«أفانغارد» صاروخٌ بقلبِ واشنطن
يزن بوظو يزن بوظو

«أفانغارد» صاروخٌ بقلبِ واشنطن

يجري الحديث بكثرة مؤخراً عن الأسلحة الروسية الحديثة ضمن سباق التسلح الجاري، وآخرها الصواريخ فرط الصوتية أفانغارد التي صُرّح عنها في كانون الأول من السنة الماضية من قبل الرئيس الروسي بوتين مؤكداً على دخولها بالخدمة رسمياً في السنة الحالية.

الـ «Hypersonic» أو الفرط صوتية هي سرعات تبدأ من 5 أضعاف سرعة الصوت، وأكثر الصواريخ تطوراً في هذا المجال حتى اليوم هو الصاروخ الروسي أفانغارد، الذي تصل سرعته إلى ما يعادل 20 مرة ضعف سرعة الصوت– حوالي 24,700 كلم في الساعة- مع قدرته على المناورة محملاً برأس نووي ومزوّد بآلية تضمن حرارة لا تؤثر عليه في هذه السرعات العالية.
الدفاعات الأمريكية مشلولة
إن امتلاك روسيا لهذه الأسلحة يعزز من وزنها الدولي على الصعيد الإستراتيجي بأشواط عدّة ضمن المواجهة مع الحلف الغربي عموماً وأمريكا خصوصاً، حيث كلٌّ من الناتو والجيش الأمريكي يكونان بلا حماية مطلقاً أمام هذه الأسلحة، فلا يمتلك أحدٌ قدرة دفاعية لمثل هذه السرعات والمناورات، فقد أكد تقرير صادر عن قسم دراسات سلاح الجو في أكاديمية العلوم الأمريكية في الشهر السابق قبيل إعلان الرئيس الروسي، أن «جمهورية الصين الشعبية والاتحاد الروسي يجريان عمليات اختبار الأسلحة القادرة على المناورة بسرعات فائقة، الأمر الذي يمثل خطراً بالنسبة للقوات الأمريكية المنتشرة بالمقدمة، وحتى الجزء القاري من الولايات المتحدة» مضيفاً أن «هذه الأسلحة يمكنها العمل والمناورة على ارتفاعات وسرعات تجعل وسائط الدفاع الجوي والأسلحة القتالية الموجودة عديمة الفائدة» وانتقد مارك لويس، رئيس اللجنة التي أعدت التقرير «الوتيرة البطيئة والتشتت في عملية تصميم التكنولوجيات فرط الصوتية من قبل البنتاغون»، وبعد الإعلان عن الصاروخ أفانغارد تحدث الجنرال في القوات الجوية الأمريكية جون هايتن قائلاً «لا نملك أيّة دفاعات باستطاعتها التصدي لمثل هذه الأسلحة ضدنا».
عن الاجتزاء وقلب المصالح... شيطنة الدور الروسي
بقدر ما تبدو هذه الأخبار نذيراً بحربٍ نووية وما شابه، بقدر ما هي رادعٌ لها، فهذه التطورات تُشكل لجاماً على تلك العنهجية الأمريكية واستفزازها المتواصل، مما يجعلها تعيد حساباتها الاستراتيجية تماماً، كما أنها تمثل رداً سياسياً على التهديدات الأمريكية المستمرة بانسحابها من اتفاقية الصواريخ المتوسطة والبعيدة المدى، فلا يمكن فصل هذه الأحداث عن مصلحة روسيا والصين بإطفاء الحرائق، وتثبيت التوازن الدولي الجديد، الذي لا يملك الأمريكي رداً عليها إلّا عبر شيطنة هذا الدور إعلامياً والادّعاء بأن الاستفزاز والتصعيد مصدره الشرق.
نحو وداع أمريكا
خلاصة القول: أنه وبعد التراجع الأمريكي سياسياً، تأتي هذه الخطوة عسكرياً وإستراتيجياً لتقلص من دور وحجم ضغط القوات الأمريكية المنتشرة، إضافة إلى أنها تجعل حلفاءها المستضيفين لها يعيدون حساباتهم وتساؤلاتهم باستضافتهم لها لما تمثله من تهديدٍ على أمنها واستقرارها، ليتبقى أخيراً انفجار الأزمة المالية الأمريكية المرتقبة والتي ستكون حينها إعلاناً بانتهاء السطوة الأمريكية تماماً.