تحالف «أوكوس» يسابق الزمن والنتائج محسومة!
عتاب منصور عتاب منصور

تحالف «أوكوس» يسابق الزمن والنتائج محسومة!

النمو الصيني المتسارع في ميادين كثيرة شكّل تحدياً للهيمنة الأمريكية، لكن «الأمل» في غرف واشنطن المظلمة لا يزال قائماً في تفجير محيط الصين، وإدخالها في سلسلة من الصدامات العسكرية مع أذرع أمريكا في المنطقة، ويبدو أن تركيز دعاة الحرب في الولايات المتحدة ينصب على أستراليا واليابان وتايوان، وهو ما تؤكده صفقات التسليح الجديدة!

أعلن منذ أيام عن أكبر صفقة لتزويد استراليا بغواصات متطورة، وذلك في إطار الاتفاقية الدفاعية والأمنية المعروفة باسم «أوكوس - AUKUS» التي تضم الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا، فما هي دلالات هذا الإعلان؟ وهل يمكن فعلاً أن تتحول الصفقة إلى تهديد حقيقي بالنسبة للصين؟

تمهيد لابد منه

في البداية، لا يبدو الغرض وراء إنشاء هذا التحالف خفياً على أحد، ولا يتردد المسؤولون في التأكيد على أن بناء أحلاف من هذا النوع يهدف لاحتواء الصين، دون الأخذ بعين الاعتبار أن كل ذلك يجري في محيطها الحيوي، يجعله هذا تهديداً حقيقياً يستوجب إجراءات صينية في المقابل، ما يعرض تلك المنطقة لمغامرة كبيرة بنتائج كارثية مضمونة. ففي الوقت الذي عهِد العالم جنوح الولايات المتحدة لإشعال نزاعات من هذا النمط وتغذية نيرانها، إلا أن المشكلة تكمن بأن انخراط دول، مثل: أستراليا واليابان في مغامرات كهذه لا يمكن أن يمر دون فاتورة كبيرة، وبالضد من مصالح شعوب هذه البلدان، وهو ما يعد عاملاً حقيقياً لتطوير أرضية خصبة للخلافات السياسية، وحالة من عدم الاستقرار، مثل: اغتيال شينزو آبي في اليابان، والخلافات السياسية التي بدأت تظهر في أستراليا بعد الإعلان عن صفقة الغواصات المذكورة.

قطبة مخفية!

في إعلان خطير لديل تورو وزير البحرية الأمريكية في 21 شباط الماضي قال: إن «البحرية الصينية تتمتع بمزايا كبيرة مقارنة بمنافستها الأمريكية، بما في ذلك أسطول أكبر، وقدرة أكبر على بناء السفن الحربية وإنتاجها»، ثم أكد تورو: إن «لدى الصين أسطولاً أكبر الآن، لذا فهم ينشرون هذا الأسطول على مستوى العالم {...} سيكون من الواجب على واشنطن أن تُحدّث الأسطول الأمريكي رداً على ذلك، من ناحية الكمية والنوع».
لا تعتبر هذه التصريحات الأولى من نوعها في هذا السياق، فقد أكد عسكريون أمريكيون سابقون تفوق الصين في السيطرة البحرية في المنطقة المحيطة بها، وعجز القِطع العسكرية الأمريكية المنتشرة القيام بالمهام التي قد تنشأ في حال تطور الصراع هناك، لكن المثير للاهتمام في تصريحات وزير البحرية، هو التأكيد على قدرات الصين الكبرى في بناء وإنتاج السفن في فترات قياسية إذا ما اقتضت الحاجة، ما يثير الشكوك حول دوافع الولايات المتحدة لتوريط بلدان بأوزان عسكرية أقل بكثير في مواجهة مع العملاق الصيني. من جهة أخرى ورغم المزايا المتطورة التي تتمتع فيها الغواصات التي تشملها الصفقة، لكن مسألة حاسمة أخرى لا تلقى الاهتمام الكافي، وهي الآجال الموضوعة لإتمامها!

عالم يتغير بسرعة

تمتد الصفقة حتى عام 2055 لتكتمل كافة بنودها المعلنة، فالحديث المتداول يفيد بأن أستراليا ستستلم مجموعة من الغواصات ذات الدفع النووي في سنة 2027، ثم تبدأ المرحلة الثانية القائمة على نقل تكنولوجيا التصنيع إلى أستراليا، التي من المفترض أن تبدأ ببناء غواصات جديدة بعد العام 2040 لتكون قادرة على إطلاق أول غواصاتها ابتداءً من العام 2050.
وتشير بعض التقارير إلى أن تاريخ 2027 ما هو إلا تاريخ تأشيري يمكن أن تتأخر الولايات المتحدة وبريطانيا بتسليم هذه الغواصات إلى العام 2030، ما يعني أن الأهمية العسكرية الكبيرة لهذه الغواصات لن تشكّل تهديداً كبيراً بالنسبة للصين التي تستجيب بسرعة كبيرة لهذه التحركات، فإذا أخذنا بعين الاعتبار تصريحات الأمريكيين أنفسهم بأن الصين تملك قدرات تصنيع أكبر في هذا المجال، فيمكننا أن نسأل حينها: كيف ستكون الصورة في العام 2027؟ وهل ستكون هذه الغواصات قادرة على خلق تهديد على قوة الصين المتنامية؟ هذا إذا افترضنا نجاح الصفقة وقدرة أطرافها الإيفاء بالتزاماتهم.
التغيرات السريعة التي تجري في محيط الصين تلقى اهتماماً خاصاً من قبل النظام الصيني بطبيعة الحال، الذي يستند إلى قاعدة مالية وصناعية كبيرة تعطيه أفضلية في الحركة، طالما توفّر القرار السياسي بذلك، وهو ما بتنا نسمعه من أصوات المعارضة في أستراليا مثلاً، فهي وعلى الرغم من تحفظاتها على نفوذ الصين المتنامي، تطرح تساؤلات حول مصلحة البلاد بالاصطفاف إلى جانب الولايات المتحدة، دون التفكير بمصالحها الحقيقية.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1114
آخر تعديل على الأحد, 19 آذار/مارس 2023 22:18