إيران والخليج... بوادر التهدئة؟
ما تزال آثارُ حرب الناقلات تفعلُ فعلها في تحفيز جملة من التغييرات على الصعيد الإقليمي، وعلى رأسها التطورات الأخيرة في رفع درجة علنية العلاقات بين جزء من دول الخليج وإيران، أو ما سُمّي بـ«التقارب الإيراني الخليجي».
ما تزال آثارُ حرب الناقلات تفعلُ فعلها في تحفيز جملة من التغييرات على الصعيد الإقليمي، وعلى رأسها التطورات الأخيرة في رفع درجة علنية العلاقات بين جزء من دول الخليج وإيران، أو ما سُمّي بـ«التقارب الإيراني الخليجي».
لم يعد مستغرباً، ولا جديداً، التسييس الواضح في التعاطي مع نتائج جولات أستانا؛ فأولئك المؤيدون للغرب، وبالأحرى التابعون له، يستبقون كل جولة من جولات أستانا بحملات «المقاطعة»، والدعوات إلى مقاطعة المسار، ووصفه– كالعادة- بأنه انحراف عن مسار جنيف، والتفاف على 2254... وإلخ. من ذلك الدعوة شبه الصريحة التي أطلقها رئيس هيئة التفاوض لوفد المعارضة ضمن أستانا لمقاطعة حضور المؤتمر بذريعة الحملة العسكرية على إدلب.
يبدو أن سيناريو «حرب الناقلات» التي أطلقها الأمريكيون والبريطانيون قد وصل أيضاً إلى «حافة الهاوية»، وأيضاً بلا أية نتائج لصالح الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها.
تسبّب قيام قوات العدو بهدم عددٍ من المنازل في حي وادي الحمص شرق مدينة القدس في الثاني والعشرين من الشهر الماضي- كخطوة جديدة في إطار العنوان الفضفاض المسمّى بـ«صفقة القرن»- بتداعياتٍ سياسية ودبلوماسية عدّة، كانت قد كشفت النقاب عن جهودٍ روسية إيرانية متوازية تسمح بتقدير أنه قد يكون هنالك حراك مشترك بين الدولتين للعمل على الملف الفلسطيني، ولا سيما موضوع الانقسام.
اختتمت الجولة 13 من أستانا أعمالها يوم الجمعة الفائت، مثبّتة الخط العام لاجتماعات أستانا، والساعي إلى استكمال فكفكة العقد العسكرية لفتح الباب واسعاً أمام الحل السياسي.
تُبين تطورات «حرب الناقلات» أن مضيق هرمز هو نُقطة من عدة نُقاط تجارية عموماً وبحرية خاصةً تجري محاولات توتيرها، أيّ أن الحوادث التي ابتدأت من الخليج العربي ومضيق هرمز بذريعة التوتر الأمريكي-الإيراني لا يتعلق فقط بالشأن الإيراني، بل ما هو إلا أحد جوانب القضية، ويُسقط مباشرة الادّعاءات حول «حُرية الملاحة» التي تغنّى بها البريطانيون والأمريكيون حينما كان الأمر محصوراً في مضيق هرمز، ليتضح مع توسّع رقعة هذه الحرب وتعدد نقاطها، أنّ هدفها هو مُجمل النشاط التجاري العالمي الذي بات يأخد من الشرق بوصلة ووجهة له.
يستمر مسلسل التصعيد البحري في الخليج العربي ومضيق هرمز حيث تتوالى الحوادث والمستجدات بالظهور بشكل شبه يومي، كان أبرزها في الأسبوع الماضي ما قيل من «إسقاط الأمريكيين لدرون إيرانية» واحتجاز الإيرانيين لناقلة نفط بريطانية جديدة.
لم يكد ينقضي شهر على إسقاط إيران للطائرة المسيرة الأمريكية، وما تلاه من أخذ ورد، حتى دخل التوتر مرحلة جديدة عبر حرب الناقلات المتنقلة من جبل طارق إلى مضيق هرمز ووصولاً إلى البرازيل.
قال رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، دونالد ترامب، في تصريح أدلى به خلال اجتماع للحكومة الأمريكية، اليوم الثلاثاء، إنه «تم تحقيق تقدم كبير في ما يخص إيران» مضيفاً: «نريد مساعدة إيران والعمل معها، ولا نسعى إلى تغيير النظام فيها».
تراجعت حدّة لهجة واشنطن مع إيران واتجاه الاتفاق النووي بعد قمّة مجموعة العشرين الأخيرة، وإن بالجانب الشكلي على أقل تقدير، ليحلّ محلّها تصعيدٌ بريطاني يرفع من حالة التوتر ويديمها في منطقة الخليج العربي، لأسباب: منها ما يتوافق مع رغبة الطرف الأمريكي، وأخرى تتعلق بأزمة بريطانيا نفسها.