السودان… هل يمكن فصله عن التطورات الأخيرة؟
عتاب منصور عتاب منصور

السودان… هل يمكن فصله عن التطورات الأخيرة؟

مع أن المعارك في السودان لم تتوقف بشكلٍ جدي منذ بدأت في نيسان الماضي، إلا أن أحداث الأيام الماضية وجّهت الأنظار إلى هناك مجدداً، بعد أن كشفت التطورات سعي قوى محددة لتسخين الجبهات أكثر، وهو ما يعني أن الرهان على تحويل السودان إلى صاعق تفجير للمنطقة لا يزال قائماً.

الصراع السياسي الذي انتقل لاحقاً إلى صدام عسكري بين «قوات التدخل السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو، والجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان رئيس «مجلس السيادة السوداني» تحوّل إلى فصل دموي جديد في تاريخ السودان، والنتائج الكارثية لهذه الحرب المشتعلة منذ 261 يوم لا يمكن حصرها بعد بشكلٍ دقيق، فحسب إحصائيات الأمم المتحدة، نزح أكثر من 7 ملايين إنسان، وقتل أكثر من 12 ألف آخرين. هذا بالإضافة إلى أن نزاعاً من هذا النمط، وفي ضوء التركيبة السياسية والاجتماعية للسودان، يمكن أن يدفع البلاد إلى تفتيت إضافي يعيد أمامنا مأساة تقسيمه، وإعلان استقلال جنوب السودان في 2011.

ما الجديد؟

لا شك أن المعارك في الأيام الماضية شهدت زخماً مرتفعاً، وخصوصاً تلك التي جرت في محيط مدينة ود مدني، التي انتهت بسيطرة الدعم السريع عليها، وهي مركز استراتيجي حقيقي، وتعد أكبر مصدر غذائي واقتصادي، التفاصيل الميدانية لهذه المعركة وانسحاب الجيش منها، وبالرغم من أهميتها لم تُغير بالمعطيات العامة كثيراً، إذ كانت المعارك مستمرة، وتنافس الطرفان على نقاط استراتيجية ومواقع حساسة في البلاد، إلا أن ما يثير الاهتمام اليوم، أن اللحظة التي اشتدت فيها المعارك تأتي في سياق حساس في منطقة البحر الأحمر وحوض النيل. للصراع أسباب داخلية بلا شك، لكن استثمار وتغذية هذا الصراع يمكن أن تكون لها جذور أكبر وأوسع، وتحديداً، بالنظر إلى أن تفجير السودان يمكن أن يؤدي عدة أغراض، الأول: هو زيادة التوتر العام في القرن الإفريقي الاستراتيجي، ومن جهة ثانية تبدو مصر في خلفية أي حدث يجري هناك، هذا بالإضافة إلى أن إطلالة هذا الأخير على البحر الأحمر يمكن أن تتحول إلى مسرح مهم للأحداث الحالية.

جولات ومبادرات

تعددت الدعوات مؤخراً لعقد لقاء بين حميدتي والبرهان، ولعبت منظمة «إيقاد» دوراً في تنظيم وتيسير هذا اللقاء المرتقب، المنظمة التي تضم في صفوفها ثماني دول، منها: جيبوتي وإثيوبيا وأوغندا، كررت دعوات من هذا القبيل، لكن الأطراف المعنية لم تستطع إنجاز المهمة حتى الآن، ولا شك أن بعض الدول الإفريقية ودول الإقليم الواسع تعمل على تعميق الروابط مع أحد أطراف الصراع أو كليهما. ما بات مبرراً بالنسبة لحميدتي والبرهان لحشد أكبر دعم ممكن على المستوى الإقليمي، كان أبرزها في الفترة الماضية: زيارة قائد قوات الدعم السريع إلى أوغندا ثم إلى إثيوبيا، وتقول مصادر أخرى: إن جنوب السودان سيكون من المحطات المقبلة.

السودان وما يجري فيه الآن، هو جزء من صورة شاملة تعيشها المنطقة، فالأهداف من تغذية الصراع لا يمكن أن تكون داخلية فسحب، بل هي أهداف أوسع، تصل إلى المنطقة كاملة، وإذا ما أعدنا ترتيب الضغوط التي تتعرض لها مصر في هذه اللحظة، لا يمكننا إلا أن نضع السودان بوصفه مساحة ضغط أساسية وخطيرة، وإن كان أحد الأهداف الأمريكية في اللحظة، هو الإطباق على مصر ومحاولة إشعالها، فواشنطن تدرك أن تحقيق ذلك لا يمكن أن يتم دون استثمار السودان وتفجيره كتمهيد للطريق إلى القاهرة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1155