انهيار بنك سيليكون فالي… هل يكون بداية انهيار أكبر؟
محرر الشؤون العربية والدولية محرر الشؤون العربية والدولية

انهيار بنك سيليكون فالي… هل يكون بداية انهيار أكبر؟

جاء الإعلان عن انهيار بنك وادي السيليكون في الولايات المتحدة كصدمة لقطاع الأعمال في أمريكا والعالم، وخصوصاً، أن البنك يُعد ركيزة أساسية للشركات الناشئة في قطاعات التكنولوجيا والقضايا البيئية، كالشركات المتخصصة بالبيولوجيا الحيوية، الأخطر من ذلك، أن هذا الانهيار سيكون نقطة بداية لجملة من التداعيات القادمة التي يصعب التنبؤ بحجمها حتى اللحظة.

يعتبر انهيار البنك المعروف باسم سيليكون فالي SVB الانهيار الأكبر منذ أزمة المالية في عام 2008، ويؤكد خبراء الاقتصاد والمصارف، أن هذا الانهيار يُعد ثاني أكبر انهيار إفلاس لبنك بالتجزئة. وتظهر الملامح العامة لتبعات هذا الانهيار على عدة مستويات، مثل: فروع البنك حول العالم، وأموال المودعين، فضلاً عن توقف البنك عن إقراض الشركات الناشئة، التي اعتمدت عليه لفترة طويلة في دعم هذه القطاعات الحساسة على مستوى العالم.

ما أسباب المعلنة لهذا الانهيار؟

يحتل البنك المرتبة 16 من حيث حجمه في الولايات المتحدة بأصول تبلغ 200 مليار دولار، وانخفضت أسهم البنك خلال أيام قليلة لأكثر من 70% إلى أن أعلن وقف التداول في أسهمه، وحجز على ودائع العملاء الذين تجمع بعضهم على أبوابه يوم الجمعة 10 آذار الجاري. وتحدث الخبراء، أن الأزمة بدأت بعد ظهور خلل واضح بين الودائع والإقراض، فقد تضاعفت الودائع في البنك بمقدار 4 مرات خلال 4 سنوات لتقفز من 44 مليار في 2017 إلى 189 مليار في نهاية 2021، في الوقت الذي نمت القروض من 23 مليار إلى 66 مليار. وتعتمد البنوك على الفارق بين سعر الفائدة التي تدفعه على الودائع، وتلك التي تجنيها من المقترضين، ومع تعاظم الفوارق بين قاعدة الودائع ودفتر القروض، حاول البنك حل المشكلة عبر تحصيل فوائد من أصول أخرى، مما دفعه لاستثمار مبلغ قدره 128 مليار عام 2021 في سندات الرهن العقاري، وسندات الخزانة طويلة الأجل بشكلٍ أساسي في ذروة ارتفاع أسعارها، ثم بدأت التداعيات الاقتصادية ورفع البنك الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة، ما دفع المودعين لسحب الأموال من SVB للاستثمار في السندات قصيرة الأجل (3 إلى 6 شهور) ما يعني ربحاً أكبر، تجاوز 5% بمقابل عوائد لا تتجاوز 3.5% في بنك سيليكون فالي. الذي وجد نفسه أمام نقص حاد في السيولة، ما دفعه لبيع محفظة سندات بقيمة 21 مليار دولار، لكن بأسعار أقل، مما كبده خسائر وصلت إلى 1.8 مليار دولار، هذا بالإضافة إلى طرحه أسهماً بقيمة 2.25 مليار بهدف توفير السيولة اللازمة. لكن إعلان وكالة موديز للتصنيف الائتماني تخفيض تصنيف البنك الائتماني- بعد اتضاح حجم أزمته- دفع المودعين لسحب أموالهم بسرعة خيالية، ما أدى لانهيار سريع في أسهمه. وأدى في النهاية لإعلان انهياره ووضعه تحت وصاية المؤسسة الاتحادية لتأمين الودائع التي ستتصرف في أصوله.

التداعيات الأولية

الصدمة الأولى سيتلقاها كل المودعين الذين سيكونون يوم الإثنين 13 آذار الجاري أمام فرصة لسحب ودائعهم بسقف 250 ألف دولار، ويحصلون على سندات مقابل المبالغ المتبقية. التي يمكن تحصيل جزء منها بعد تسييل أصول البنك. ما سوف يمنع الحسابات الكبيرة من التصرف في ودائعها بأقل تقدير. ما يعني أن ودائع شركات التكنولوجيا في وادي السيليكون قد تتبخر. ويؤدي ذلك إلى أزمة تشغيل كبرى، مع ما يرافقها من تعثرات وتسريح عمال وإفلاسات كبرى في أكثر القطاعات حيوية، والأكثر من ذلك ستتوقف القروض التي اعتمدت عليها هذه الشركات، ما يعني تباطؤاً كبيراً في حال لم يجر تأمين بدائل. وتمتد المشكلة إلى فروع البنك في العالم، والتي تنتشر في كثير من الدول، مثل: الصين وبريطانيا والدنمارك وألمانيا والهند و»إسرائيل» والسويد والتي بدأت تتلمس آثار الأزمة في الولايات المتحدة.
هذا الانهيار ربما يتحول إلى بداية لسلسلة انهيارات كبرى، ستكون الولايات المتحدة متضرراً أساسياً فيها، لكن آثارها ستكون كبيرة على كل الاقتصاد العالمي وقطاع المصارف، نظراً لدرجة التشابك الكبرى في هذه القطاعات حول العالم، وستكشف الأيام القادمة أن كانت الولايات المتحدة قادرة على احتواء هذه الأزمة أم أن الأمور ستخرج عن السيطرة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1113
آخر تعديل على الإثنين, 13 آذار/مارس 2023 10:49