«العودة الكبرى» في «يوم الأرض»
عليا نجم عليا نجم

«العودة الكبرى» في «يوم الأرض»

كل الأيام الفلسطينية هي «يوم أرض»، صموداً ومقاومةً، لا ذكرى أصبحت هي ولا احتفالاً نضالات الشعب، في الداخل الفلسطيني وفي الخارج، الملايين من أبناء الشعب الفلسطيني يؤكدون يومياً، أن مسيرة الكفاح مستمرة، حتى تحرير الأرض والعودة.

 

كان ليوم 30 من آذار عام 1976 أن يصبح رمزاً ليوم الأرض، في أوج فترة درج على تسميتها زمن الهزيمة، بعد أن هبّت الجماهير الفلسطينية في مواجهات وإضرابات ومسيرات، امتدت على طول فلسطين التاريخية، من الجليل إلى النقب، وشاركتها الجماهير الفلسطينية في الشتات، احتجاجاً على سياسة مصادرة الأراضي الفلسطينية التي تقوم بها سلطات العدو، لتؤكد أحداث هذا اليوم على وحدة الشعب الفلسطيني، وتماسكه حول القضية المحورية والمركزية، وعلى بطلان وزيف الأسطورة الصهيونية التي روجوا لها لاحتلال فلسطين «أرض بلا شعب, لشعب بلا أرض».
تمر ذكرى «يوم الأرض» على الفلسطينيين هذا العام، في ظل تغيرات كبرى يشهدها العالم، وفي أوج فترة تحمل سِمة تبدل الموازين الدولية، حيث إن قوى المركز الإمبريالي، الراعي الأكبر للكيان الصهيوني، يتراجع، ومعه ينفتح الأفق أمام الشعوب للإمساك بزمام الحل.
في ظل هذا الظرف التاريخي، اختار الشعب الفلسطيني، أن يخلّد ذكرى هذا اليوم بـ«مسيرة العودة الكبرى»، ليؤكد أن «عائدون» ليست مجرد شعاراً تحمله لوحات معلقة على جدران البيوت والمعارض، أو اسماً لجمعيات ومنتديات فلسطينية منتشرة في أنحاء العالم، بل هي فعل على الأرض، ودعوة لا يتوانى الشعب الفلسطيني عن تلبيتها في أية فرصة.
من قطاع غزة، انطلقت الدعوات لـ «مسيرة العودة الكبرى»، حيث احتشد الفلسطينيون في ستة مناطق رئيسة على طول الشريط الحدودي للقطاع، للمطالبة بتطبيق القرار الأممي 194، الخاص بعودة اللاجئين إلى أراضيهم التي احتلتها دولة العدو في عام 1948، ليتحول المشهد إلى مواجهات مع جيش الاحتلال سقط فيها العديد من الشهداء والجرحى الفلسطينيين، كما تمكّن العشرات من اجتياز السياج الفاصل شرق القطاع، ويخطط منظمو المسيرة للاستمرار حتى 15 نيسان المقبل، بالتزامن مع دعوات متعدّدة للتظاهر في قطاع غزة والضفة الغربية، إضافة إلى القدس المحتلة، هذه الدعوات لاقت استجابةً بتوجه عشرات الآلاف من الفلسطينيين إلى المسجد الأقصى، بالإضافة إلى مظاهرات واحتجاجات شهدتها مدن عدة.
جميع الفصائل الفلسطينية بدورها دعت إلى الاستمرار في هذا الحراك وإلى أوسع مشاركة فيه، فخلال مشاركته في المسيرة، قال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» اسماعيل هنية: أنه «لا تنازل ولا تفريط ولا اعتراف بإسرائيل على شبر من أرض فلسطين»، مضيفاً أنّ الشعب خرج ليقول للرئيس الأميركي وصفقته «لا تنازل عن القدس ولا بديل عن فلسطين ولا حل إلا بالعودة». كذلك أكد الناطق باسم حركة «فتح» في قطاع غزة عاطف أبو سيف «أن هذه الأرض، أفشلت صفقة القرن، وأن الجماهير الفلسطينية جاءت لتقول لترامب، ولكل العالم لن نقبل بأية صفقة، يتنازل فيها شعبنا عن حقة». مضيفاً: أن «مسيرة العودة، هي مسيرة الشعب الفلسطيني، نحن في حركة فتح جزء أساسي من هذه المسيرة، وهي تجسد المشروع الوطني والالتفاف نحوه، والذي يتمثل بحق العودة».
«مسيرة العودة» والمعطيات الإقليمية والدولية، دفعت دولة الاحتلال إلى مزيدٍ من التخبط والقلق، حيث نشرت قوات العدو بطاريات الدفاع الصاروخي «القبة الحديدية» في بلدات ما يسمى بغلاف غزة، كما طالب جيش العدو سكان هذه البلدات من المستوطنين بحمل السلاح ابتداءً من يوم الجمعة، وذلك تحسباً لدخول الفلسطينيين من القطاع إلى المزارع الاستيطانية، وحذّر وزير الدفاع ورئيس الأركان «الإسرائيليان» الفلسطينيين المشاركين في مسيرات العودة، من المغامرة بحياتهم في حال اقترابهم من الشريط الحدودي المحيط بقطاع غزة، وهددا بقمعهم بعنف. حيث تشير درجة استنفار الكيان الصهيوني إلى قلق جدّي لدى أركانه ونخبه، وهو ما دفع برئيس أركان جيش العدو، غادي أيزنكوت، إلى القول بأن: «احتمال تدهور الوضع يتعزز مع مرور الوقت، وهذا يعني أننا نقترب من حرب جديدة».
في عالم اليوم متغيرات كبرى، فأمريكا، صديق العدو الأول، تنسحب وتتراجع، والعلاقات الدولية تتبدل بفعل قوى جديدة صاعدة تدعم حل الصراعات على أساس السلم والقرارات الدولية، والعدو يتخبّط بفعل تلك التغيرات، وفي المنطقة إقليم مشتعل وتغيرات كبرى، وفي فلسطين تهديد بصفقة القرن، واعتراف أمريكي بالقدس عاصمةً لدول الاحتلال ومصالحة فلسطينية متعثرة، وفي غزة وضعٌ اقتصادي ومعيشي صعب، كل ذلك يقول للفلسطيني: حاصر حصارك لا مفرُ.. فأنت الآن حرٌ وحرٌ وحرُ.

بيان
يوم الأرض. يوم فلسطين المقاومة في وجه الاستعمار الصهيوني وسياساته العدوانية.
إنه اليوم الذي تلتقي فيه شعوب العالم الحرة التي ترفض العدوان والغزو الإمبريالي_ الصهيوني لتؤكد، مرة جديدة، وقوفها مع حقوق الشعب الفلسطيني، بدءاً بحق العودة إلى الديار التي هجّر منها, وصولاً إلى حقه في بناء دولته الوطنية وعاصمتها القدس.
لقد برهن الشعب الفلسطيني، خلال اليومين الماضيين، ثباته في النضال من أجل حقوقه المشروعة، ولم يأبه للرصاص الغادر الذي انهمر، كالعادة، على تظاهراته، بل حمل شهداءه وجرحاه ومضى في مسيرته التحررية التي لن تتوقف إلا بعد زوال الاحتلال ورحيل المحتل، ومعه كل الذين دعموا احتلاله وعدوانه الهمجي.
إن اللقاء اليساري، إذ يؤكد مرة جديدة أن القضية الفلسطينية ستبقى قضية العرب المركزية، وأنها تشكل المهمة الأولى في الصراع العربي_ الصهيوني المستمر، فهو يدعو كل الشعوب العربية إلى التحرك بكافة الأشكال المتاحة من أجل العمل على تحقيق أهداف شعب فلسطين المقاوم في أرضه ووطنه السليب.
فألف تحية ووردة للشهداء الذين رووا بدمائهم أرض فلسطين.
ألف تحية لشعب فلسطين، بشبابه وشيبه.
ألف تحية للأسيرات والأسرى، قياديين ومناضلين، الذين يسطرون أروع البطولات في وجه جلاديهم.
عاشت فلسطين عربية حرّة.

لجنة تنسيق
اللقاء اليساري العربي
في 31 مارس/ آذار 2018