داعش والولايات المتحدة والتخادم المعلن في العراق
ملاذ سعد ملاذ سعد

داعش والولايات المتحدة والتخادم المعلن في العراق

يستمر العراق بالدوران داخل أزمته، بينما يحاول «التحالف الدولي لمحاربة داعش» بقيادة الولايات المتحدة شراء المزيد من الوقت قبيل الخروج النهائي لكافة القوات العسكرية الأجنبية من البلاد، وبالتوازي مع ذلك، وككل مرة، يعاود تنظيم داعش الإرهابي التحرك مجدداً ليُستخدم كذريعة مؤقتة لاستمرار هذا الأمريكي.

بعد ما زُعم من انسحابٍ لكافة القوات العسكرية الأمريكية «القتالية» من العراق أواخر العام الماضي، استمرت الضربات الميدانية لمواقع ما تبقى مما يدعى بالقوات «الاستشارية والتدريبية» من قبل المقاومة العراقية، مع استمرار الضغط الشعبي والسياسي لإخراج جميع القوات الأجنبية وعلى رأسها الأمريكية من البلاد بشكل كامل تطبيقاً للقرار البرلماني 2020، ودون التفافٍ على مسميات هذا الوجود من قتالي وتدريبي.

التخادم الداعشي- الأمريكي

إثر ذلك، وكالعادة المكررة دوماً، ينشط تنظيم الداعش الإرهابي سواء في العراق أو سورية، ويقوم بعمليات إرهابية نوعية ترافقها تغطية إعلامية كبيرة، ويجري تثميرها سياسياً على لسان كل من الحكومة العراقية والولايات المتحدة وحلفائها لتبرير ما تبقى من وجود عسكري أجنبي وإطالة أمده قدر المستطاع.
فخلال الفترة السابقة حصلت عمليتان كبيرتان، أولاهما: كان هجوماً لعشرة من مقاتلي داعش على أحد مواقع الفرقة الأولى من الجيش العراقي في محافظة ديالى بشرقي العراق في الـ 21 من الشهر الجاري، وأسفر عن مقتل 11 جندياً عراقياً.
والثانية: كانت عملية سجن الصناعة في الشمال الشرقي السوري والمعركة التي دارت وأدت إلى نزوح الآلاف من الناس من مساكنهم، وفرار عددٍ من الإرهابيين الخبراء في داعش.
كما أن التنظيم قد شن هجوماً ثالثاً في محافظة صلاح الدين أصيب خلاله 3 جنود عراقيين.
وسرعان ما دانت السفارة الأمريكية في بغداد العملية الأولى قائلةً: «نحن نقف مع أصدقائنا وشركائنا العراقيين في مواجهة هذا العمل الإرهابي»، وذلك بالتوازي مع تصريح بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق UNAMI بقولها: إن هذا الهجوم يمثل «تذكيراً مؤلما بأن «داعش» لا يزال يشكل تهديداً»، ورافق ذلك سيل من التقارير الإعلامية والتصريحات الرسمية والتحليلات بضرورة تواجد قوات التحالف الدولي بمحاربة داعش والتعاون معها وإلخ..
وليظهر مرةً أخرى هذا التخادم المفضوح ما بين تنظيم داعش الإرهابي والولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة في كل مرة يرتفع بها منسوب الضغط الشعبي والسياسي والعسكري بإخراجهم.
ويذكر أن البرلمان الألماني قد وافق على تمديد مهمة الجيش الألماني في العراق حتى شهر تشرين الأول 2022، حيث صوت 553 نائباً لصالح التمديد بمقابل 110 وامتناع نائب واحد. ليشكل هذا القرار امتداداً للصوت والرغبة الأمريكية.

المسائل المعيشية وأزمة الطاقة

أما في المسائل الداخلية العراقية، فيستمر تدهور الوضع المعيشي للعراقيين، وتتفاقم أزمة الكهرباء، ليقوم رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بالتوجيه بثلاثة إجراءات لمعالجة أزمة نقص الطاقة، اعتبرها العراقيون لا تسمن ولا تغني من جوع، وكانت «زيادة حصة المولدات الأهلية من وقود زيت الغاز في المناطق التي تشهد انقطاعات متعددة للتيار الكهربائي، ومتابعة ضمان توزيع الحصص المقررة للمواطنين من النفط الأبيض، وتوفير كميات إضافية في منافذ البيع» و«توفير الوقود السائل لمحطات إنتاج الطاقة الكهربائية لتعويض النقص الحاصل في واردات الغاز المستورد من الجمهورية الإسلامية الإيرانية» وذلك وفقاً للبيان الحكومي، متناسية الحكومة بذلك أن النقص الحاصل من إيران يعزا إلى عدة أسباب، أحدها: العقوبات والحصار الاقتصادي الغربي على إيران، وما يفرض على ذلك من تبعات، والديون المترتبة على الحكومة العراقية لصالح طهران، والثالث والأهم: هو ميل الحكومة العراقية المتزايد نحو تقليص علاقات العراق مع إيران لصالح دول الخليج والولايات المتحدة، والمواقف السياسية والعسكرية المعادية لطهران، وليس أقلها الترحيب والتمديد للتواجد الأمريكي في المنطقة.
واستكمالاً لهذا النهج الحكومي، العراق والسعودية قاما بتوقيع مذكرة تفاهم في مجال الربط الكهربائي بين البلدين في الـ 25 من الشهر الجاري، وقال وزير الكهرباء العراقي عادل كريم: إن هذا الربط سينجز خلال عامين، مشيراً إلى أن «هذا المشروع هو الخطوة الأولى للتعاون وستكون هذه المرحلة الأولى لمجموعة من المشاريع»، والملفت في الأمر، أن هذا الإعلان قد جاء بعد مدة طويلة من المفاوضات والمباحثات للربط الكهربائي، ولم يتعدّ وصفه «مذكرة تفاهم» أي أنه لا يوجد بعد أي اتفاق فعلي وملزم بأية خطى عملية بعد ليكون ومن وجهة نظر العراقيين، كما يقال: «تمخض الجبل فأنجب فأراً». وعليه فلا يعول العراقيون على حل أزمة الطاقة، ولا حل أية أزمة اقتصادية ومعيشية أخرى ما لم يكن هناك حل سياسي جذري يفضي لا إلى تغيير الحكومة، بل تغيير مجمل منظومة المحاصصة الطائفية، منظومة «بريمر» برمتها، وهو الأمر المرتبط مباشرةً مع التواجد العسكري الأمريكي وإملاءاته السياسية.

تجاذبات تشكيلة الحكومة والرئاسة

لا تزال القوى السياسية العراقية تتصارع فيما يتعلق بتشكيل الحكومة المقبلة حول ممن ستتشكل وما «حصة» كل قوة أو تحالف فيها، وبرئاسة من ستكون؟ لتنتشر مؤخراً معلومات تفيد برسالة من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر لـ «الإطار التنسيقي» المعترض على نتائج الانتخابات الأخيرة، تتضمن أن الصدر ليست لديه مشكلة بالتحالف مع الإطار شرط أن يكون المالكي خارجه، وفي الوقت نفسه يستمر الصدر بتأكيده بالمضي بتشكيل «حكومة أغلبية وطنية» دون توضيح ما معنى هذا الأمر، وكان قد صرح الإطار التنسيقي أن إقصاء ممثليه من تشكيلة الحكومة المقبلة سيدفعه إما إلى المعارضة أو مقاطعة العملية السياسية كلها.. ويذكر أن البرلمان العراقي قد حدد السابع من شهر شباط موعداً لانتخاب رئيس الجمهورية.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1055
آخر تعديل على الإثنين, 31 كانون2/يناير 2022 21:26