هل ستنسحب القوات الأمريكية من العراق؟
ملاذ سعد ملاذ سعد

هل ستنسحب القوات الأمريكية من العراق؟

أُعلن مجدداً عن جولة جديدة من المحادثات بين الحكومة العراقية وواشنطن، حول خروج قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية من العراق، وتم التوصل إلى اتفاق وسقف زمني من عام إلى عامين لإتمام الأمر، بينما يُشكك الجميع بصحّة ومصداقية هذا الانسحاب.

وفقاً للاتفاق، ستغادر جميع قوات التحالف الدولي بما فيها الأمريكية قاعدة عين الأسد الجوية في محافظة الأنبار، وتقلل من وجودها في العاصمة بغداد وغيرها بحلول شهر أيلول من عام 2025، بينما سيبقى جزء من هذه القوات في محافظة أربيل في إقليم كردستان، بذريعة ترتيب العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش في العراق وسورية.

يشكك العراقيون بمصداقية الجانب الأمريكي، فضلاً عن عدم وضوح مفرداته تماماً، فهل سيكون انسحاباً شاملاً بما تعنيه الكلمة؟ وهل هناك اشتراطات؟ وما طبيعة نشاط هذه القوات في المتبقي لها؟

ومن أبرز المشككين، فصائل المقاومة العراقية التي أعلنت تنسيقيتها أن الولايات المتحدة «غير صادقة» بهذا القرار، شاكرة جهود الحكومة العراقية، إلا أنها أكدت على 3 بنود أساسية ينبغي تضمينها.

أولاً: أن يكون الخروج شاملاً ووفق جدول زمني واضح.

ثانياً: ألّا تكون عملياتهم ضمن الأراضي السورية انطلاقاً من الأراضي العراقية، على اعتبار ذلك مخالفاً للدستور، ولعلاقة حسن الجوار.

ثالثاً: عدم منح الحصانة للقوات العسكرية الأجنبية أياً تكن مسمياتها، وأكدت الهيئة أنه «بخلافه فنحن غير معنيين بأي اتفاق لا يتضمن ما ذكر أعلاه».

في الجانبين التكتيكي والاستراتيجي، جاء هذا الاتفاق وسط توترات وتصعيد إقليمي كبير، جراء حرب الكيان الصهيوني على قطاع غزة، وعشية بدء الكيان إجرامه شرقاً وشمالاً، مستهدفاً الضفة الغربية ولبنان وحزب الله، بالإضافة لضربات في اليمن، مع استفزازات وتهديدات كبرى لإيران، وصولاً للضربة الصاروخية الإيرانية الأخيرة، وأحاديث الرد «الاسرائيلي» الجارية الآن، وفي خضم ذلك كله، تتلقى قوات التحالف الدولي والأمريكية خصوصاً- سواء في العراق أو سورية- هجمات متزايدة ومتصاعدة من قبل فصائل المقاومة، مع تهديدات مباشرة، بأن أي تصعيد ضد إيران فستكون هذه القوات الأمريكية هدفاً مباشراً.

جاء إعلان الاتفاق عن الانسحاب وسط المشهد السابق، وتبنى عليه عدة سيناريوهات من زاوية الأمريكي:

الأول: هو المعتاد والمكرر، بكسب المزيد من الوقت، ومحاولات تهدئة وتخفيف الضغوط الداخلية على الحكومة العراقية من جهة، والمناورة «فنياً» مع فصائل المقاومة العراقية، ريثما تُحسم هذه المسألة بفعل التطورات، بين إما استمرار بقائها بذريعة حربٍ ما، على الإرهاب أو على إيران، أو حرفياً طردها، بحيث لم يعد هناك مجالٌ لأي دقيقةٍ أخرى.

الثاني: أن يكون الوقت المتبقي والمتفق عليه هو أكثر من كافٍ فيما يتعلق بالتصعيد الإقليمي الجاري، والتحضير لتفجير المنطقة ككل، وذلك تكاملاً مع ما يجري الآن ويدفع به الكيان الصهيوني، فعند لحظةٍ ما، تخرج هذه القوات مخلفةً وراءها فوضى شاملة، قد يكون مفتاحها القديم الجديد نفسه: داعش. خاصة مع ملاحظة عودة نشاطه بشكل أعلى مقارنة مع الفترة السابقة. وذلك بصرف النظر عن احتمالات اندلاع حرب إقليمية شاملة.

إن الموعد المفترض لهذا الانسحاب يمكن أن يتحوّل إلى سقف زمني لتنفيذ مشروع الفوضى، مع ما يعنيه ذلك من تزايد في التصعيد الأمريكي والإسرائيلي خلال هذه المدّة.

كل ذلك يؤخذ بالحسبان من زاوية ووجهة نظر واشنطن، إلا أنه لا يعني بأي حال من الأحوال نجاح أيّ منها، أو بالشكل الكافي لها، إلا أن التجارب توضح، لا تخرج القوات الأمريكية إلا بالطرد كالنيجر، أو مخلفةً وراءها مشكلة ما كأفغانستان وطالبان.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1195