أوروبا تنتفض على قيادة اتحادها وعلى الولايات المتحدة الأمريكية؟
حمزة طحان حمزة طحان

أوروبا تنتفض على قيادة اتحادها وعلى الولايات المتحدة الأمريكية؟

بعد إيطاليا وألمانيا وفرنسا، جاء الآن دور النمسا، حيث أفادت وكالات الأنباء الرسمية بتقدّم «حزب الحرية» اليميني بالمركز الأول، في الانتخابات البرلمانية في البلاد، وذلك لأول مرة في تاريخه. 

ما الرابط بين تقدّم الأحزاب الجديدة الصاعدة- خاصة في أوروبا- وموقفها المتناقض مع سياسات الاتحاد الأوروبي، ومع سياسات الولايات المتحدة الأمريكية؟
في النمسا، حصد «حزب الحرية» المركز الأول بنسبة 29.1%، وفي المركز الثاني «حزب الشعب» بنسبة 26.2% وهو صاحب الأغلبية البرلمانية حالياً، والثالث الحزب الديمقراطي الاشتراكي النمساوي بنسبة 20.4%، يليهم حزب «النمسا الجديدة» 8.8%، والخضر 8.6%.
لا تعطي هذه النتائج أغلبية برلمانية لـ «حزب الحرية» اليميني، مما يعني أنه لن يكون بمقدوره تشكيل حكومة يطمح إليها، وذلك يُعدّ باباً لبدء إشكالية تشابه ما يجري في فرنسا، إذا لم تتمكن الأحزاب من عقد تحالفات فيما بينها، أو تشكيل حكومة ائتلافية مع حزب الحرية، وهو ما تجري معارضته وضوحاً.
يتقاطع «حزب الحرية» هذا مع حزب مشابه في ألمانيا، ومع جبهة اليسار في فرنسا في مسألة معارضتهم للعقوبات الأوروبية على روسيا، وإعادة تحسين العلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية معها، وموقفهم الواضح بوقف الدعم العسكري والسياسي والمالي لأوكرانيا، والدفع نحو حلّ الأزمة، وهي المواقف التي تعبّر عن المزاج الشعبي الأوروبي عموماً، والمتعارضة تماماً مع واشنطن وبروكسل وتمثل بذلك نوعاً من التمرّد، من حيث الشكل.
لكن من جهة أخرى، وإذا ما استثنينا «فرنسا الأبية» فإن هذه الأحزاب والقوى اليمينية بمواقفها المتشددة فيما يتعلق بالمهاجرين ومسائل أخرى، وصعودها بهذا الشكل وعلى هذه الجوانب، فإنها تهيئ أرضيةً للتوتر الاجتماعي والأهلي، وهو التوتر الذي يتخذ حالات الحوادث الفردية بين حين وآخر، إلا أنه قد يصبح فعلاً جماعياً، كما شهدنا ذلك في بريطانيا منذ قرابة الشهر، أو أكثر من ذلك.
التوجه نحو هذه التوترات، يفيد واشنطن كذلك الأمر، ومن ذلك لا يمكن تبرئتها عن دفع قوى اليمين المتطرف إلى الواجهة. فالتمرّد الأوروبي عموماً على واشنطن ووكلائها أوروبياً ليس جديداً، لكن ومن وجهة نظر واشنطن، إن لم تكن قادرة على منع هذا التمرّد تماماً، لِماذا لا تديره بطريقة محددة؟ فإن كان تراجعها المزمن سيخرجها أو يضعفها من أوروبا أيضاً، لِماذا على أوروبا أن تبقى مستقرة، أو قوية، وفي موقع المنافس في مجالات مختلفة؟

معلومات إضافية

العدد رقم:
1195