الاستفزازات الأمريكية... ومعادلة ردع تفرضها كوريا الشمالية
حلا الحايك حلا الحايك

الاستفزازات الأمريكية... ومعادلة ردع تفرضها كوريا الشمالية

في الأسبوع الأول من تشرين الأول 2025، دخلت كوريا الشمالية مرحلة جديدة من التصعيد السياسي والعسكري، إذ كثّفت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية من تحركاتهما العسكرية في محيط شبه الجزيرة الكورية، الأمر الذي وصفته بيونغ يانغ بأنه «تصعيد عدواني ممنهج يهدف إلى خنق السيادة الوطنية لجمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية». هذه التحركات لم تكن مناورات روتينية وحسب، بل جاءت ضمن نمط متكرر من العسكرة الغربية للمنطقة، يهدف إلى فرض ميزان قوى يخدم مصالح واشنطن وحلفائها.

أطلقت كوريا الشمالية في 7 تشرين الأول صاروخاً باليستياً لم تُعلن عن نوعه، أو مداه، باتجاه بحر اليابان، وذلك في إطار ردها على جملة من الاستفزازات التي قامت بها كل من الولايات المتحدة الأمريكية وكوريا الجنوبية خلال الأسبوع الماضي. ففي خطوة اعتبرتها بيونغ يانغ تهديداً استراتيجياً، وافق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على دعم مشروع لبناء غواصة تعمل بالطاقة النووية لصالح كوريا الجنوبية، وهي خطوة يرى محللون أنها ستمثل نقلة نوعية للأخيرة، تضعها في عداد مجموعة محدودة من الدول التي تمتلك هذه التقنية. كما أجرت القوات الجوية للبلدين تدريبات مشتركة شملت طائرات شبح ومقاتلات استراتيجية، في عرضٍ للقوة العسكرية قرب الحدود الشمالية. وتمركزت حاملة طائرات أمريكية قرب المياه الكورية. بالإضافة إلى زيارة وزير الدفاع الأمريكي للمنطقة منزوعة السلاح، والتي أثارت استياءً واسعاً في الإعلام الرسمي الكوري الشمالي، ورأى فيها «استعراضاً وقحاً للقوة».

وفي هذا السياق، ردود بيانغ يونغ حاسمة وواضحة، وأبرزها ما جاء خلال بيان وزير الدفاع الكوري الشمالي نو كوانغ تشول حيث قال: «أصبحت التحركات العسكرية الأمريكية مؤخراً أكثر جرأة في تهديد أمن جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية، مما يزيد عمداً من التوتر السياسي والعسكري في المنطقة» وحذر أنه «في المستقبل، ستصبح جميع التهديدات التي تتعدى على نطاقنا الأمني أهدافاً مباشرة لجمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية وسيتم إدارتها بالطريقة اللازمة، ونحن مستعدون للرد على كل شيء» وشدد على أنه «سنُظهر المزيد من الإجراءات الهجومية ضد تهديدات الأعداء على مبدأ ضمان الأمن والدفاع عن السلام بقوة قوية».

في ظل محاولات واشنطن المستمرة لتأخير تراجع نفوذها العالمي وتطويق خصومها السياسيين، تبدو منطقة شرق آسيا ساحة مركزية في معادلة الهيمنة. معادلة تسعى واشنطن لتثبيت حدودها بقوة البلطجة، بينما تحاول القوى البديلة فرض واقع جديد يستند إلى قوة الواقع الموضوعي. فهذه المحاولات تبدو متسقة مع عزم الولايات المتحدة على تركيز قدراتها في منطقة شرق آسيا، فتحركات من هذا النمط ترفع بشكلٍ طبيعي من درجة التوتر، لكن يبقى السؤال: هل تستطيع واشنطن فتح جبهة جديدة؟ أم أنّها تعوّل على توريط أطراف آخرين في مغامرات من هذا النوع؟ فالرئيس الأمريكي يرسل رسائل متناقضة، فمن جهة هناك أنباء عن احتمال عقد قمة أمريكية-كورية شمالية، لكنه يتجاهل في الوقت نفسه الشرط الذي أعلنه كيم جونغ أون، بالنسبة لكوريا الشمالية، السبيل الوحيد لعقد محادثات من هذا النوع هو تخلي الولايات المتحدة عن «وهم إرغام بيونغ يانغ على التخلي عن أسلحتها النووية». ما يجعل التحركات الأخيرة مناورة سياسية تهدف للتغطية على سلسلة ضغوط أمريكية جديدة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1251