«السّيل الشمالي» مستمر بتجاوز عقبات واشنطن
عتاب منصور عتاب منصور

«السّيل الشمالي» مستمر بتجاوز عقبات واشنطن

حاولت الولايات المتحدة الأمريكية إعاقة مشروع توريد الغاز الروسي إلى أوروبا «السيل الشمالي 2»، وجرت هذه المحاولات بأشكال مختلفة بدأت من إعلان الموقف الرافض لهذا المشروع، ثم محاولات للترغيب بالبديل الأمريكي الأغلى، إلى أن قررت استخدام سلاحها البائس الأخير – العقوبات.

كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أعلن في شهر كانون الأول الماضي عن حزمة من العقوبات الأمركية التي تهدف لإعاقة هذا المشروع الضخم الذي يفترض أن يضخ (55 مليار) متر مكعب من الغاز الروسي إلى الأراضي الأوروبية، واستهدفت العقوبات الأمريكية هذه المرة الشركات المنفذة لهذا المشروع، وكانت النتائج الأولى لهذا القرار هو إعلان الشركة السويسرية المتخصصة في مد أنابيب الغاز- والتي كانت تؤمن السفن اللازمة لإنجاز هذا المشروع- توقفها عن العمل لتجنب نفسها خطر العقوبات. وكانت هذه الشركة قد أنجزت حتى لحظة انسحابها من المشروع 2300كم من خط الغاز أي ما يعاد 94% من المشروع ككل.

محاولات أمريكية للإعاقة

يبدو اليوم أن موسكو ورغم التشكيك الغربي قد استطاعت تأمين السفينة اللازمة لاستكمال مد خط الأنابيب هذا، فتداولات وكالات الأنباء خبر وصول السفينة الروسية التابعة لشركة غازبروم إلى منطقة بناء خط أنابيب الغاز بالقرب من جزيرة بورنهولم الدنماركية وتوجهت إلى كالينينغراد. وكان نائب وزير الطاقة الروسي بافيل سوروكين قد أعلن في شباط الماضي أن المشروع سينجز في موعده المحدد نهاية العام الجاري، أو مطلع العام القادم كأبعد تقدير.
لكن عودة انطلاق المشروع لا تبدو أنها كافية لردع الولايات المتحدة الأمريكية وخضوعها للأمر الواقع، فيجري الحديث عن إمكانية فرض حزمة عقوبات جديدة من قبل الكونغرس الأمريكي، وتقول بعض المصادر: إن هذه العقوبات قد تستهدف المستثمرين والشركات المستقبلة للغاز الروسي، مما دفع مصدراً في الخارجية الألمانية لتجديد رفض برلين لهذه العقوبات.

أكثر من مجرد غاز

ترى روسيا أهميةً لخط الغاز هذا، فعلى الرغم من توريد هذه الكميات من الغاز إلى أوروبا يشكل مصدر دخلٍ حقيقي للخزينة الروسية، إلا أنه سلاحٌ استراتيجي أيضاً، فإن إيجاد شبكة من المصالح الاقتصادية الأوروبية- الروسية يعد ضرورة في مواجهة المشروع الأمريكي، فروسيا ترى أن تقديم نفسها كشريك لأوروبا لا منافس سيحرم واشنطن تدريجياً من حملاتها لتخويف أوروبا من روسيا، وإن كانت قائمة الخلافات بين أوروبا وروسيا قائمة طويلة لن يحلها استيراد الغاز من روسيا، لكنه سيشكل عاملاً ضاغطاً لتحسين العلاقات، وكانت آثار «السيل الشمالي 2» مباشرة فالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي كانت تقف دائماً بحزم ضد التقارب مع روسيا كانت مضطرةً للدفاع عن مصالح بلدها، وإن تكرار السلوك الأمريكي بشكل فجّ وضدّ مصالح الأوروبيين سيدفعهم إما للخضوع، وبالتالي التعرض لانتقادات شعبية وسياسية واسعة، أو التصدي للولايات المتحدة الأمريكية.

معلومات إضافية

العدد رقم:
964
آخر تعديل على الإثنين, 11 أيار 2020 14:44