«الكيان» وحُزم الإنقاذ القاصرة!
عتاب منصور عتاب منصور

«الكيان» وحُزم الإنقاذ القاصرة!

يشتد الخلاف داخل الحكومة «الإسرائيلية» بين حزب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وخصمه بيني غانتس، وبات من الواضح أن استمرار الخلاف سيقود الكيان الصهيوني إلى انتخابات رابعة، ويجري هذا في أجواء معقدة ومشحونة فاحتجاجات في الشارع وأزمة اقتصادية يبدو أنها أكبر من المتوقع.

يفترض أن يجد حزبا الليكود وأزرق أبيض مخرجاً من أزمة إقرار الميزانية قبل انتهاء يوم الاثنين 24 آب، الذي قد ينتج عنه حل للكنيست والذهاب إلى انتخابات جديدة، وبغض النظر عن المخارج التي يجري الحديث حولها، سواء عن طريق الحصول على تمديد أو حلٍ وسط يتم ضمنه تجاوز العقبات القائمة، أو حتى الحديث الدائر حول حجب الثقة عن الحكومة وتعيين رئيس جديد لها من المعارضة عوضاً عن نتنياهو، فإن أياً من الاحتمالات المطروحة لن يتم بشكلٍ سلس.

ائتلاف ملغوم

بعد إجراء ثلاث انتخابات نيابية جرى- ضمن اتفاق عسير- الإعلان عن هذا الائتلاف الحكومي الحالي، الذي لم يستطع أن يمضي يوماً دون مشاحنات، وصلت في الفترة الماضية إلى عدم قدرة الحكومة على عقّد اجتماعها الأسبوعي بسبب الخلافات الحادة على جدول الأعمال. وإن افترضنا ان أزمة الميزانية لن تكون عصيةً عن الحل، لا يمكننا تصور نجاح هذه الحكومة المتعثرة بحل أيٍ من المشاكل القادمة، فهي تكاد تختلف على كل شيء، فإلى جانب خلاف الميزانية، انتقد وزير الخارجية كاحول لافان إخفاء نتنياهو أنه يقوم بإجراء اتصالات مع الإمارات، وحدث خلافٌ حول حزمة الإنقاذ الاقتصادي للمتضررين من فيروس كورونا المستجد. 

تذهب بعض التحليلات إلى أن بنيامين نتنياهو يسعى لعرقلة عمل الحكومة، بل إنه يدفع باتجاه انتخابات رابعة ليجد مخرجاً من الاتفاق الائتلافي الذي يقضي في أحد بنوده بأن يتولى غانتس رئاسة الحكومة بعد نتنياهو، لكن وبغض النظر إن كان هذا ما يفسر سلوك نتنياهو، لا يبدو أن أحداً نسي الصعوبات التي واجهت أقطاب السياسة الأساسية أثناء الانتخابات الثلاثة الماضية، ففرصة نتنياهو أو غانتس بكسب أغلبية مقاعد الكنيست لا تزال ضئيلة ولا يمكن التعويل عليها، أي أن انتخابات كهذه لن تفيد إلا في تجديد الخلافات في حدها الأدنى أو قد تصل الأمور إلى حالة شللٍ غير محسوبة النتائج.

لتوسيع زاوية الرؤية

حاولت الولايات المتحدة تزويد الكيان الصهيوني بـ «المؤن» الضرورية التي يحتاجها بعد انسحاب الولايات المتحدة من المنطقة، فكان اتفاق التطبيع مع الإمارات أحدها، وعلى الرغم من أنه هذا الاتفاق لن يكون الأخير إلا أن ما بقي في جعبة واشنطن لن يكون ذا تأثيرٍ أكبر مما نراه الآن، فالكيان عالقٌ في مأزق أكبر من الجرعات الأمريكية المقدمة له، فأزمة حكم متجددة لا مخرج لها ضمن المنظومة الصهيونية الحالية، وأزمة اقتصادية تفوق التوقعات وصلت آخر تقديراتها المعلنة إلى انكماش يقدر بـ 28,7% في الربع الثاني من السنة الحالية، ورغم أن هذه المشاكل تعتبر عقبات حقيقية في وجه النظام القائم، إلا أنها تعتبر أيضاً الأسباب الأساس التي ترافق الحركات الاحتجاجية التي ستعقد الوضع أكثر، ونستطيع أن نرى أن هذه الحركة قد بدأت تظهر بالفعل، لكن ما نشهده هو بوادرها الأولية، فهي لم تصل إلى ذروتها بعد.

قد ينجح الائتلاف الحاكم بتجنب حل الكنيست عبر إيجاد مخرجٍ ما لأزمة الميزانية، لكنه لن يستطيع إيجاد حلولٍ لطابور المشاكل الطويل الماثل أمامه، أو تلك المشاكل التي باتت تلوح بالأفق القريب! 

وما يعقد مهمة بناء صورة لمستقبل الكيان القادم، هو أن هذا المشروع نشأ بفضل حُزم إنقاذ سياسية واقتصادية وعسكرية، وهو يشهد اليوم قطعاً تدريجياً لهذه الإمدادات التي يجري تعويضها بأخرى أضخم حجماً، ولكن أثرها يكاد يكون غير مرئي.

معلومات إضافية

العدد رقم:
980
آخر تعديل على الأربعاء, 26 آب/أغسطس 2020 14:22