لبنان وروسيا وردع حرب النفط
تشكل مسألة التنقيب عن الموارد في البحر المتوسط، والنزاع القائم بين الكيان الصهيوني وبين لبنان على المنطقة التي سيتم التنقيب فيها عن النفط والغاز قضية هامة في الوقت الحالي. خاصة وأنّ القوى الكبرى، وروسيا تحديداً، قد دخلت على الخط بشكل مباشر وبات من الصعب على الكيان الصهيوني اللجوء إلى الخيارات التي كان يلجأ إليها فيما مضى.
في هذا السياق، كتب وليام إنغدال مقالاً يذكر فيه لمحة تاريخية عن المسح الجيوفيزيائي الذي حصل في المنطقة، من قبل الشركة البريطانية «سبيكتروم» في القسم اللبناني من حوض المتوسط، والذي قدّر وجود حوالي 25 ترليون متر مكعب من الغاز المجدي استخراجه اقتصادياً في المياه اللبنانية، ويؤكد المقال: «إنّ تطوير التعامل مع هذا الاحتياطي من الغاز سوف يغيّر كامل الاقتصاد اللبناني. وحتّى الآن منعت الحرب في سورية والمعوقات السياسية الداخلية في لبنان التنقيب في منطقة البحر».
ويذكر الكاتب بأنّ: «الإمكانات هنا واعدة لدرجة قيام تحالف شركات دولي تقوده عملاقة النفط الفرنسيّة «توتال» مع «إي.إن.آي» الإيطاليّة مع «نوفاتيك» الروسيّة، بالتقدم للحصول على الحق بالتنقيب. وقد أعلنت «توتال» بأنّ أولى عمليات التنقيب ستبدأ العام القادم في الكتلة رقم 4، وهي القطاع غير المتنازع عليه. وسيتم بعدها حفر بئر في الكتلة رقم 9 وهي الكتلة التي تقع بشكل جزئي ضمن المنطقة التي يدعي الكيان الصهيوني ملكيتها. وقد كانت «توتال» سريعة بالإعلان بأنّ أعمال الحفر في الكتلة رقم 9 ستجري على بعد 15 ميل من المنطقة المتنازع عليها والتي يدعي الكيان الصهيوني ملكيتها، ولكن رغم ذلك يقوم الكيان بالاعتراض على عمليات التنقيب، ويمكننا في هذا السياق أن نذكر تصريح وزير دفاع الكيان الصهيوني ليبرمان: إنّ عمليات الاستكشاف اللبنانية تعدّ «استفزازية جداً».
يشير الكاتب بوضوح: «تبعاً للنزاع المحتمل على مصادر الطاقة، فليس من المصادفة ترحيب لبنان بمشاركة شركة النفط الروسية نوفاتيك... وقد خوّلت الحكومة الروسية وزير الدفاع لديها للتحضير لمعاهدة تعاون عسكري تشمل إطار تنسيق شامل مع الجيش اللبناني. ويتضمن إطار العمل هذا تدريبات عسكرية مشتركة، واستخداماً روسياً للموانئ والمطارات اللبنانية أيضاً... وتبادلاً للمعلومات الأمنية...».
ويستمرّ الكاتب: «إنّ الاتفاق الروسي_ اللبناني لا يمكن أن يكون إلّا مفسداً لقائمة أماني نتنياهو. فالهجمات الإسرائيليّة الجويّة داخل الأراضي السوريّة بدءاً من 10 شباط، تشير إلى ما يبدو إجراءً إسرائيلياً استباقياً لمحاولة التعطيل...».
ويتابع المقال في سياق متصل تحليل عمليّة إسقاط الدفاعات الجويّة السوريّة للطائرة الصهيونيّة F16، وهي الأولى من نوعها منذ عام 1982، على أنّه جزء من استراتيجيّة الردع الروسيّة الكبرى لإفشال المحاولة «الأمريكية- الإسرائيلية» لاستعادة الهيمنة على المنطقة.
وينهي الكاتب مقاله: «ليس من الواضح حتّى الآن إن كانت روسيا قادرة على احتواء كلّ هذه القوى، بحيث تمنع نشوب حرب. ولكنّ توقيع الروس لمعاهدة تعاون عسكري مع اللبنانيين، في الوقت ذاته الذي تحصل فيه شركة نفط روسية كبرى على حقوق التنقيب عن النفط والغاز في البحر اللبناني، ليس قراراً لحظياً سريعاً. إنّها حركة شطرنج محسوبة في واحدة من أكثر الأراضي تعقيداً على وجه الأرض. دعونا نأمل لخير البشرية أن تنجح روسيا في مساعيها لكبح مصالح أصحاب الحرب».