بلير ينافس سوناك من مِنّا التابع المرضي لواشنطن؟
خرج رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير بجملة من المواقف والادعاءات القديمة- الجديدة خلال الأسبوع الماضي، وذلك أثناء مقابلة معه بمناسبة اقتراب الذكرى العشرين للغزو الأمريكي على العراق، ومشاركة القوات البريطانية به.
زعم بلير خلال المقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية، أن العراق تأزم جداً وغرق في الفوضى، ونما به التطرف الإرهابي بعد خروج القوات الأمريكية منه في عام 2011، متناسياً تماماً آثار الاحتلال الأمريكي التدميرية من جهة، واستمرار وجود القوات الأمريكية في العراق بعد 2011 من جهة ثانية، بما تتضمنه من دور نمّى وعزز الإرهاب في المنطقة، وصولاً لتنظيم داعش وذروة توسعه التي لم تكن لتنتهي دون التدخل العسكري الروسي.
وشبّه بلير ما جرى في العراق بما يجري في أوكرانيا، وكأن بغداد كانت على تخوم واشنطن في 2003 وغيّرت من جغرافيتها حديثاً، أو أنها كانت بوحدة سياسية معها في عالمٍ موازٍ، أو أن الفلوجة احتوت سكّاناً أمريكيين من أصول ساكسونية وناطقين بالانكليزية كدونباس مثلاً. ناهيك عن كافة الشروط والأسباب والذرائع المحيطة والمختلفة كلياً في الملفين.
علاوةً على ذلك، اعتبر بلير أن أوكرانيا لم تبدِ أية استفزازات تجاه روسيا، وأنها تحتوي ديمقراطية ورئيس منتخب ديمقراطياً، متناسياً أحداث كييف والثورات الملونة، وما أنتجته من انقلابات سياسية وصولاً لـ 2014، ومتناسياً سعي كييف المحموم للانضمام إلى حلف الناتو العسكري، بما يعنيه ذلك من توسع ونشر لقواته على الحدود الروسية... يحق لواشنطن عبور البحار بمزاعم كاذبة، واحتلال بلادٍ بأسرها وطحن أهلها، بينما لا يحق لموسكو حماية أمنها القومي في المنطقة الجغرافية التي تحتوي شعباً صوّت للانضمام إليها، وكان يحارب كييف منذ ما قبل العملية الخاصة.
على أية حال، كانت النقطة الأكثر إثارة بحديث بلير ما يتعلق بالعلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية، حيث انتقد رئيس الوزراء البريطاني الحالي ريشي سوناك بما اعتبره افتقاره التأثير على الرئيس الأمريكي جو بايدن، قائلاً: «إنه ليس الحليف الأول لأمريكا مثلما كنت أنا»، وزعم أنه رفض عرضاً من الرئيس جورج بوش في اللحظة الأخيرة قبل غزو العراق بعدم مشاركة القوات البريطانية عسكرياً، إلا أنه كان «غير مرتاح [...] علاقتنا الخاصة مع أمريكا كانت ستدمر إذا تركناهم يقاتلون بمفردهم» ومضيفاً: إنه حينما كان في منصبة كان أول من يقوم البيت الأبيض بالاتصال به، مشككاً أن سوناك يتلقى نفس المعاملة حالياً.
بمعنى آخر، يُنافس بلير سوناك حول منصب التابع الأكبر للولايات المتحدة الأمريكية، من مشاركة القوات العسكرية في الحرب إلى الاتصالات الهاتفية من جلالة الرئيس الأمريكي، وهو بهذه التصريحات يعكس جزءاً من حجم الهيمنة الأمريكية في بريطانيا، ومدى استسلام النخبة البريطانية لواشنطن بدرجة تكاد تكون مذلة حقيقةً.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1114