«الكيان»... والأزمة التي تلتف حول عنقه!

«الكيان»... والأزمة التي تلتف حول عنقه!

انتهت الانتخابات الـ 22 للـ «كنيست»، والتي جرت في 17 من شهر أيلول الجاري، في محاولة لتجاوز الأزمة الناتجة عن تلك التي سبقتها في 11 نيسان الماضي، والتي لم تسيطر فيها «أغلبية»، ولم ينجح توافق بين الكتل يسمح بتشكيل حكومة جديدة.

مع التعقيد الشديد الذي تشهده الساحة السياسية في الكيان الصهيوني، وازدياد تناقضاته الداخلية، ما هي الخيارات؟ وهل هناك خيارات لحلٍ حقيقي لهذه الأزمة المستعصية؟

معركة حامية تنتهي بخسارة الجميع

لم تكن نتائج الانتخابات التي جرت في نيسان الماضي قادرة على حل أزمة الحكم الحالية داخل «إسرائيل»، وكان الأمل أن يجري تجاوز الأزمة من خلال إعادة الانتخابات والوصول إلى النتائج «الحاسمة»؛ فالمهمة كانت بالنسبة لرئيس الوزراء منتهي الصلاحية، بنيامين نتنياهو، هي الحصول على أغلبية تخوّله تشكيل الحكومة، هذا يعني أن يحصل مع تحالفه الواسع على 61 مقعداً من أصل مقاعد الكنيست الـ 120، لكن حزب الليكود بقيادة نتنياهو لم يحصل سوى على 31 مقعداً، وأما تحالفه الذي شمل مجموعة من أحزاب اليمين فقد حصل على 55 مقعداً، بمقابل التحالف المقابل «الوسط - اليسار» والذي يشكل حزب «أزرق أبيض»، بقيادة بيني غانتس، بمقاعده الـ 33 القوة الأبرز ضمنه، ويصل في مجموع مقاعده مع القوى الأخرى (حسب آخر الأنباء الواردة) إلى 57 ويضاف إليهم 8 مقاعد لحزب «إسرائيل بيتنا» بقيادة أفيغدور ليبرمان.

الحكومة والطريق الوعرة

بدا واضحاً مع صدور النتائج الأولية لهذه الانتخابات، أن الخلافات حادة بين نتنياهو وغانتس؛ فنتنياهو يسعى للحفاظ على موقعه كرئيسٍ للوزراء ويحاول المناورة، لكن إمكانياته محدودة جداً فلن يكون قادراً على ضم مقاعد ليبرمان بسبب رفض الأخير «التحالف مع الأحزاب الدينية المتطرفة» التي يتحالف معها نتنياهو، ومن جهة أخرى يرفض غانتس الدخول في حكومة مع الليكود، إلا إذا كانت برئاسة غانتس نفسه. فشل نتنياهو الثاني خلال عام واحد يضعه في موقع شديد الصعوبة وخياره الوحيد هو عرقلة تشكيل الحكومة علّه يذهب إلى انتخابات ثالثة تحمل في صناديقها نتائج مختلفة وهذا أمر مستبعد. أما الخيار الثاني هو أن يجرب غانتس «حظّه» في تشكيل الحكومة، وأن يقوم بمهمة تبدو مستحيلة، إلى الآن، ويفرض إرادته على القوى الأخرى التي تقاربه في الوزن.

صفقة القرن تنتظر!

على الرغم من أن نتنياهو كان يستخدم دعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب له في الانتخابات على أساس دعم الأخير له، إلا أن فشله في تحقيق هدفه من هذه الانتخابات قلب الأوراق، فبعد انتخابات الكنيست صرح ترامب أنه لم يُجرِ اتصالات مع نتنياهو، وأكد أن «علاقاتنا مع إسرائيل وسنتابع ما سيأتي» في إشارة واضحة إلى أن علاقات الولايات المتحدة مع «إسرائيل» ليست مرتبطة بنتنياهو. وكانت الإدارة الأمريكية أعلنت في وقت سابق تعليق نشر «صفقة القرن» إلى ما بعد الانتخابات التشريعية في الكيان، ولكن يتّضح أن نتائج الانتخابات لا تشكل أرضية كافية لهذا الإعلان الذي «طال انتظاره»، هذا ما أكدته تصريحات مبعوث الإدارة الأمريكية لمفاوضات السلام في الشرق الأوسط، جيسون غرينبلات، الذي قال إن إدارة ترامب تتردد بشأن إمكانية نشر خطتها للسلام في الوقت الحالي، نظراً للغموض الذي يلف مساعي تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة.

هل من مخرج؟!

إذا كانت انتخابات نيسان الماضي قد فشلت في تحقيق ما تحاول انتخابات أيلول الحالي تحقيقه، هذا يعني أن فرص الأخيرة ستكون محدودةً أيضاً. وإذا ما افترضنا أنه تم الإعلان عن حكومة جديدة سواء كانت برئاسة نتنياهو أو رئاسة غانتس، فلن تكون حكومة قادرة على حلّ الأزمات التي باتت تلتف على عنق الكيان، فالثابت في الصورة أن الولايات المتحدة الأمريكية، حليفة «إسرائيل» الأبرز لم تعد قادرةً على حمايتها كما السابق، بل لن يردعها شيء من استخدام الكيان كقنبلة دخانية بوجه «ثلاثي استانا» الذي بات يمسك بخيوط المنطقة بثقة أكبر، فرصة الكيان الصهيوني الوحيدة للنجاة هي حل تلك الأزمات التي تحيط به ابتداءً من إرساء صفقة القرن التي تؤجل دائماً بدل أن يعلن عنها، وتصفية المقاومة الفلسطينية، هذه المهمة التي كانت على جدول أعمال «إسرائيل» منذ تأسيسها، وإلغاء حق العودة، ومنع المجتمع الدولي من تنفيذ قرارت مجلس الأمن المتعلقة بالقضية الفلسطينية والجولان السوري المحتل، وغيرها من الضرورات في قائمة تطول ولا تنتهي. فأزمة الكيان الصهيوني اليوم باتت عميقة لا شيء ينهيها إلا إنهاء الاحتلال نفسه، وهذا ما ليس موجوداً لا في برنامج «الليكود» ولا «أزرق أبيض».

معلومات إضافية

العدد رقم:
932
آخر تعديل على الجمعة, 16 نيسان/أبريل 2021 16:35