G20 «أهلاً بكم في الجحيم»..!

G20 «أهلاً بكم في الجحيم»..!

أيام قليلة وسيتحول وسط مدينة هامبورغ إلى وضع الإغلاق من أجل قمة مجموعة العشرين، ونقلت وسائل إعلام تصريح يواكيم ليندرز، الرئيس الإقليمي للنقابة المحلية للعاملين بالشرطة قائلاً: «ستخضع الحياة العامة لقيود واضحة»، وسط تحضيرات لتظاهرات مناهضة للقمة.

بالتوازي مع إعلان ألمانيا عن استضافتها لقمة مجموعة العشرين، بدأت وسائل الإعلام الألمانية تتحدث عن الماضي الاستعماري القديم لألمانيا الذي يجب كشفه! بالتزامن مع القمة التي انعقدت ببرلين في 12 و13 حزيران تحت عنوان «قمة مجموعة العشرين للشراكة مع أفريقيا – الاستثمار في مستقبل مشترك».
حسب المركز الألماني للإعلام، والتابع لوزارة الخارجية الألمانية، فالهدف من القمة هو إطلاق مبادرة لا تتحدث عن أفريقيا، بل مع أفريقيا. لذلك وكبادرة حسن نية قامت وسائل الإعلام بتسليط الضوء على الماضي الاستعماري في أفريقيا، ذلك الماضي الذي بدأ في عهد المستشار أوتو فون بيسمارك، وكانت الإمبراطورية الاستعمارية الألمانية في أفريقيا تشمل ناميبيا والكاميرون وتوغو وأجزاء من تنزانيا وكينيا، عن طريق الأساطيل الجديدة التي هدفها «إيجاد» مكان لألمانيا تحت الشمس، وتأمين مستقبلها على الماء.

صندوق النقد ومعاهدة إفريقيا
تؤكد تصريحات وزير الخارجية الألماني، زيغمار غابرييل، إن أفريقيا أصبحت في هذه الأيام مرئية جداً في برلين. وقد وجهت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الدعوة إلى ممثلات وممثلين عن الدول الأفريقية لحضور ذلك المؤتمر في برلين، لبحث فرص الاستثمار الجديدة في القارة الأفريقية والاتفاق بشأن كيفية خلق العناصر الجاذبة للاستثمارات الشخصية و«الاستثمارات المستدامة» في البنية التحتية العامة والمشاركة الاقتصادية من خلال التشغيل. وفضلاً عن ذلك، يشمل البرنامج مبادرات لتعزيز استخدام تكنولوجيا المعلومات والتواصل من خلال «السيدات والفتيات». كما أنه من المقرر من خلال المؤتمر دعم الوصول إلى إمداد بالطاقة صديق للبيئة عن طريق الطاقات المتجددة في أفريقيا.
سال لعاب أكثر من 100 جهة استثمارية وصندوق النقد الدولي ومنظمات الـNGO العالمية، حيث أشارت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستين لاغارد، في مقابلة مع صحيفة «هاندلسبلات» الألمانية إلى ضرورة إيجاد الظروف المواتية في دول جنوب الصحراء «للتطوير والتدريب» من أجل السكان وأسرهم. إذاً، سيجري تطبيق ذلك عن طريق شركات التطوير والتدريب العالمية التي بدأت تعمل في بلدان الجنوب الفقير منذ سنوات لجمع الأرباح على حساب السكان أنفسهم!
وإلى غاية اللحظة، تعد دولة جنوب أفريقيا الوحيدة من القارة السمراء العضو في مجموعة العشرين. وكان وزراء مالية مجموعة الدول العشرين، دعوا خلال قمة في آذار الماضي نظراءهم من ساحل العاج والمغرب ورواندا وتونس إلى الانضمام إليهم لتشكيل هذه الشراكة التي سيطلق عليها اسم «معاهدة مع إفريقيا - كومباكت ويذ أفريكا».
هذه المرة، وقبل أقل من شهر على قمة لمجموعة العشرين في هامبورغ وفي إطار تحرك يستهدف كل البلدان الإفريقية، سيشارك أيضاً في قمة برلين التي تستمر يومين قادة غانا وإثيوبيا والنيجر ومصر ومالي إلى جانب مؤسسات مالية دولية من المفترض أن تقدم دعماً تقنياً لهذه الدول على صعيد «الإصلاحات الليبرالية». كما ستناقش القمة موضوع الهجرة والمهاجرين الأفارقة.

الحركة المناهضة لقمة هامبورغ
تجمع ما بين ثمانية آلاف شخص وفق الشرطة، و18 ألفاً بحسب المنظمين، في مدينة هامبورغ الألمانية للاحتجاج على قمة مجموعة العشرين التي عقدت في نهاية الأسبوع الماضي بمشاركة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. المتظاهرون طالبوا بضرورة أن يعتمد قادة الدول «سياسة أخرى» بديلة تكون أكثر إنصافاً بما يتعلق بالتجارة وتوزيع الثروات وأكثر احتراماً للبيئة.
وسلطت وسائل إعلام ألمانية الضوء على تحول قمة العشرين إلى «قلعة حصينة»، في إشارة إلى التحصينات الأمنية المتزايدة مع اقتراب افتتاح أعمالها في هامبورغ، حيث تجاوز عدد المتظاهرين 100 ألف شخص.
وقد تخوفت السلطات الألمانية من استمرار الاشتباكات، وأرسلت السلطات حوالي 15 ألف شرطي لضمان أمن القمة، إضافة إلى 3800 شرطي فدرالي مكلفين بحماية أمن المطار والقطارات.

«أهلا بكم في الجحيم»
ودعا نشطاء يساريون ومناهضون للعولمة، ومجموعات مدافعة عن البيئة ونقابات وطلاب ومجموعات كنسية إلى 30 تظاهرة قبل القمة وخلالها. وقال أحد المنظمين أندرياس بليشميت: إن شعار التظاهرات، وهو «أهلاً بكم في الجحيم»، يهدف إلى توجيه «رسالة استعداد للقتال... لكنه أيضاً يرمز إلى أن سياسات مجموعة العشرين في أنحاء العالم مسؤولة عن الظروف المشابهة للجحيم، مثل الجوع والحرب والكوارث المناخية».
وقد منعت سلطات مدينة هامبورغ تنظيم مسيرات من وسط المدينة وعلى طول الطرق المؤدية إلى المطار، مما حتّم على المتظاهرين الأسبوع الماضي التوجه إلى المنطقتين البحريتين سان باولي والتونا، بعيداً عن القمة. وتعهد بعض المتظاهرين بتحدي المنع، متوعدين بـ«عصيان مدني» وقطع طرق لتوجيه رسالة قوية للأطراف المشاركة في القمة.
وكذلك، اتهم المتظاهرون السلطات بتحويل المدينة «قلعة»، ومنعهم من حقهم الدستوري الذي يضمن التجمع والتظاهر. وتقول سلطات المدينة: إنها لن تخاطر في مسألة حماية الزعماء ونحو 10 آلاف من الموفدين و5 آلاف إعلامي، من «التهديدات الإرهابية». وتصاعدت الخلافات التي نقلت إلى المحاكم في الأسابيع القليلة الماضية، على المخيمات الاحتجاجية، عندما عمدت الشرطة مرتين إلى إزالة مخيمات من حدائق عامة وساحات.
ويخشى كثيرون تكرار مواجهات كتلك التي وقعت على هامش قمة مجموعة الثماني في جنوى الإيطالية العام 2001، أو خلال افتتاح مقر البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت العام 2015. وقال نيل دواين، المحلل الاستراتيجي لدى مركز «اليانز غلوبال انفسترز»: إن «خيار المدينة المستضيفة غير مناسب»، وأضاف: «سيجد المتظاهرون سهولة للوصول إلى هامبورغ، ليس كالسابق، إلى مواقع أبعد مسافة».

معلومات إضافية

العدد رقم:
818