التنين الصيني يكشف أسلحته
«لا توجد قوة تهزّ مكانة بلادنا، ولا توجد قوةٌ في العالم يمكنها الوقوف في وجه الصين» بهذه الكلمات عبّر الرئيس الصيني شي جين بينغ عن مدى القوة العسكرية التي توصّلت لها بلاده، والتي شاهدها العالم أجمع من خلال العرض العسكري الصيني الأضخم من نوعه، حيثُ أقيم هذا العرض احتفالاً بمرور 70 عاماً على تأسيس جمهورية الصين الشعبية على يد زعيمها آنذاك ماو تسي تونغ.
بلغ عدد التشكيلات المشاركة 59 تشكيلة وأكثر من 15 ألف عسكري، وشاركت أكثر من 160 طائرة من طرازات مختلفة و580 مجموعة من المعدّات فيه، كما شارك أكثر عدد من الجنرالات في التاريخ فيه، وكشفت الصين خلال هذا العرض عن مجموعة من الأسلحة الجديدة ذات التقنيات العالية، من بينها أسلحة فرط الصوتية، وأسلحة تعتمد على تقنية الجيل الخامس.
الجديد عسكرياً
كان للصاروخ الباليستي «DF-41» الصدى الأكبر في الحديث عن الأسلحة الصينية الجديدة، حيث يتمتع هذا الصاروخ بمزايا عدّة أهمّها قدرته على حمل 10 رؤوس حربية، بما فيها نووية، ممّا يجعل اعتراضه أكثر صعوبة، والأهم من ذلك هو أنّه الصاروخ العابر للقارّات الأبعد مدىً في العالم، حيثُ يصل مداه الأقصى إلى حوالي 14000 كيلومتر، أيّ يمكنه الوصول للولايات المتحدة الأمريكية خلال أقل من 30 دقيقة!
كما عُرض في بكين للمرة الأولى أحدث صاروخ مجنح إستراتيجي فرط صوتي من نوع «CJ-100»، ذكر الإعلام الصيني أنه يمكن استخدامه لتدمير الأهداف قوية التحصين والمخابئ تحت الأرضية. وأثناء الاستعراض قدمت الصين نسخة جديدة من قاذفاتها الإستراتيجية «إتش 6-إن» القادرة على حمل أسلحة نووية وكذلك المقاتلات «جي 20» من الجيل الخامس.
وعرض الجيش الصيني أيضاً طائرتين من دون طيار، أولاهما طائرة «دبليو زد-8» أو «استطلاع 8» التي تفوق سرعة الصوت (حوالي أربعة آلاف كلم في الساعة)، ويمكنها جمع معلومات عن حاملات الطائرات قبل إطلاق صاروخ باليستي مضاد للسفن.
مشاكل داخلية وخارجية
تزامن هذا العرض العسكري الضخم بالتزامن مع وجود عدد من الأزمات التي تعاني منها الصين، لعلّ أهمّها هو الحرب التجارية المستعرة بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية، والتي من المرجّح أن تستعر أكثر بعد هذا العرض، إضافةً إلى مشكلة هونغ كونغ، وكذلك أزمة مضيق تايوان. كلّ هذه المشاكل مجتمعةً وإن كانَ من الممكن وجود أسباب ذاتية لها، إلّا أنها في المحصلة تخدّم محاولات الولايات المتحدة الأمريكية محاصرة المنافس الأقوى لها عالمياً على المستوى الاقتصادي، وإحاطته بالتوتير والفوضى قدر الإمكان، ولم تغب هذه المشاكل عن ذهن الرئيس الصيني الذي صرّح ضمن خطابه في العرض العسكري قائلاً: «يجب على الصين أن تحافظ على الرخاء والاستقرار في هونج كونج ومكاو، وتعزيز التطور السلمي للعلاقات مع تايوان، ومواصلة الكفاح في سبيل إعادة توحيد الوطن الأم توحيداً تاماً»
وعلى الرغم من هذه المشاكل إلا أن الصين أثبتت قدراتها العالية على المنافسة والوقوف في وجه الولايات المتحدة الأمريكية، وخاصّةً في المجال التقني والعلمي وامتلاكها لتقنيات الجيل الخامس، وكلّ ذلك طبيعي في ظلّ اقتصاد قويّ يحتل المرتبة الثانية عالمياً، فالقدرات العسكرية والعلمية تنمو مع القدرات الاقتصادية، وهذا بالضبط ما يؤرّق نوم واشنطن اليوم، ويضع أمامها الكثير من التساؤلات حول إمكانية نجاح خططها لإضعاف الصين وإرضاخها. وهو ما يصنّف دليلاً آخر على التراجع الأمريكي والتقدّم الروسي- الصيني اللذين يرسمان ملامح العالم الجديد اليوم.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 934