصاد السوري، فالصادرات السورية التي تراجعت بنسبة بلغت نحو 95% خلال الفترة بين الربع الأول من عام 2011 والربع الأول من عام 2013، كما تراجعت المستوردات بنسبة 88%، ومن ضمن الظروف العامة التي تؤدي إلى هذه النتائج تبقى العقوبات الاقتصادية المفروضة صاحبة أثر هام بسبب ارتباطها بشكل مباشر في صعوبة تمويل التجارة الخارجية
في مواجهة هذا برامج دعم التجارة الخارجية السورية بقطبيها الصادرات والمستوردات لا تزال تعمل ولكن بإطار أضيق وهوامش أقل بحسب ما تصرح به الحكومة، فمن جانب المستوردات يستمر التمويل بالقطع الأجنبي لمستوردات محددة وفق أولويات غذائية وأدوية و بإجازات استيراد من وزارة الاقتصاد وضخ من البنك المركزي بقيمة مليون يورو يوميا بحد أدنى بحسب تصريح لوزارة الاقتصاد، أما الصادرات التي يختلف شكل دعمها الذي يتم وفق برنامج لدعم الصادرات، فإنها قد مولت بمبلغ إجماله 155 مليون ل.س، لصادرات من أنواع محددة ليست فائضة عن حاجة السوق بدلالة ارتفاع أسعارها المحلية بشكل كبير..
دعم الصادرات..كيف ولمن؟
برنامج دعم الصادرات مستمر بالعمل، حيث بدأت هيئة تنمية وترويج الصادرات السورية بتقديم الدعم شبه المباشر أو ما يسمى خدمات المستوى الثالث (خفض التكاليف) على الشركات المشملة بخدمات هذا المستوى، وذلك عن عام 2012، وهو الذي يتم بتوزيع مباشر للمبالغ النقدية لمصدرين ينتقون من اللجنة الاقتصادية بناء على أنواع صادرات مشمولة بالدعم، (يتضمن الدعم إعادة الضرائب والتأمينات الاجتماعية ونفقات الطاقة الكهربائية التي تم تسديدها من الشركات المصدرة) بحسب توصيف هيئة تنمية وترويج الصادرات لخدمة حوافز التصدير.
الدعم المباشر لثلاثة منتجات فقط
وحول ذلك قال مدير عام الهيئة إيهاب اسمندر لجريدة (قاسيون) إن (الهيئة تقدم دعماً شبه مباشر يشمل خفض خدمات التكاليف، عبر توزيع مبلغ معين لكل من المصدرين السوريين المشملين بخدمات المستوى الثالث تحدده اللجنة الاقتصادية).
وتابع اسمندر، إن (هذا الدعم عبارة عن بدل قسم من الأعباء المترتبة على المصدرين، تجاه المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية وفواتير الكهرباء وبعض الضرائب).
وفيما يخص تحديد المنتجات المشملة بهذا المستوى من الدعم، قال اسمندر إنه (منذ حوالي عامين وحتى الآن هناك ثلاثة أنواع من المنتجات فقط مشمولة بهذا الدعم، وهي زيت الزيتون المعبأ، والصناعات الغذائية المختلفة، والألبسة الجاهزة )، لافتاً إلى أن (خدمات المستوى الأول والثاني من ترويج ودعم فني تشمل المصدرين والمنتجات السورية كافة، حيث تقدم الهيئة خدمات التأهيل والتدريب وورشات العمل والدورات في بعض القضايا المتعلقة بالعملية التصديرية، كما تتحمل الهيئة قسماً كبيراً من تكاليف المعارض وتتحمل أعباء عمليات الترويج من طباعة البروشورات والكتيبات).
وعن حجم الدعم المقدم، بين اسمندر إنه (تم رصد حوالي 155 مليون ليرة سورية لدعم الصادرات عن عام 2012، حيث يشمل هذا الرقم 60 شركة فقط، علماً أن عدد الشركات المشملة في تناقص عن الأعوام الماضية، وذلك لأسباب تتعلق بتوقف بعضها عن العمل، فضلاً عن عدم تمكّن الشركات كافة من تأمين وتقديم الوثائق المطلوبة لتثبت استحقاق الدعم سواء من حيث المواعيد أو نوعية الوثائق).
وكانت أخبار تداولت وجود دراسة للهيئة عن تشميل 40 مادة جديدة بالدعم للمصدرين، وأهمها الدواجن والحمضيات والسجاد والبرادات والأربطة والأدوية الطبية والغزول وغيرها، على أن ترفع الدراسة عن كل سلعة لتقديمها للمجلس الأعلى للتصدير.
الصادرات السورية في تقارير الهيئة
وتشكل صادرات القطاع الخاص 96% من الصادرات السورية غير النفطية، علماً أن حجم الصادرات السورية تراجع بنسبة حوالي 95% بسبب الأزمة حسب تقرير للهيئة.
وتم تصنيف الصادرات السورية حسب استخدام المواد إلى سلع وسيطة وسلع استهلاكية وسلع رأسمالية، وقد تبين أن هناك تراجعاً بنسبة الصادرات السورية من السلع الاستهلاكية من نحو 34% في الربع الأول من عام 2012 إلى 24% في الربع الأول من عام 2013، بنسبة تراجع إجمالي بلغت 29.4% خلال تلك الفترة، على حين يلاحظ تزايد الصادرات السورية من السلع الوسيطة من 64% في الربع الأول من عام 2012 إلى 75.8% في الربع الأول من عام 2013، بنسبة تزايد إجمالية بلغت نحو 18.4%، أما الصادرات السورية من الأصول الثابتة فقد كانت متدنية جداً فهي لم تتجاوز 0.2% في الربع الثاني عام 2013.
وبحسب دراسة سابقة أعدتها هيئة تنمية وترويج الصادرات حول الصادرات السورية، فإن الميزان التجاري السوري أصبح سالباً منذ عام 2004 متأُثراً بانخفاض الصادرات النفطية، فيما حقق الميزان التجاري بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي فائضاً تحول إلى عجز في عام 2005 ليبلغ حوالي 9% في عامي 2009 و2010.
المستورد أولا.. المصدر ثانياً.. المستهلك (أبداً)!
الحكومة تدعم الصادرات بحوالي 155 مليون ل.س توزع بشكل مباشر على 60 شركة مصدرة، لثلاثة منتجات فقط زيت الزيتون المعبأ، الصناعات الغذائية بأنواعها، الألبسة الجاهزة.. بالتأكيد دعم الدولة للصادرات أمر ضروري، وتحديداً المرتبطة منها بمزايا نسبية للاقتصاد السوري تسمح بتحقيق فائض، إلا أن ظروف الأزمة تدفع إلى قياس هذا المبلغ من الدعم ومعايرته.. نتيجة الحاجة إلى البحث في مسألة الصادرت في ظل الأزمة ككل.
فالأخذ والرد بمسألة قطاع الدواجن ومصدري البيض، أو تصدير الخضروات حسم سابقاً خلال العام الماضي بمنطق سليم، حيث أقر أن مصلحة حوالي 200 مصدر لا توضع في الميزان مع ضرورة تزويد السوق بفوائض تساهم في خفض الأسعار أي مصلحة المستهلكين السوريين كافة ، وبناء عليه أوقف التصدير لفترات، وبالمقابل فإن المصدر يحول نشاطه مؤقتاً إلى السوق المحلية.. ولكن يبدو أن مسألة المصدرين على ضيقها مع تراجع الصادرات لا تزال مكان أخذ ورد.
دعم غير مباشر
وعلى الرغم من الخطوة الإيجابية المتمثلة بإلزام المصدرين بتعهد إعادة قطع التصدير، وفق القرار رقم 2311 الصادر في أيلول-2013، الذي يلزم أي مصدر بوضع نسبة 35% من القطع الاجنبي الذي يحصل عليه من التصدير لدى أحد المصارف المحلية، إلا أن نشرات أسعار التصدير التي تقرها لجنة تسعير الصادرات في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، تعطي أسعاراً للصادرات مخفضة وبعيدة عن السوق بشكل كبير، وصل انخفاضها عن أسعار السوق متوسط 455% في حسبة سابقة أجرتها قاسيون في العدد رقم 620 بعنوان (إعادة قطع التصدير: خطوة لضبط السياسة النقدية..لكن مع مؤشرات سلبية!)
إن تخفيض أسعار الصادرات يساعد المصدرين على ترويج صادراتهم إن التزموا في عقودهم بالسعر المحلي، ولكن الرئيسي أنه يخفف من قطع التصدير الذي من المفترض أن يضعوه في المصارف المحلية، وهذا شكل غير مباشر أيضاَ من أشكال الدعم للمصدرين..
فروقات 4-5 مرات
عانت الصادرات السورية من التراجع بالقياس إلى زيادة المستوردات خلال العقد الماضي، ولا يزال دعم المستوردين أكبر بكثير من دعم المصدرين.. ولكن في ترتيب الدعم الحكومي وأولويات قراراتها يأتي المستوردين أولاً، والمصدرين ثانياً، بالمقابل فإن (تحفيز) الطرفين عموماً وخلال الأزمة خصوصاً يأتي على حساب المستهلكين السوريين فقط..
فتحفيز صادرات زيت الزيتون السوري وتسعيرها بـ 150 ل.س/للكغ للمصدر، يقابلها وصول الكغ محلياً إلى 900 ل.س، وأطنان مصادرة من زيت زيتون مباع محلياً وغير قابل للاستهلاك!!، وكذلك الأمر مع باقي المواد الغذائية التي تنخفض أسعار صادراتها بأربع إلى خمس مرات عن أسعار السوق.. وذلك في نشرة أسعار الصادرات الحكومية الأولى لعام 2013، بالمقابل أسعار مستوردات الصناعات الغذائية التي تملأ السوق تزيد عن الكلف الحقيقية أضعاف ذلك وممولة بالقطع الأجنبي من الحكومة بأغلبها..!! وكذلك الأمر بالنسبة للألبسة الجاهزة وباقي المواد..