الهند بين حرائق واشنطن والعالم الجديد الواسع

الهند بين حرائق واشنطن والعالم الجديد الواسع

استطاعت واشنطن بعد الحرب العالمية الثانية أن تكون طرفاً «نافعاً» للبعض من وجهة نظر العلاقات الدولية، فكانت الأوراق التي تُمسك بها الولايات المتحدة الأمريكية تُمكنها من تقديم شيء ما لـ «شركائها»، لكن الوضع اليوم بات مختلفاً، وباتت واشنطن تألف انفكاك الدول التي دارت في فلكها سابقاً.

في هذا السياق تشهد الهند تحولات ملموسة، فهي أولاً جزء من دول «BRICS» على الرغم أنها لم تقطع علاقتها التاريخية مع واشطن، وأصبحت الهند نقطة للتجاذب الإستراتيجي، فهي بلدٌ ذو وزن كبير في المنطقة، ووزن تجاري كبير على مستوى العالم، بالإضافة إلى كونها دولة نووية، وفي الوقت نفسه تعتبر إحدى مناطق العالم الساخنة التي ترغب الولايات المتحدة الأمريكية بتفجيرها مما يزيد من تعقيد الأمور بالنسبة لروسيا والصين، لذلك يبدو واضحاً أن روسيا تسعى لبناء علاقات متينة مع الهند، علاقات يصفها مسؤولو البلدين بأنها علاقات إستراتيجية، تقوم على التعاون المشترك. هذا الحديث ليس جديداً وإنما الجديد فيه هو دعوة روسيا للهند للقيام بأعمال استكشاف مشتركة في القطب الشمالي، ليكون الهدف من هذه الدعوة هو البحث عن إمكانية استخراج الطاقة «النفط والغاز الطبيعي المسال» وهذا يعني أن تكون الهند البلد الأول الذي يستثمر هناك من غير دول القطب الشمالي، بحسب ما أكده وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.
هذا النمط من الشراكة مع روسيا يستطيع أن يؤمن جزءاً من احتياجات الهند المتزايدة من الفحم والغاز، فتحتاج الهند إلى أكثر من 70 مليون طن من الفحم لصناعة الألمنيوم والصلب الهندية، بالإضافة إلى كون السوق الهندية تُعد واحدة من أكثر الأسواق العالمية استهلاكاً للغاز المسال، الهند اليوم تحصل على جزء من مواردها من الغاز عبر خط غاز يمر من إيران إلى باكستان، وهو ما لا يعتبر خياراً سليماً بالنسبة للهند نظراً لأن هذه المنطقة تعتبر منطقة متوترة. بالإضافة إلى أن التواجد الهندي في منطقة القطب الشمالي ستكون له إيجابيات أبعد من الطاقة، بل أيضاً يمكن أن يصبح منفذاً للهند إلى الطريق البحري الجديد.
من المفترض أن تبنى العلاقات الدولية على المصالح المشتركة للدول، لا على مصلحة أحد الطرفين فقط، وهو ما يجعل واشنطن اليوم أقل قدرة على بناء العلاقات المتينة مع الدول، وخسارة واشنطن لهذه العلاقات لا يمكن بشكل من الأشكال تحميله على الرئيس الحالي أو حكومته، بل هو اتجاه عالمي موضوعي نتج عن التراجع الأمريكي، لذلك تستطيع واشنطن تقديم «النار» فقط.

معلومات إضافية

العدد رقم:
950