أين أمن العراقيين؟
صرح السعوديون خلال زيارة الكاظمي لديهم بأن «أمن العراق من أمن السعودية» في سياق الحديث عن التوترات الداخلية العراقية، وكما اعتدنا أن أمن «أنظمة» المنطقة يرتبط بأمن بعضها البعض، ويرتبط بالدعم المشترك الذي تتلقاه على الرغم من الحركة الشعبية التي تتعاظم في المنطقة، وتقف في وجه الأنظمة القائمة لعدم نجاحها بإيجاد المخارج الآمنة من الأزمات العاصفة في المنطقة.
جرى قبل أسبوعين في العاصمة بغداد استعراض عسكري كبير لحركة مقاومة تسمى «ربع الله» نادت خلاله بوجهةٍ واحدة، وهي رفع السلاح بوجه الأمريكيين وطردهم، وبصرف النظر عن الموقف الشكلي من هذه الحركة، إلّا أن ما يهم هو إشارتها وتأكيدها على وجود ونمو هذا الموقف العراقي المعادي للوجود الأمريكي وتدخلاته في البلاد، مما أرغم المنظومة العراقية في الأسبوع التالي على نشر قواتها المسلحة الرسمية في العاصمة بذريعة التهديدات الأمنية، وهذا إضافةً إلى الأحداث المستمرة بتعرض المنطقة الخضراء، موقع السفارة الأمريكية ودبلوماسييها، والقواعد العسكرية الأمريكية، والقوافل اللوجستية التابعة إلى التحالف الدولي لهجماتٍ عسكرية بشكلٍ شبه يوميّ كان آخرها يوم الأحد بسقوط صاروخين على قاعدة بلد الجوية في شمال بغداد.
وقد أعلن الأمريكيون بأن «الحوار الإستراتيجي العراقي- الأمريكي» سوف يجري في 7 نيسان ضمن جلسة فيديو مغلقة، وهو عبارة عن محادثات تجري بين البلدين وفق اتفاقية الإطار الإستراتيجي لسنة 2008 بينهما، وتتناول قضايا الأمن ومكافحة الإرهاب والاقتصاد والطاقة والتعليم والثقافة، وبكلمة: كل شيء، وفي الوقت الذي ادّعى به التحالف الدولي عبر متحدثه الرسمي واين ماروتو، بأنه يؤكد «احترامه لسيادة العراق»، رحبت السفارة الأمريكية في بغداد عبر بيان صحفي بإقرار الموازنة المالية للدولة العراقية قائلةً: «يسعدنا أن العراق قد أقر موازنة 2021 ويمكنه الآن المضي قدما على «طريق تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية» التي ستؤدي إلى تحقيق المزيد من الازدهار والأمن»!
الإصلاحات الاقتصادية التي تأملها واشنطن تتمثل بتأريض العلاقات مع إيران ومجمل الشرق، مع ضمانة استمرار نهب العراق وضعفه، فالموازنة المقرة المُرحب بها أمريكياً مثلاً بلغت 112 مليار دولار، بعجز مالي يبلغ 43 ملياراً وسط أزمة اقتصادية ومالية تتفاعل تجعل البلاد غير مستقرة وتضمن بقاءه تابعاً.
وفي سياق مهمة الحكومة العراقية الحالية منذ قدومها بإيجاد بدائل اقتصادية عن إيران، في منطقة الخليج والأردن ومصر، تتكرر زيارات الكاظمي إلى كل منها وتصريحاته حولهم، فخلال أسبوع واحد زار كل من السعودية والإمارات ضمن مناقشات تضمنت التعاون الاقتصادي والتجاري والربط الكهربائي وغيرها، لكن وككل مرة لا ينتج عنها خطوات عملية، بسبب الأزمة العامة أساساً، وضعف هذا المحور الأمريكي كله وعجزه فضلاً عن تناقضاته الداخلية التي لا يستطيع إثرها دعم العراق بالمعنى الفعلي، ولتبقى الحكومة العراقية الحالية مضطرةً إلى التعاون مع طهران بعد «بركات» الجانب الأمريكي بالاستثناءات المكررة التي يقدمها للعراقيين باستيراد الطاقة الكهربائية من إيران! وكان آخرها يوم الخميس الماضي، وهي بالإضافة إلى كونها تدخلاً سافراً، وإملاءً، تشير كل مرة إلى عجز كلٍ من واشنطن والحكومة العراقية عن حلّ هذه المشكلة.
وإضافة إلى ذلك فقد صرح الناطق باسم وزارة الكهرباء العراقية أحمد العبادي عن «حلحلة» مسألة تسديد مستحقات الغاز الإيراني إلى العراق موضحاً: أن إيران تزود بلاده بـ 22 مليون قدم مكعب من الغاز بعد أن كانت 50 مليون في السابق، معرباً عن أمله في أن تعاود إيران تزويد العراق بالكميات السابقة لضمان استقرار وضع المنظومة الكهربائية.
وضمن هذا السلوك للحكومة العراقية الذي يدفع البلاد نحو تأزمٍ أكثر، على المستويات الاقتصادية والسياسية والأمنية، يسأل العراقيون عن أمنهم بكل هذه الجوانب ضمن أحاديث أمن العراق من أمن الأردن والسعودية وغيرهم؟ ويستمر حراكهم بنشاطه بين حينٍ وآخر، مؤكداً على مطالبهم بإخراج جميع القوات الأجنبية، والتغيير، وحل الأزمات المعيشية.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1012