تفاهمات في القرن الأفريقي والتركيز على تأمين البحر الأحمر
كنان دويعر كنان دويعر

تفاهمات في القرن الأفريقي والتركيز على تأمين البحر الأحمر

عُقدت القمة الثلاثية التي جمعت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، والرئيس الإريتري أسياس أفورقي يوم الخميس 10 أكتوبر في العاصمة أسمرة، بدعوة من الرئيس الإريتري. وقد تناولت القمة تعزيز العلاقات بين الدول الثلاث في المجالات المختلفة، إضافة إلى مناقشة الأوضاع الإقليمية، وسُبل ترسيخ الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر.

رغم أن التوترات الإثيوبية مع مصر من جهة، والصومال من جهة أخرى، وكانت الموضوع الأساسي الذي تناولته وسائل الإعلام، إلا أن القمة لم تقتصر على هذا الجانب فقط. فقد كانت قضية الأمن البحري في البحر الأحمر محوراً رئيسياً أيضاً، وهو ما أوضحه الرئيس المصري خلال المؤتمر الصحفي المشترك بعد القمة. وقال السيسي: «اجتمعنا اليوم للتشاور حول سُبل التصدي لمخططات تستهدف زعزعة الاستقرار في منطقتنا، خاصة في القرن الأفريقي والبحر الأحمر». وأكد الرئيس المصري على ضرورة دعم الجيش الصومالي، وتعزيز الجهود الدولية والإقليمية لحفظ وبناء السلام في الصومال.
وأكد السيسي على أن البحر الأحمر يشكل شرياناً مهماً لحركة التجارة العالمية، وأن اضطرابات الملاحة البحرية فيه تشكل تهديداً مباشراً لمصالح الدول المشاطئة وللاقتصاد العالمي. وأوضح أن استمرار الأوضاع التي تسببت في هذا الاضطراب في إشارة للعدوان «الإسرائيلي» المستمر، يفرض على الدول تعزيز التعاون الإقليمي لتأمين الملاحة.

أهمية القمة وتأثيراتها الإقليمية

هذه القمة تأتي في إطار الجهود الإقليمية لتخفيف حدة التوترات، وفتح قنوات جديدة للتفاهم بين الدول القرن الأفريقي ذات المصالح المشتركة. ومن خلال تعزيز التعاون الثلاثي، تسعى الدول الثلاث إلى بناء أرضية متينة من العلاقات التي تمكنها من مواجهة التحديات، بعيداً عن التدخلات الخارجية. كما أن لقاءات مصر مع جماعة أنصار الله اليمنية تشير إلى جهود مصرية لتأمين مضيق باب المندب، أحد أهم ممرات الملاحة العالمية، وذلك عن طريق التفاهم مع الحوثيين، لا الدخول في حربٍ معهم، كما تأمل الولايات المتحدة الأمريكية.
بالإضافة إلى ذلك، ترى مصر أن دورها في تأمين البحر الأحمر يأتي ضمن إطار أوسع من الدفاع عن مصالحها القومية، وليس فقط رداً على التحديات الإثيوبية. فالنزاعات في المنطقة، مثل: العدوان «الإسرائيلي» المستمر على غزة ولبنان، تلقي بظلالها على استقرار الملاحة في البحر الأحمر، مما يبرز دور مصر في تعزيز الاستقرار الإقليمي، في مواجهة السعي الصهيوني ومن خلفه الأمريكي في رفع درجة التوتر في المنطقة، وصولاً إلى مرحلة الانفجار. ضمن هذا السياق أيضاً، يمكن قراءة التصريحات التي أطلقها زعماء المنطقة في القمة الثالثة لمنتدى حوار التعاون الآسيوي التي استضافتها قطر، والتي حضرها الرئيس الإيراني، والتي أكد فيها قادة الدول الخليجية التزامهم الحياد المطلق.
قمم إقليمية كهذه تلعب دوراً حيوياً في تخفيف التوترات، وتجنب تصعيد النزاعات القائمة. إنها نماذج للتفاهمات المحلية، بعيدة عن التدخلات الكبرى من القوى العالمية، خاصة تلك التي تسعى إلى تحقيق مصالحها على حساب استقرار المنطقة.

في ظل التوترات الإقليمية والدولية، تأتي القمة الثلاثية بين مصر، الصومال، وإريتريا كخطوة إيجابية نحو تعزيز الاستقرار والتعاون في المنطقة. دور هذه القمم يتجاوز التحديات المباشرة، ليشمل بناء علاقات قوية قادرة على مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية المشتركة، دون الحاجة إلى تدخلات من القوى العالمية الكبرى. إنها دعوة لبناء حلول إقليمية مستدامة، تراعي مصالح الدول الأفريقية والآسيوية، في وقت تتزايد فيه المخاطر.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1196