معركة قانون الانتخابات اللبناني

معركة قانون الانتخابات اللبناني

تضغط الآجال الزمنية المتاحة لإقرار قانون انتخابات جديد في لبنان. فبحلول 20 حزيران المقبل، تنتهي الولاية النيابية الحالية «الممدَّد لها»، وقبل ذلك في 31 أيار الحالي، ينتهي العقد التشريعي الأول للمجلس النيابي، ومن المفترض أن يغلق البرلمان أبوابه حتى موعد الانتخابات القادمة...

 

حتى ذلك الحين، تعمل القوى الوطنية اللبنانية على تفادي الوصول إلى موعد الانتخابات القادمة دون إقرار قانون جديد للانتخاب، ذلك لتجنب الوقوع رهن الخيارات التي تشهرها سلطة التحاصص اللبناني في وجه الحراك المتصاعد في لبنان: إما الفراغ، وإما التمديد مجدداً، أو القبول بمشاريع القوانين المقترحة لقانون الانتخابات، والتي تساهم بإعطاء دفعة لمفرزات «الطائف» اللبناني.

التوافق من الأعلى!

أجبرت هذه الضغوط السياسية الطبقة الحاكمة في لبنان – بتوجهاتها المختلفة- على إيجاد «توافق» فيما بينها على المراوحة بين الخيارات الثلاثة المذكورة آنفاً، دون الوصول إلى حل حتى الساعة. هذا في ظل ازدياد الحديث عن أن المناقشات الجارية بين قوى السلطة، باتت تدور حول القانونين «النسبي» و«المختلط»، مع الأخذ بعين الاعتبار المصالح الضيقة لقوى السلطة التي تحاول أن تكيِّف القانونين للإبقاء على سلطتها وزعامتها.

هذا التوافق الأولي على مضض، من قبل القوى السياسية، التي لا تزال تتمترس خلف طروحاتها، لا يعني أن القانون الممكن التوافق عليه هو قانون يخدم بالعمق مصالح شرائح اجتماعية واسعة من الشارع اللبناني، بل إن المحاولات الجارية حالياً تبقى ضمن إطار الحفاظ على مصالح الزعامات الطائفية والمناطقية، فمثلاً: مشروع القانون القائم على النسبية الكاملة، لاقى رفضاً مطلقاً من كل القوى السياسية في حال اعتماد لبنان دائرة واحدة خارج القيد الطائفي، أما الذي يجري دراسته اليوم فهو تقسيم لبنان إلى 13 دائرة انتخابية، حسب مشروع «نجيب ميقاتي»، رئيس الوزراء الأسبق، أو 15 دائرة انتخابية، أو تعديلات أخرى من التأهيل إلى التفضيل في دوائر محددة،  تلبية لمستلزمات الحفاظ على النسب النيابية للقوى الحالية، وهو ما لا يخجل من إعلانه نواب الكتل النيابية بحديثهم عن النتائج المتوقعة «للديمقراطية الطائفية» من كل قانون انتخابي مطروح.

أعقد من قانون الانتخاب

هذا الاستحقاق القريب، يتزامن مع تحركات شعبية متزايدة، على مستوى الحركة اليسارية والنقابية والشبابية اللبنانية، ليس فقط ضد منطق التوافق الطائفي على قانون الانتخابات، الذي يعد فصلاً واحداً من فصول الأزمات المزمنة في لبنان، بل حراكاً ضد فرض ضرائب جديدة على اللبنانيين، قانون الإيجارات، والأملاك البحرية، وسلسلة الرتب والرواتب، والكهرباء والكثير من الأزمات، التي أدت إلى عودة اللبنانيين إلى الشارع مجدداً، بمطالب اقتصادية-اجتماعية واضحة المعالم، ربما تعمل نتائج المشاورات الحالية حول قانون الانتخابات إلى تسعيرها، ورفع مستوى التحرك الجماهيري ضدها، وهو ما تحاول الطبقة السياسية الحالية تفاديه ولو مرحلياً..

لكن المؤكد أن لبنان على أبواب مرحلة جديدة من التغيرات التي تطال نظام المحاصصة الطائفية، وأشكال تمثيله في الهياكل السياسية كمجلس النواب والحكومة وغيرها، ذلك التنبؤ أساسه مستوى عدم الرضى الاجتماعي الواسع على سلوك منظومة التحاصص الطائفي، وظهور حراك سياسي ينتظم بشكل متصاعد في الشارع بمطالبه وشعاراته وبناه السياسية.

 

معلومات إضافية

العدد رقم:
809