بعد خلافات ملتقى الحوار الوطني الليبي قطار التسوية يُعاود التحرّك
ملاذ سعد ملاذ سعد

بعد خلافات ملتقى الحوار الوطني الليبي قطار التسوية يُعاود التحرّك

بعد العرقلة السابقة التي جرت خلال ملتقى الحوار الوطني الليبي في بدايات الشهر الجاري بعدم الاتفاق على قاعدة دستورية، وتهافت وسائل الإعلام المختلفة وتحليلاتها على نعي المسار السياسي وتصوير الحدث بوصفه «فشل» بصيغة شاملة، عاد الملف الليبي ليستكمل مسار الحل السياسي عبر التفاهمات متجاوزاً ما جرى.

نحو تفعيل حقيبة الدفاع

يُعدّ فراغ حقيبة الدفاع ضمن الحكومة الليبية المؤقتة أحد أهم العوائق الجارية ضمن التسوية، وقد كان من الملفت- بعد الاجتماع السابق الذكر- تصريح رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة، بأن حكومته ستجري تغييرات في وزارة الدفاع بعد أن تمت مناقشة المسألة مع اللجنة العسكرية المشتركة 5+5، حيث أكد أمام مجلس النواب أنه «قريباً جداً سيتم تعيين وزير جديد للدفاع» مضيفاً «الحكومة الليبية تعمل على اختيار وكيلين لوزارة الدفاع من أعضاء لجنة 5+5»، ويُعدّ هذا الأمر تطوراً إيجابياً، خاصةً بكيفية معالجته بالتعاون مع اللجنة العسكرية المشتركة، الأمر الذي يمثل مخرجاً من مشكلة تنازع الأطراف على كسب الحقيبة لصالح أحدٍ منهم، فاللجنة المذكورة أساساً تضم الطرفين العسكريين الرئيسيين الأكبر في البلاد، الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر (شرقا) وجيش حكومة الوفاق الوطني السابقة (غرباً)، فلتعيين وزير دفاع وإطلاق عمل الوزارة بشكل فعال جانبين أساسيين فيما يتعلق بالتسوية السياسية، الأول: العمل توحيد المؤسسة العسكرية بفاعلية أعلى، والثاني: وحدة القرار بالمعنى العسكري الوطني فيما يتعلق بخروج القوات الأجنبية من البلاد والضغط اتجاه هذا الأمر.

تقارب روسي- أمريكي؟

الجانب الآخر الذي ساعد على تخفيف حدة التصعيد السياسي السابق وتأريضه كان بروز الدور الروسي الإيجابي وإشارته على وجود نوع من التقارب الروسي- الأمريكي حول الملف، حيث أعلن نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي فيرشينين، في التاسع من الشهر الجاري: أن موسكو جاهزة للحوار وتنسيق الخطوات حول الملف الليبي مع واشنطن، وقال: «بهذا الصدد أريد أن أشير إلى أن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، اقترح على واشنطن خلال محادثاته مع نظيره الأمريكي، مايك بومبيو، في ديسمبر عام 2019 إطلاق آلية للمشاورات الروسية الأمريكية حول كل مسائل المساعدة في التسوية السياسية الليبية» مضيفاً «أجرينا في تشرين الثاني الماضي في موسكو مشاورات تفصيلية مع المبعوث الأمريكي الخاص إلى ليبيا، السفير الأمريكي لدى طرابلس ريتشارد نورلاند. وأجريت محادثات مفيدة معه على هامش مؤتمر برلين».
ويأتي حديث الخارجية الروسية هذا بعد قمة بوتين- بايدن التي جرى خلالها الاتفاق على عدة أمور، منها: «الحوار الإستراتيجي الشامل»، والذي يُعد الملف الليبي بطبيعة الحال أحد تفصيلاته، ولا يعني هذا الأمر أن الولايات المتحدة الأمريكية باتت تدفع تجاه التسوية والحل، وإنما انخفض وزنها ودورها الفعّال بالعرقلة، وكان من الملفت بعد تصريح فيرشينين توقف حدّة التصريحات الصادرة من القوى الإقليمية فيما يخص الملف الليبي، وتحديداً منها: تركيا ومصر وفرنسا، وعودة المواقف والتصريحات الإيجابية من القوى الليبية المحلية.

خروج القوات الأجنبية

تعد مسألة وجود القوات الأجنبية في ليبيا من أهم الأمور الواجب حلها، وتقع بالمرتبة الأولى في سلم الأولويات، وقد تحدث عن ذلك فيرشينين بنفس يوم تصريحاته السابقة مؤكداً: أن «مشكلة الوجود العسكري الأجنبي بالنسبة لليبيا اليوم، تعد واحدة من أكثر المشاكل حدة. من دون حلها، لا يمكن الحديث عن تسوية حقيقية وموثوقة في البلاد» لافتاً إلى أن هذه المشكلة كانت محط الاهتمام لدى المشاركين في مؤتمر برلين في شهر حزيران الماضي، ليشير إلى تركيا تحديداً بقوله «كما هو معلوم، لم يكن من الممكن التوصل إلى إجماع مطلق في ذلك الوقت. واحتفظ الوفد التركي لنفسه برأي خاص»، حيث يبرز الجانب التركي بوصفه العقدة الأكبر ضمن مسألة خروج القوات الأجنبية، ويعزا ذلك إلى التعقيدات المتعلقة باتفاقات أنقرة مع حكومة الوفاق الوطني السابقة، والتي تحاول أنقرة الاختباء خلفها بغية استمرار وجودها العسكري، بغاية تحصيل وزن ومكاسب سياسية ضمن التسوية، تضمن لها بقاء واستمرار اتفاقاتها الاقتصادية والتجارية الموقعة مع حكومة الوفاق، ومسألة ترسيم الحدود البحرية.
لتبدأ تصدر تصريحات ليبية كصدى لهذا الاتجاه وتأكيداً عليه، حيث دعت القيادة العامة للقوات المسلحة في ليبيا على لسان الناطق الرسمي باسمها اللواء أحمد المسماري بضرورة إخرج جميع القوات الأجنبية الرسمية والمرتزقة منها دون استثناء، ورفض القيادة لأي طرح انتقائي من أي طرف محلي أو أجنبي يستثني أية قوة أجنبية من الخروج، بدعوى وجود اتفاقيات موقعة مع سلطة سابقة، كما شددت على «ضرورة وجود رؤية وطنية جادة لكيفية حل المليشيات والمجموعات الخارجية عن القانون وجمع سلاحها وإعادة دمجها عن طريق المؤسسات الرسمية في الدولة» وهو ما يتوافق مع الحديث السابق عن توحيد المؤسسة العسكرية.
وليقول عبد الحميد دبيبة في اليوم التالي الأمر نفسه خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي حول ليبيا في 15 من الشهر الجاري مؤكداً: أن استمرار وجود المقاتلين الأجانب والمرتزقة على الأراضي الليبية أمر مرفوض وينبغي انسحابهم بشكل فوري ومتزامن، حيث أن هذا الوجود يشكل خطراً حقيقياً على العملية السياسية، وجهود استمرار وقف إطلاق النار، واستكمال توحيد المؤسسة العسكرية، وليدعو الجانب الروسي «لخروج تدريجي ومتزامن لكافة القوات والفصائل الأجنبية من ليبيا» على لسان النائب الأول لمندوب روسيا الدائم في الأمم المتحدة ديمتري بوليانسكي.

إعادة التأكيد على موعد الانتخابات وإجراؤها

أعاد المبعوث الدولي الخاص إلى ليبيا يان كوبيش خلال جلسة مجلس الأمن، تأكيده على موعد إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها في 24 كانون الأول المقبل، داعياً «أعضاء ملتقى الحوار لوضع خلافاتهم جانبا واعتماد أساس دستوري لإجراء الانتخابات في موعدها» مشيراً إلى وجود «مفسدين» على حد تعبيره يحاولون عرقلة إجراء هذه الانتخابات.
وأعلنت البعثة الدولية للدعم في ليبيا، بأنها ستعقد اجتماعاً افتراضياً- يومي الجمعة والسبت- للجنة التوافقات التي انبثقت عن ملتقى الحوار الوطني الليبي السابق، بهدف تسوية الخلافات التي نشأت بين أعضاء الملتقى «بهدف تسوية الخلافات بين أعضاء الملتقى حول القضايا الرئيسية العالقة، وبناء مسودة توفيقية للقاعدة الدستورية للانتخابات المقبلة».

معلومات إضافية

العدد رقم:
1027
آخر تعديل على الإثنين, 19 تموز/يوليو 2021 11:42