أين تبخر التصعيد الفنزويلي؟
جلس وفدا حكومة الرئيس نيكولاس مادورو والمعارضة الفنزويليين يوم الخميس الماضي على طاولة الحوار في بربادوس لحل الأزمة السياسية في البلاد. بالتوازي مع انخفاض ملحوظ للتصعيد الإعلامي في نار الأزمة الفنزويلية.
محادثات الفنزويليين
أعلن الوفدان وبعد أربعة أيام من المناقشات في الجزيرة الكاريبية، إحراز تقدم في محادثاتهماـ وأشار كلا الطرفين في بيانين منفصلين إلى أن المفاوضات مستمرة، دون تحديد ما إذا كانت جلسة التفاوض الحالية قد انتهت. وتعهّد الطرفان أن يبقيا على سرية مضمون هذه المفاوضات التي تجرى بوساطة النرويج.
وفي وقت سابق من الخميس، أعلنت وزارة الخارجية النرويجية أن الجانبين يواصلان المفاوضات التي بدأت في أوسلو في مايو الماضي بطريقة مستمرة ونشطة. وقالت الوزارة النرويجية: نحن نشدّد على ضرورة أنْ يتوخى الطرفان أقصى درجات الحذر في تعليقاتهما وبياناتهما بشأن المفاوضات وفقاً للقواعد المقررة.
وكتب وزير الاتصالات الفنزويلي خورخي رودريغيز عضو وفد الحكومة على حسابه في تويتر: «نحن نواصل الحوار، ونؤكد احترامنا الكامل للقواعد المقررة ونحث الجميع على حماية هذا الجهد التفاوضي بين الفنزويليين». من جهته، كتب النائب ستالين غونزاليس ممثل المعارضة: نحن نؤيد رسالة حكومة النرويج. نواصل التقدم للبحث عن خاتمة لمعاناة شعبنا واختيار مستقبلنا بحرية. بينما هدد الاتحاد الأوروبي الداعم للمعارضة الفنزويلية بفرض عقوبات جديدة على فنزويلا إذا لم تؤدّ المفاوضات الحالية إلى نتيجة ملموسة.
مصير فنزويلا يُقرر في باربادوس
تحت العنوان أعلاه، كتب فلاديمير دوبرينين، في «فزغلياد»، حول بوادر اتفاق بين الحكومة والمعارضة الفنزويلية على خطوات نحو حل الأزمة، وتراجع خيار الحسم العسكري. وجاء في المقال:
عُقدت مفاوضات، الأسبوع الفائت، بين الحكومة والمعارضة الفنزويلية بوساطة نرويجية. ولكن، لم يُكشف للصحافة رسمياً عن اجتماع ممثلي الجانبين في أرض محايدة، هي جزيرة بربادوس، إلا أمس، مع أنّ المفاوضات بدأت منذ الاثنين الماضي واستمرت في سرية تامة تقريباً.
وبدأ الحديث الجدي عن الحاجة إلى تسوية الأزمة في فنزويلا من خلال المفاوضات، في أيار الماضي، عندما تبين أنّ الوضع وصل في البلاد إلى طريق مسدود: فغوايدو حتى مع الدعم الأمريكي لا يملك القدرة على إسقاط الحكومة؛ التي تعتمد على الجيش، إلّا أنها عاجزة عن هزيمة المعارضة بالقوة.
وكانت النرويج، التي تعتد بخبرتها في تحقيق الهدوء في أمريكا اللاتينية، قد عرضت وساطتها. فعُقد الاجتماع الأول بين مندوبي الطرفين، في أوسلو، في شهر أيار. وأعلن الطرفان، حينها، عن الفشل في الوصول إلى أية نتيجة في ذلك اللقاء. ثم جاءت مفاوضات بربادوس لتظهر أنّ حل الأزمة في فنزويلا ممكن. فقد تقاطعت آراء المشاركين في الاجتماع على ضرورة إجراء انتخابات رئاسية ومواصلة التفاوض على مستوى الوسطاء، من أجل وضع النقاط على الحروف.
لكن ما نُشِرَ في الصحافة عن نتائج المفاوضات لم يكن له الصدى المتوقع. فلم تكن تغريدات الرئيس الأمريكي نارية، وأعضاء منظمة الدول الأمريكية، الذين تداولوا حتى اللحظة الأخيرة في إمكانية اسقاط النظام في فنزويلا بمساعدة التدخل الخارجي بدوا، أكثر ضبطاً للنفس. أما في موسكو، فتمّ تقييم اجتماع بربادوس بشكل إيجابي، مع التشديد على أنه يدل على استعداد الرئيس مادورو للدخول في حوار مع المعارضة.
ردة فعل المجتمع الدولي المتحفظة هذه، لا تعني الوصول إلى حل يناسب الجميع، إنما تُدل على أن العالم قرر عدم التسرع في صياغة استنتاجات. على الأرجح، بينما قال آخرون: إن الغليان سيعود مرة أخرى.
موقف الخارجية الروسية
روسيا واثقة من قدرة كاراكاس على مواجهة التدخلات الخارجية، وأعلن نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف: أن موسكو واثقة من قدرة السلطات الفنزويلية المنتخبة بقيادة نيكولاس مادورو، على التغلب على الصعوبات والتدخلات الخارجية. كما أنها واثقة من أن الشراكة الاستراتيجية بين موسكو وكاراكاس لن تتغير.
وقال الدبلوماسي الروسي للصحفيين على هامش الاجتماع الوزاري لمكتب تنسيق حركة عدم الانحياز في كاراكاس: في ظل وجود قوى معادية تحاول فرض حلول للشؤون الداخلية لفنزويلا، أظهر هذا الحدث درجة تضامن كبيرة في البلاد. من جانبنا، حاولنا تأكيد أن الشراكة الاستراتيجية بين روسيا وفنزويلا لم ولن تتغير. نحن نعتقد اعتقاداً راسخاً بأن السلطات الشرعية بقيادة مادورو قادرة على مواجهة الصعوبات.
وبدأت في فنزويلا منذ 21 كانون الثاني الماضي احتجاجات مدعومة من الخارج ضد الرئيس مادورو بعد فترة قصيرة من أدائه اليمين الدستورية. واستغل رئيس الجمعية الوطنية الخاضعة لسيطرة المعارضة خوان غوايدو هذه الاحتجاجات لينصب نفسه رئيساً للبلاد. واعترف عدد من الدول الغربية على رأسها الولايات المتحدة بغوايدو رئيساً مؤقتاً ودعمت روسيا والصين وتركيا وعدد من الدول مادورو رئيساً شرعياً لفنزويلا.
اجتماع دول عدم الانحياز في كاراكاس
انطلق يوم السبت الاجتماع الوزاري لدول حركة عدم الانحياز في العاصمة الفنزويلية كاراكاس، والذي سيستمر لمدة ثلاثة أيام. ويجري نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف لقاءات على هامش الاجتماع مع نائبة الرئيس الفنزويلي ديلسي رودريغيز، ووزير الخارجية الفنزويلي خورخي أرياسا، ومسؤولين آخرين، لبحث جوانب التعاون الثنائي، وموضوع الحوار بين الحكومة والمعارضة في فنزويلا.
وقال ريابكوف للحصفيين قبل توجهه إلى فنزويلا: إنّ جدول زيارته يشمل «اتصالات على جميع المستويات، بما في ذلك على مستوى القيادة»، فضلاً عن لقاءات مع المشاركين في الاجتماع الوزاري لمكتب تنسيق حركة عدم الانحياز. وبدأت أعمال الاجتماع السبت بحضور الرئيس الفنزويلي نيوكولاس مادورو، تحت شعار «الترويج للسلام وترسيخه عِبر احترام القانون الدولي».
شدد وزير الخارجية الفنزويلي خورخي أرياسا، في كلمة افتتاحية، على أهمية الاجتماع، مشيراً إلى أن بلاده وكوبا وإيران وسورية ونياراغوا وكوريا الشمالية، هي ضحية للتدخلات الخارجية المتبعة من قبل أجانب يسعون إلى تغيير الأنظمة وتبديلها بحكومات تخدم مصالحهم. يُذكر أنّ حركة عدم الانحياز تضم الآن 120 دولة، وتحظى 17 دولة و10 منظمات دولية بصفة مراقب بالحركة.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 923