الانتخابات اللبنانية والمشهد السياسي
في السادس من أيار الجاري، توجه اللبنانيون إلى صناديق الاقتراع، لانتخاب أعضاء مجلس النواب البالغ عددهم 128 نائباً.
لقد عكست الانتخابات النيابية بحيثياتها ونتائجها تغيراً في المشهد السياسي اللبناني، فما الجديد الذي يمكن تثبيته هنا؟
الوقائع
أولاً: أُجريت الانتخابات هذا العام لأول مرة منذ عام 2009، بعد أن مدد البرلمان ولايته ثلاث مرات بسبب الانقسامات السياسية، وبحجة العمل على قانون انتخابات جديد.
ثانياً: للمرة الأولى جرت الانتخابات وفقاً لقانون انتخابي جديد، وهو قانون قائم على نظام التمثيل النسبي مع الصوت التفضيلي، بدلاً من القانون الأكثري المعروف بقانون «الستين»، المعمول به منذ عام 1960، وذلك بهدف إتاحة المجال لتمثيل الأكثريات والأقليات في آن معاً، بحسب الرئيس اللبناني ميشال عون، الذي اعتبر أن هذا القانون «سيؤمن مزيداً من الاستقرار الداخلي».
ثالثاً: بلغت نسبة الاقتراع في الانتخابات النيابية حوالي 49,20%، أي: أن النسبة الأكبر ممن يحق لهم الانتخاب لم يشاركوا في العملية الانتخابية، التي سبقتها حملات دعت إلى المقاطعة.
النتائج
أدت العملية الانتخابية إلى إحداث برلمان جديد بأوزان سياسية جديدة، حيث تقدمت بعض الأحزاب بينما تراجع عددٌ منها، وتشير النتائج إلى حصول حلفاء «الثامن من آذار» على الأكثرية النيابية، حيث حصل «حزب الله» على 13 مقعداً، وحركة «أمل» على 16 مقعداً، أي: مجموعه 29 مقعداً للحليفين، وتشير المعلومات إلى أنه بالإضافة إلى الشخصيات والقوى المتحالفة معهم يصل عدد المقاعد إلى الخمسين، بالإضافة إلى حصول «التيار الوطني الحر» على 29مقعداً، وهو ما يتيح لهم مجتمعين الحصول على أغلبية المقاعد الوزارية، الأمر الذي اعتبره، حسن نصر الله، ضمانة وقوة لخيار المقاومة الإستراتيجي.
في المقابل: أظهرت النتائج تراجع تمثيل تيار «المستقبل» في البرلمان بتراجع حصته من 33 نائباً عام 2009 إلى 21 نائباً في الانتخابات الحالية، بينما تقدمت «القوات اللبنانية» بحصولها على 17 مقعداً مقارنة بثمانية من قبل.
الضرورات
بناء على ما سبق ذكره من حقائق يمكن القول: إن انخفاض نسبة المشاركة في الانتخابات هو مؤشر على تراجع الرضى الشعبي عن الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في البلاد، حيث تعبّر شرائح واسعة من اللبنانيين عن خيبة أملها من القوى التقليدية وسياساتها، التي لم تنجح في حل الانقسامات السياسية والمشاكل الاقتصادية والمعيشية التي يعاني منها لبنان. كما أن تبدل حجم التمثيل السياسي في البرلمان مرتبط بتبدل موازين القوى في لبنان التي سادت منذ عام 2005، ارتباطاً بالوضع الدولي المتغير، وبالوضع الداخلي المتأزم.
فداخلياً أدت سياسات ما يسمى «فريق 14 آذار» إلى زيادة الدين العام لما يزيد عن 80 مليار دولار، وعجزٍ في الميزانية يصل إلى حوالي 4,8 مليار دولار، وزيادة الفقر والبطالة، وإنتاج أزمات، مثل: أزمة التيار الكهربائي، وأزمة النفايات.
أما خارجياً، تزداد التهديدات المحيطة بلبنان واستقراره، مع ازدياد التوترات الدولية المرتبطة بتبدل الموازين الجاري، ولعل أبرز مثال قريب على ذلك، هو: التدخل السعودي، في محاولة فاشلة للضغط على رئيس الحكومة سعد الحريري بالاستقالة، يضاف إلى ذلك الاعتداءات الصهيونية، وتهديد ثروات لبنان المائية والنفطية والغازية.
وهنا ينبغي التأكيد على أن الاستحقاق الأساس في لبنان للوصول إلى انتخابات حقيقية تضمن تمثيلاً عادلاً، وضمان الوحدة الوطنية، هو في تغيير البنية السياسية الطائفية في البلاد كخطوة لابد منها نحو التغيير المطلوب.