«جبهة تحرير الشعب» تفوز برئاسة سريلانكا
بعد عقود طويلة من الحكم الدكتاتوري وتداول للسلطة بين فئة سياسية محددة في سريلانكا، خرجت البلاد من دوامتها لأول مرة، وعند أول فرصة بإجراء انتخابات رئاسية حقيقية، فاز بها «مرشح التغيير» اليساري أنورا كومارا ديساناياكي عن حزب «جبهة تحرير الشعب» الماركسي اللينيني.
أطيح بالرئيس السريلانكي السابق غوتابايا راجاباكسا، وهرب، بعد موجة احتجاجات واسعة جداً شهدتها سريلانكا في عام 2022، إثر أزمة اقتصادية كبيرة وخانقة، كانت قد تراكمت وتدهورت سنيناً طويلة إلى أن أعلنت سريلانكا إفلاسها بوجود إجمالي ديون 83 مليار دولار، وسط نهب ومستوى فساد عالٍ جداً في السلطة، ليصل الأمر ذروته خلال جائحة كورونا.
بعد هرب راجاباكسا خارج البلاد، عين البرلمان السريلاني وانيل ويكريمينسيغه لتولي رئاسة البلاد خلال الفترة المتبقية من ولاية راجاباكسا، ويبدو أن السريلانكيون واليساريون منهم كانوا يتحينون ويتحضرون لهذه اللحظة الانتخابية.
أعلن عن فوز ديساناياكي بنسبة 42.3% من الأصوات، بينما منافسه الأقرب ساجيث بريماداسا حصد 32.76%، بفارق مليون صوت، أما الرئيس المنتهية ولايته ويكريمينسغه فقد حصد فقط نسبة 17.27%.
وبالمقارنة، كان قد خاض ديساناياكي انتخابات في 2019 حصد خلالها نسبة 3.5% فقط، إلا أن هذه النسبة يُشكك بها في طبيعة الحال بسبب الفساد والتلاعب السياسي على يد الطغمة السياسية الحاكمة سابقاً.
يواجه ديساناياكي حالياً مهام صعبة جداً، على المستوى الاقتصادي، هناك مسائل مثل: التعافي من الأزمة وكيفية التعاطي مع مسألة الإفلاس والديون، وهناك أيضاً ضرورة لمواجهة الفساد الكبير والعميق في الدولة السريلانكية، الذي يعد واحداً من المشاكل السياسية الكبرى في البلاد، إلى جانب منافسة شرسة مع خصوم الرئيس الجديد المتجذرين في النظام.
وأمام ديساناياكي تحدّيات اجتماعية فيما يتعلق بالمكونات السريلانكية واختلافاتها القومية والدينية– سنهاليين وتاميل وبوذيين وهندوس– التي عمدت النخبة الحاكمة على مدى عقود لإبقاء هذه الفوالق والخلافات حيّة وعرضة للانفجار، إلا أن ميزة ديساناياكي و«جبهة تحرير الشعب» علاقاتهم الإيجابية مع المكونات كافة في إطار هوية سياسية واحدة: سريلانكية، وهو ما عزز من فرص الفوز بالانتخابات.
في خطته، يعتزم ديساناياكي إصلاح قوانين إدارة الضرائب في البلاد، وهي واحدة من المشكلات الأبرز التي يعاني منها السريلانكيون، والتي بمعالجتها ستعطي أثراً إيجابياً، إلا أنها لا تكفي بطبيعة الحال، وهناك صندوق النقد الدولي وديونه وخطة إنقاذه الأخيرة بـ 2.9 مليار دولار، والتي تتعارض شروطها مع موضوعة إصلاح قوانين الضرائب. كما يعتزم لإلغاء النظام الرئاسي التنفيذي، واعتماد نظام حكم برلماني.
وفق وعوده، من المفترض أن يتجه ديساناياكي الآن نحو حل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة، خاصة أن التشكيلة البرلمانية الحالية تحتوي 30 مقعداً فقط لجبهة تحرير الشعب من أصل 255 مقعداً، الأمر الذي لا يعكس النتيجة السياسية المعبر عنها بالانتخابات الرئاسية من جهة، ويشكل تحدياً للرئيس الجديد من جهة أخرى في أي قرار يتخذ.
وقد عيّن الرئيس الجديد، اليسارية هريني أماروسوريه رئيسةً للوزراء، ومجلس وزراء للبلاد من أعضاء حزب تحرير الشعب نفسه.
حتى الآن، يجري ديساناياكي ترتيبات السلطة من وزارات وبرلمان وغيرها، وما يبدو واضحاً تركيزه عليه حالياً هو العلاقة مع صندوق النقد الدولي، إذ يظهر الرئيس حتى الآن مرونة في التعاطي معه، مؤكداً التزامه بدفع الديون، الأمر الذي يراه البعض نوعاً من المناورة، ومحاولة لعدم فتح مجموعة جبهات داخلية وخارجية دفعةً واحدة.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1194