الإصرار على تخفيض الدولار.. والأسعار في عهدة التجار!

الإصرار على تخفيض الدولار.. والأسعار في عهدة التجار!

على امتداد عام ونصف، والدولار يحُمّل فوق طاقته، فهو المسؤول الأوحد عن الارتفاع الشامل في الأسعار، وهذا ما جعل انخفاضه حلماً راود السوريين طوال هذه الفترة، على أمل انعكاس ذلك على لقمة عيشهم بالدرجة الأولى، إلا أن انخفاض الدولار لم ينعكس على الأسعار

على الرغم من ثباته النسبي، وميله إلى الانخفاض طوال قرابة ثلاثة أشهر، ولهذا يتساءل كثيرون: لما الإصرار الحكومي على تخفيض الدولار بينما تركت الأسعار في عهدة التجار؟! ولمَ نجحوا في الحد من تأثير السوق السوداء على صرف العملة الوطنية، وذلك عبر إغلاق العديد من شركات الصرافة الكبرى المتلاعبة في السوق؟! أم أنهم أصبحوا «ورقة محروقة» و«كبش فدا» لحيتان أكبر منهم هربوا أموالهم إلى خارج البلاد طوال أشهر الأزمة!! في الوقت الذي يصرون فيه على استخدام تعابير «تجار الأزمة» لتشخيص حالة الفلتان في الأسواق دون الكشف عن هويتهم وفضحهم، وكأنهم أشباح؟!
مستويات نهب أعلى
المنطق الاقتصادي يقول بارتباط الدولار بالأسعار، وهذا ما كررته الفعاليات التجارية والاقتصادية والناطقون بأسمائهم طوال فترة الأزمة، وهذا يعني، إما أن يكون التأثير كلياً أو جزئياً، وفي الحالتين، فإن الأسعار ستتأثر تراجعاً أو ارتفاعاً بالدولار، إلا أن هذا لم يحدث إلا في حالات ارتفاع الدولار، وهذا ما بات معروفاً، والذي لم يكن بالمفاجئ، فخلال العقود الماضية، سعت كل القرارات والإجراءات الحكومية إلى تنحية القوانين الاقتصادية المنظمة للأسواق جانباً، والتي لم تكن بالفاعلة أساساً، لتنشئ شبكة من حيتان الأسواق، من المحتكرين للسلع والمواد أو للعقارات أو سواها عوضاً عنها، هم من كانوا يحددون الأسعار، وهذا ما يحصل حالياً، ولكن بمستويات نهب أعلى لجيوب السوريين ومداخيلهم، فالقضية ليست وليدة اللحظة، بل نتاج تركيبة اقتصادية سعى كثيرون من الفاعلين في صناعة القرارات الاقتصادية وإقرارها لإنتاجها، وجعلها أمراً واقعاً لا مفر منه..
تجربة «ناجحة».. يأملون مواصلتها
كثيرٌ هم من ينظرون اليوم إلى تخفيض سعر الدولار في السوق السوداء على أنه تجربة ناجحة، ويأملون إسقاطها مجدداً على أسعار السلع والمواد، الغذائية منها بشكل أساسي، فالمواطن ينتظر من أصحاب القرار الاقتصادي حملة على كبار التجار الناهبين للقمة عيشهم، والذين يأكلون «الأخضر واليابس» أسوة بالحملة التي طالت شركات الصرافة، والتي تركت تأثيراً إيجابياً على مستويات صرف الدولار، حتى وإن كان هذا التأثير مؤقتاً بحسب توقعات العديد من المتابعين، ولهذا لا بد من سؤال الأوساط الحكومية والأجهزة الأمنية، وكل الجهات الرسمية التي تدعي دوراً في تخفيض سعر الدولار: لما نجحتم في تخفيض الدولار وفشلتم في لجم الأسعار حتى الآن؟! وما الفائدة التي جناها السوريون بعمومهم من وراء هدركم لمئات الملايين من الدولارات بهدف تخفيض سعر الصرف؟! ألم يكن من الأجدى صرفها في مجالات أخرى علها تنعكس إيجاباً على حياة الفقراء وأصحاب الدخول المحدودة؟! ولما لم تستثمر الحكومة تلك الملايين في استيراد السلع والمواد الغذائية علها تكفل تخفيض الأسعار، وخلق منافسة فعلية في الأسواق؟! لا بل إن السؤال الأهم: لمَ نجحوا في معرفة شركات الصرافة المخالفة وتوقيفها عندما أرادوا بينما تٌرِكَ الدولار شهوراً طويلة بأيدي المتلاعبين به وبالأسعار على حد سواء؟!