فريق لإنقاذ الصناعة.. والتعويل على «الوعي الحكومي»!!

فريق لإنقاذ الصناعة.. والتعويل على «الوعي الحكومي»!!

يحظى القطاع الصناعي في الوقت الحالي بفرصة لانتشاله من مستنقع أزمته المركبة، وذلك كونه القطاع الأقدر على إعادة التوازن بشكل ما إلى الاقتصاد السوري في حال توفرت له العناية والإمكانيات اللازمة.

وتعتبر أزمة القطاع الصناعي ممتدة من مرحلة ما قبل الأزمة الحالية لسورية، ومتعلقة بداية بطبيعة الصناعات السورية، في الوقت الذي أدت فيه السياسات الاقتصادية السابقة وعصر الانفتاح الاقتصادي والتجاري إلى تعقيد حال هذا القطاع مع تركه بلا حماية ودعم في مواجهة المستوردات الكثيرة والأقل تكلفة، أما الأحداث الأخيرة الحاصلة في البلاد فكان أثرها الأكثر دماراً من الناحية المادية والمعنوية مع تهدم وحرق وسرقة معامل ومصانع بأكملها، وانتقال بعض آخر منها إلى خارج الحدود بحثاً عن ظروف إنتاج أكثر أماناً.
في سياق بحث واقع الصناعة خلال الأزمة ومستقبلها بعدها، قدم برنامج التطوير والتحديث الصناعي وثيقة عمل لتأهيل وتحديث الصناعة في سورية للمرحلة الحالية ومرحلة ما بعد الأزمة ضمن ورشة عمل بحضور جهات متعددة ذات صلة.. قاسيون استطلعت حول عمل الفريق: تقديراته ومقترحاته..

الهدف: إحياء ١٠٠٠ منشأة صناعية خلال ٣ سنوات

لم يتم حتى الآن الانتهاء من حصر الخسائر النهائية للقطاع الصناعي نتيجة الأزمة ، لعدة أسباب، منها استمرار الأزمة والأعمال المسلحة، وبالتالي عدم تمكن الجهات المعنية العامة والخاصة من الوصول إلى عدد غير قليل من المنشآت الصناعية وحصر الأضرار التي لحقت بها ، ولذلك فإن خسائر القطاع الصناعي المعلنة حاليا نتيجة هذه الأزمة هي أرقام أولية معرضة للزيادة على الأرجح مع استمرار العنف والدمار والتوقف..

منذ سبعة أشهر فريق عمل من الصناعيين والجهات المتعلقة بالشأن الصناعي يدرس واقع القطاع الصناعي خلال الأزمة، والحلول لما بعدها..

الخطة افترضت «عودة الأمان»

التقت (قاسيون) المنسق الوطني لبرنامج التطوير والتحديث الصناعي فؤاد اللحام للاطلاع على تفاصيل الوثيقة المقدمة والحلول المقترحة لمعالجة مشاكل الصناعة السورية.
وقال فؤاد اللحام إن «فريق العمل أعد على مدى سبعة أشهر وثيقة نوقشت داخلياً ومن ثم تم عقد ورشة عمل للاستفادة من الجهات المعنية، من وزارة الصناعة وغرف صناعة وهيئة تنمية صادرات وغرف تجارة ونقل واقتصاد وبحوث علمية وبرنامج الجودة والجمارك وغيرهم».
وأضاف اللحام إن « الافتراض الأساسي الذي تم بناء البرنامج عليه، هو وقف المعارك والتدمير والتوصل لتوافق وطني مدعوم بتوافق خارجي يؤدي إلى حل سلمي للازمة يتوافق عليه الجميع يؤدي لدولة ديمقراطية تعددية، وذلك رغم علمنا بأن احتمالات نهاية الأزمة متعددة».

للحل مرحلتان مترابطتان

وأوضح اللحام أن «البرنامج يتضمن مرحلتين، مرحلة حالية ومرحلة ما بعد الأزمة، وهاتان المرحلتان مترابطتان، وأكدنا في المرحلة الحالية على موضوع المواقع البديلة للمعامل وتسهيل وصول البضائع والمنتجات وتأجيل الرسوم والالتزامات المالية المستحقة على الصناعيين فيما يتعلق بالقروض والتأمينات وذلك لجعل عملية الإنتاج تدور، فالأولوية حالياً لاستمرار الإنتاج في حال قدرة أي معمل على نقل جزء من آلاته ومعمله وذلك لنخفف من عبء البطالة ونلبي حاجة السوق».
وتابع اللحام «توجد مناطق دمرت وكانت مخالفات، فيجب عند إعادة بنائها عدم إعادتها لوضعها السابق بل بنائها بشكل منظم وإقناع المنشآت الصغيرة والمتوسطة بالتعاون وإقامة مجمعات صناعية قادرة على العمل على مرأى من أعين المسؤولين والجهات الحكومية لتأمين الشفافية والمعلومات الصحيحة وتحصيل الضرائب بطريقة مناسبة، وبالتالي مساعدة الصناعيين على الخروج من الظل بعد أن جعلتهم التعقيدات الإدارية يتوارون خلف الأضواء»، لافتاً إلى «الخسارة الكبيرة في الزبائن والأسواق للصناعة السورية».
وفيما يتعلق بمرحلة ما بعد الأزمة، بين اللحام أنه «تم تحديد عدد من الشركات (ألف شركة) لتحديثها خلال مرحلة 3 سنوات، هذه الشركات تم اختيارها من بين الشركات التي تحتاج إلى دفع وجهد ما لتنطلق، أما الشركات المدمرة كليا فبحاجة لوقت أطول وجهد اكبر، وهي مرحلة لاحقة، على أن يتم خلال السنة الأولى تحديث 200 شركة، وفي السنة الثانية 400 شركة ، ومثلها في السنة الثالثة».

التكاليف محاصصة مع الحكومة

وعن الكلفة الإجمالية المقدرة لتحديث ألف شركة، قال اللحام «قدرنا الكلفة الإجمالية لتحديث ألف شركة بـ6 مليارات ليرة، وهي التكاليف التي ستتحملها الحكومة وتشكل 70% من مجمل تكاليف التحديث، بينما تبقى نسبة 30% من التكاليف ملقاة على عاتق الشركات ذاتها».
وحول إمكانية تطبيق البرنامج المقترح، أورد المنسق الوطني للبرنامج أن «المرحلة الثانية من برنامج تطوير وتحديث الصناعة في سورية تنتهي مع نهاية شهر تشرين الثاني الحالي، والقرار بيد الحكومة السورية لإقرار مرحلة ثالثة واستمرار عمل البرنامج، لذلك لا توجد معلومات لدى فريق العمل عن مدى جدية الحكومة في الأخذ بالوثيقة المقترحة أو حول الآلية الكفيلة بتنفيذها، إلا أن تبنيها من وزارة الصناعة واعتمادها من مجلس الوزراء هو الخطوة الأولى للتنفيذ، إضافة لضرورة الإيعاز لكل الجهات المعنية بتشكيل فرق عمل مؤهلة ومخولة بتنفيذ الوثيقة وتحديد العمل ضمن هامش زمني محدد».

الحكومة لم تضع خطة لإعادة الإعمار!

وفيما يخص العلاقة مع مشروع إعادة الإعمار، أكد اللحام أنه «لم ترد إلينا أي رؤية حكومية حول إعادة الإعمار، وكان لنا خياران إما انتظار رؤية الحكومة حول الصناعة وهو ما يستنزف الوقت، أو تقديم رؤيتنا حول الصناعة وعندما تضع الحكومة رؤيتها تأخذ بما قدمناه بعين الاعتبار ويجري التعديل بالتشاور، بينما لا تتوفر لدينا كبرنامج معلومات عن ما تقوم به الحكومة حول هذا الأمر، فالبرنامج بادر باجتماع اللجنة التوجيهية بالشهر الثالث بضرورة التفكير بمرحلة ما بعد الأزمة وقدمنا وثيقة وطورناها مرتين من ضمنهما ما ناقشناه خلال الورشة الأخيرة».
وعبر منسق البرنامج عن «الخوف من عدم التعامل بوعي كاف مع الأزمة والمقترحات المقدمة لمعالجة نتائجها السلبية، وأن يكون مصير البرنامج المقدم (الحفظ في الدروج) كغيره من مقترحات سابقة».
وكان برنامج التحديث والتطوير الصناعي في سورية انطلق عام 2007، وأنهى مرحلته الأولى عام 2011 بالتعاون بين وزارة الصناعة السورية والحكومة الإيطالية ومنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (UNIDO)، حيث بدأ مرحلته الثانية التي استمرت من 2011 حتى الوقت الحالي.
يشار إلى أن برنامج تأهيل وتحديث الصناعة في سورية للمرحلة الحالية تضمن 25 مقترحاً، فيما أكد البرنامج لمرحلة ما بعد الأزمة على أهمية الشراكة الحقيقية بين الحكومة والقطاع الخاص محدداً لذلك ستة مرتكزات.

أرقام كبرى.. و«إعادة إعمار» بـ 50 مليار!!

تقدر خسائر الاقتصاد السوري نتيجة الأزمة وحتى منتصف عام 2013 بحوالي 113 مليار دولار أمريكي.. بينما الحكومة لم تطرح إلى اليوم طريقة أو خطة لتعويض وإصلاح الأضرار عموما، وفي القطاع الصناعي خصوصا، حيث بدأت تقديرات الأضرار تظهر، بل اكتفت برقم 50 مليار ل.س في موازنتها لعام 2014..

«العام الصناعي» خلال الأزمة..

• 70 مليار: بلغت قيمة الأضرار الأولية للقطاع العام الصناعي لحوالي ثمان مؤسسات عامة تضم 116 شركة ومحلج ومعمل، لغاية 30/6/2013 حوالي (70,9) مليار ليرة سورية..
• 49 بعد  الأزمة 16 قبلها!!: أدت الأزمة إلى خروج  49 شركة ومعمل ومحلج من المنشآت التابعة لوزارة الصناعة إضافة إلى 14 شركة ومحلجين كانت متوقفة قبل الأزمة.

• 15% نسب التنفيذ: انخفاض نسبة تنفيذ الاستثمارات في مؤسسات القطاع العام الصناعي إلى 15%  فقط في عام  2012 وإلى  2% في النصف الأول من عام 2013.
«الخاص الصناعي» والمدن الصناعية
• المدن الصناعية مئات المليارات: بلغت قيمة الأضرار المباشرة وغير المباشرة التي لحقت باستثمارات المدن الصناعية الأربع في سورية، 417 مليون ليرة.

• منشآت في المحافظات: أما أضرار المنشآت الصناعية الخاصة الأخرى، فتم إحصاء 50 مليار في حلب، و15,6 مليار في دمشق، و1,4 مليار في حماه.
مجمل.. خسائرنا تقديرات
فيما ارتفعت معدلات الفقر المادي في سورية ودخل 6,7 مليون شخص إضافي دائرة الفقر العام منهم 3,1 مليون دخلوا دائرة الفقر الشديد.

آخر تعديل على الأحد, 24 تشرين2/نوفمبر 2013 02:28