عودة «صوت الشعب» التونسية

عودة «صوت الشعب» التونسية

عادت جريدة «صوت الشعب» الأسبوعية التونسية إلى الصدور بعد توقف استمر عدة أشهر لأسباب «مادية بحتة»، الأسباب التي أدت حسب الجريدة إلى توقف جميع الصحف التونسية الحزبية الورقية عن الصدور في الأشهر الأخيرة، ومنها جريدة «صوت الشعب» التي يصدرها حزب العمال منذ عام 1986.

رأس المال والإعلام

حسب افتتاحية الجريدة، فإن توقف «صوت الشعب» سببه الحكومات المتعاقبة حتى اليوم، الحكومات التي مارست سياسات المماطلة بما يخص «تنظيم الدعم والإشهار» الخاص بالصحافة المكتوبة التي تعاني صعوبات جمّة. تلك السياسات التي استخدمت في عهود الاستبداد السابقة كوسيلة ضغط لإخضاع الصحف والأحزاب.
أما اليوم، فالأمر متروك للفوضى الكبيرة في قطاع الإعلام، حيث تسود عقلية الزبونية والولاءات المالية، بما يتيح لأصحاب النفوذ المالي والفساد الكبير استخدام موضوع «تنظيم الدعم والإشهار» كوسيلة لإفساد المشهد الإعلامي والسياسي والهيمنة عليه. وهكذا بقي مشروع «تنظيم الدعم والإشهار» في رفوف مكاتب رئاسة الحكومة لمدة سنوات دون أن يجد طريقه إلى التنفيذ.

ضرورة الجبهة الإعلامية

بمناسبة الأول من أيار عيد العمال العالمي «غرة ماي باللهجة التونسية»، تعود «صوت الشعب» إلى الصدور من أجل مواصلة مهمتها، وأكدّت الجريدة في افتتاحيتها التي حملت عنوان «عُدْنا» إلى الحاجة الملحة للصحافة الثورية لمواجهة الوضع المتأزّم الذي تعيشه تونس، والذي يكثر فيه الدّجل والتّضليل وتخريب الوعي عبر صرف الأموال الطائلة للحفاظ على مصالح الطبقات الحاكمة والمافيات المعادية للشّعب والبلاد.
جاء في الافتتاحية:
«إنّ جريدتنا ستظلّ كما كانت الصوت الذي يكشف الحقيقة، ويُعرّي جرائم النظام الرجعي القائم بمختلف مكوّناته، ويدافع بأمانة عن مصالح الوطن والشّعب ويوضّح طريق الانتصار».
وأضافت الافتتاحية:
ولكن إصرار مناضلات حزب العمّال ومناضليه على إعادة إصدار جريدتهم «صوت الشعب» يبقى أقوى من الصعوبات. إن العاملات والعاملين في «صوت الشعب» هم في أغلبيتهم الساحقة من المتطوّعات والمتطوّعين الذين يعتبرون المساهمة في تحرير جريدتهم وفي مدّها بالأخبار واجباً نضالياً، وقد أبدوا في مختلف المراحل التزاماً كبيراً، هو أحد أسرار نجاح «صوت الشعب» واستمرارها. إنّ «صوت الشّعب» عادت لتستمرّ، وسيكون فريق تحريرها المكوّن أساساً من شابّات وشبّان، الضّامن لكسب هذا الرّهان. وإلى الأمام.

كرونولوجيا صوت الشعب

تأسست جريدة صوت الشعب في كانون الثاني 1986 كجريدة سرية ناطقة باسم حزب العمال، وصدرت بشكل نصف أسبوعي بسبب التضييق المفروض على إصدار الصحف حتى سنة 1989. حيث رخّصت وزارة الداخلية لحزب العمال بإصدار صحيفة «البديل» الأسبوعية التي عوضت «صوت الشعب» السرية. لكن السلطات منعت صدور جريدة «البديل» بعد 20 عدداً، فعادت «صوت الشعب» السرية للصدور حتى حزيران 2011.
طوال 25 عاماً، كانت صوت الشعب جريدة سرية ممنوعة يعاقب كل من يثبت أن له علاقة بها، سواء كتابة أو توزيعاً أو قراءة بعقوبة قد تصل إلى السجن لعدة السنوات. وقد تعرض بسبب ذلك العديد من العاملين فيها إلى الملاحقة والتعذيب والسجن والحرمان من أبسط الحقوق.
صمدت الجريدة في وجه القمع والمنع والمصادرة، وحافظت على دوريّة صدورها طيلة ما يقارب الرّبع قرن. وهي تعتبر الجريدة السرية الوحيدة في تونس التي صمدت في وجه القمع كل هذه السنوات.
بعد انفجار الحركات الشعبية الاحتجاجية والانتفاضة التونسية سنة 2011، حصلت «صوت الشعب» على ترخيص قانوني، وصدرت الجريدة العلنية أسبوعياً كل يوم جمعة، لتكون أداة كفاحية لتعميق الدفاع عن مصالح الطبقة العاملة والشعب الكادح عموماً. وتناضل اليوم عبر الإصرار على صدورها دفاعاً عن الطبقة العاملة، ومن أجل التصدي لعودة الاستبداد، وضد الفساد والبيروقراطية الإدارية واحتكار دوائر رأس المال للمشهد الإعلامي والسياسي في تونس، والحرمان من الإشهار العمومي.

حق الطبقة العاملة في الصحافة

تسعى الطبقات الحاكمة في تونس وبلدان أخرى إلى الهيمنة على الإعلام عبر طريقين، الأول: مالي، ضخ الأموال حتى تصبح وسائل الإعلام بيد الطبقة الحاكمة. أما الطريق الثاني فهو: القمع الناعم عبر المماطلات القانونية لعمل الصحافة العمالية. أي: توجيه جهودها نحو منع حق الطبقة العاملة في منبر إعلامي، وبالمقابل تواصل الطبقات العاملة نضالها من أجل حقها في إعلام يعبر عنها، في مشهد للصراع الطبقي حول الصحافة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
912
آخر تعديل على الأربعاء, 08 أيار 2019 13:34