متى تنتهي الأزمة الخليجية؟
في خضم الأزمة التي تشهدها العلاقات القطرية مع مجموعة دول خليجية على رأسها السعودية، تحاول قطر إيجاد المتنفس إقليمياً ودولياً، بطرق مختلفة، على رأسها توسيع شبكة العلاقات المدعومة باستثمارات قطرية ضخمة، فهل تطول عملية عض الأصابع المستمرة منذ أشهر داخل البيت الخليجي؟ أم أن حلاً ممكناً يلوح في الأفق؟
تدرك السعودية مستوى التضييق الممكن فرضه على قطر اقتصادياً وسياسياً، باستخدام أدوات ضغط مختلفة، لكن تلك الأدوات لا تقل أهمية عن إمكانات قطر في النفاذ من الشرك المنصوب خليجياً، طالما أن الأخيرة قادرة على استخدام شبكة علاقاتها الإقليمية والدولية لتخفيف الضغوط الخليجية عليها...
صراع طويل الأمد
هذه الإمكانات القطرية نسبياً لا تعني بأية حال من الأحوال، أن ما تقوم به السعودية يذهب أدراج الرياح، فالأرقام تشير حقاً إلى خسائر اقتصادية قطرية، أجبرتها إلى اللجوء إلى احتياطاتها النقدية، بعد خسارة 38.5 مليار دولار، أي: ما يعادل 23% من الناتج المحلي في شهرين فقط.
لكن هذه الأرقام لا تعبر فقط عن أزمة قطر نتيجة الحصار، بل إنها جزء من أزمة أعمق تمر بها دول الخليج العربي كافة، على الصعيد الاقتصادي.
في المقابل تجد قطر متنفسها بعيداً عن محيطها الخليجي، أولاً: اتجاه واشنطن الأهم من حيث قدرتها على التأثير في هذه الأزمة، على اعتبار أن الدور الخليجي في السنوات الأخيرة على الصعيد الإقليمي، كان ضمن منطق توزيع الأدوار أمريكياً في المنطقة، إضافة إلى تبني واشنطن للرياض كحليف رئيس في المنطقة، خصوصاً بعد تعيين محمد بن سلمان ولياً للعهد.
هنا تتقرّب الدوحة من واشنطن، من بوابة الاقتصاد كما فعلت من قبلها السعودية، عندما زار ترامب الرياض، ونال وعوداً بصفقات تصل إلى 350 مليار دولار، فمؤخراً وافقت وزارة الخارجية الأمريكية على صفقة مع قطر بقيمة 1.1 مليار دولار، تتضمن تقديم خدمات دعم لطائرات مقاتلة من طراز «F-15» اشترتها قطر من الولايات المتحدة في حزيران الماضي، ويمكن اعتبار هذه الصفقة رسالة سياسية للرياض بأن الدوحة ليست معزولة سياسياً كما كان مأمولاً من دول الحصار، إلى جانب ذلك، تقوم قطر بتوطيد علاقاتها مع إيران عبر اتفاقات تسهيل التجارة، كما هو الحال مع إيطاليا وفرنسا.
متى تنتهي الأزمة؟
في العمق، لا يبدو السؤال حول إمكانية حل الأزمة الخليجية مهماً، على اعتبار أن المنطقة برمتها تشهد انزياحات حادة في شبكة العلاقات التقليدية، بما فيها مجلس التعاون الخليجي، الذي كان تغيير بنيته، أو إعادة هيكلته الوظيفية، مطروحاً على طاولة البحث، حتى قبل اندلاع الأزمة الأخيرة، كنتاج للتناقضات داخله، وأهمها: تسلّط السعودية على القرار السياسي لدول الخليج الأخرى، بغض النظر عن المصالح الداخلية الخاصة لكل دولة، وهو ما ظهر مثالاً بعد الاعترافات القطرية، بعدم الرضى عن التدخل السعودي_ الإماراتي في اليمن، وبالتالي يبدو حل الأزمة الخليجية بالمعنى الحقيقي، وتطبيع العلاقات بين قطر والسعودية تحديداً، ليس على قائمة القوى الدولية، وتعتبر أقل أهمية من ملفات أخرى يجري بحثها دولياً، وعليه، من المرجح أن يستمر العراك داخل البيت الخليجي ضمن مستويات مضبوطة، إلى حين اتضاح الصورة إقليمياً على الأقل فيما يخص الملفات الأكثر أهمية كالعراق وسورية واليمن.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 835