خرج من الباب.. ليعود من النافذة

خرج من الباب.. ليعود من النافذة

يتفق الجميع حالياً عند مناقشة الأزمة التي تعيشها سورية والتي تحولت إلى حرب على سورية بكل معاني كلمة الحرب. أن أحد الأسباب التي مهدت وخلقت الأرضية لتنفيذ هذه المؤامرة أو المخطط الذي يعد له منذ سنوات عديدة هو السياسات الاقتصادية التي انتهجت في مرحلة ما قبل الأزمة في سورية


. والتي ترأس فريقها الاقتصادي وقاده حينها من كان «النائب الاقتصادي السابق».

في حينها عندما كنا نحذر من الآثار المدمرة لهذه السياسة الاقتصادية وبيان مخاطرها الاقتصادية والاجتماعية وبالتالي السياسية. وكانت الحركة النقابية من أوائل من رفع الصوت عالياً محذراً ومعارضاً لهذه السياسات وأن هذه السياسة الاقتصادية ليست بريئة أو تجريبية للانتقال بسورية إلى الاندماج بالاقتصاد العالمي..
مؤشرات «خلق الاضطراب»
كنا نقول دوماً أنها سياسة مخططة ومرسومة بل وصل الأمر بالبعض إلى اتهام منفذي هذه السياسات بالتآمر على سورية من خلال هذا النهج الاقتصادي. الذي يؤدي إلى خلق اضطراب اجتماعي وسياسي في سورية والمؤشرات على ذلك عديدة:
• سياسة اقتصادية حاربت الفقراء لمصلحة الأغنياء.
•  أدت إلى تراجع الإنتاج السلعي (زراعة- صناعة) وهما  أساس كل تنمية اقتصادية حقيقية لمصلحة مشاريع خدمية سياحية.
•  ازدياد نسبة البطالة وثبت أن الأرقام التي كانت تقدم عن البطالة غير حقيقية ومزورة
•  ارتفاع مستوى خط الفقر.
•  المنظمات الدولية الغربية التي غزت سورية تحت مسميات متعددة وتبين أنها كانت تدرس المجتمع السوري ومكوناته وتركيبته الاجتماعية والشعبية لاستثمارها لاحقاً فيما جرى في سورية لاحقاً وكلنا يعلم أن هذه المنظمات لم تفد ولم تقدم شيئا مفيدا لسورية وكنا نحذر دائماً من خطر هذه المنظمات ومن يديرها ويقف خلفها والجميع يعلم أن مهامها وأهدافها الخفية تتناقض مع أهدافها المعلنة.
إعادة هيكلة ..
وبمراجعة بسيطة لهذه السياسة الاقتصادية نجد أنها تنفذ برنامج إعادة الهيكلية في سورية : رفع الدعم – تقليص الخدمات الاجتماعية (صحة وتعليم) خصخصة الاقتصاد ومحاربة القطاع العام تقليص دور الدولة في إدارة الاقتصاد وكذلك تقليص دورها الاجتماعي وكل الأدبيات الاقتصادية نؤكد أن إجراءات إعادة الهيكلية هي من توصيات صندوق النقد الدولي وكذلك البنك الدولي. وأن الثالوث الذي أصبح دوره لا يخفى على أحد (الصندوق – البنك- ومنظمة التجارة العالمية) هي أدوات استعمارية جديدة لنهب الشعوب وخيراتها وفق اتفاقيات وتوصيات وهي البديل للشكل الاستعماري التقليدي القديم أو مايسمى (بالكولونيالي)
والمفارقة أن بعض الدول العربية ودول العالم الثالث التي خضعت لشروط إعادة هيكلة اقتصادية وفق التوصيات ونفذتها كانت تخضع لتأثير عاملين ضاغطين على هذه البلدان:
1-  ديون هذه الدول أصبحت كبيرة جداً وأصبح اقتصادها عاجزاً عن الالتزام بسدادها وفوائدها.
2- طمعت وأغريت بالمساعدات المالية والقروض التي تقدم لها من الدول الغربية والمنظمات الدولية التي هي الأصل تدور في فلك الدول الغربية الاستعمارية بمعنى أنها قبضت تعويضاً عن تنازلها عن سيادتها.
وأعود وأقول إنه من المفارقة ومن المحزن أننا في سورية وبتنفيذ الفريق الاقتصادي ورئيسه الذي كان يقوده طبقنا هذه السياسات والتوصيات دون أية عوامل ضاغطة علينا بل ومتحررين من الشرطين الأساسيين اللذين يستخدمان للضغط على الدول، فنحن في سورية لم يكن هناك دين كبير ضاغط علينا بل يمكننا القول إن هذه الديون كانت شبه معدومة، ولم تقبل سورية أن تأخذ المساعدات والقروض الغربية حفاظاً على سيادتها وهذا نابع من موقف سياسي مبدئي، بل باختيار فريقنا الاقتصادي في حينه قمنا متبرعين بتنفيذ السياسات الاقتصادية المنفذة لتوصيات إعادة الهيكلة تحت عناوين كاذبة وخادعة وثبت كذبها لاحقاً. وأن الصورة الزاهية الوردية التي كانوا يؤملون الناس بها هي وهم وخدعة للوصول إلى أهداف أخرى
«العائد» مع الإسكوا
إذا كان الأمر كذلك فإنه يحق لنا أن نتهم من نفذ هذه السياسة الاقتصادية بالتواطؤ أو على الأقل له دور في إيصال سورية إلى ما وصلت إليه وما يؤكد وجهة نظرنا هذه أنه هو أتى من قلب المنظمات الاقتصادية الغربية الاستعمارية وهاهو الآن يعود إليها ويفاجئنا حالياً بإطلالته الجديدة ككبير خبراء اقتصاديين في لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (إسكوا) ويرأس فريقاً اقتصادياً في المنظمة المذكورة ويعد أو أعد دراسة لإعمار سورية بعد الحرب والتي يتنبأ بانتهائها في عام 2015.
بربكم.. أليست مفارقة مضحكة ومحزنة بل ومحزنة إلى حد البكاء أنه كان سابقاً رئيساً لفريق اقتصادي في الحكومة السورية وألحق الضرر المخطط والمرسوم لسورية اقتصادياً واجتماعياً وأجمعنا كلنا بأنه وفريقه الاقتصادي كان أحد العوامل الأساسية في أزمة سورية ونراه اليوم يطل علينا بأفكاره وخططه لإعادة إعمار سورية وقد تم استقباله بشكل رسمي من حكومتنا!!
دخل علينا بشعارات وأوهام يبشر باقتصاد زاه وواعد وخرج باقتصاد متراجع وازدياد في البطالة والفقر ويعود علينا بلبوس جديد وهو بأنه ومنظمته يريدون إعادة إعمار سورية!؟
«لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين»
أليس من العقل أن نستمع إلى الحكمة القائلة: «لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين». وهنا لا بد من التساؤل والإجابة مطلوبة من المعنيين بالمستويات كافة: بعد أن أنجز المذكور مهمته الأولى بنجاح أو شبه نجاح ، هل نوافق لأن يباشر مهمته الثانية من المخطط المرسوم؟ وقبل الإجابة لابد من الحذر والتفكير طويلاً واتخاذ القرار وهذا القرار يجب أن يكون وطنياً صرفاً، وإن لم يستطع المعني الرسمي أن يقول لا لوجوده بيننا فالمعني الشعبي سيعود ويؤكد رفض وجوده بيننا..
• أمين شؤون العمل في الاتحاد العام لنقابات العمال
عن موقع الاتحاد العام لنقابات العمال