دردشات احذروا الطابور الخامس
جميع الأنظمة العربية أدانت السادات لزيارته إسرائيل عام 1977، ووصفته بالخائن، ونقلت مقر الجامعة العربية إلى تونس وعزلت مصر منها. لكن موقفها اختلف مع وريثه حسني مبارك، رغم إعلانه بأنه سيكمل خط سلفه السياسي، وغضت النظر عنه، وأعادت الجامعة العربية إلى مقرها في القاهرة، بأمل محاولة عدم عزل أكبر وأقوى دولة عربية، من جبهة الصراع مع إسرائيل. لكن السادات الثاني، تحول إلى خميرة فاسدة، أثرت على دول عربية كثيرة طبّعت علاقتها مع إسرائيل، علناً أو سراً، وأقامت معها علاقات تجارية. وهكذا اتسعت دائرة لدول العربية التي انعزلت عن جبهة الصراع مع إسرائيل. والآن نلمس نشاط مبارك غير المبارك، في الموقف العربي الرسمي المخزي، من عدوان إسرائيل الهجمي على لبنان، بل وأكثر من ذلك، انكشف بأن بعض تلك الدول قد تواطأت مع إسرائيل وشجعتها في عدوانها هذا، لتنفيذ مهمتها في القضاء على حزب الله، رأس رمح المقاومة العربية الفعالة ضد العدو الصهيوني.
لقد كشف أولمرت رئيس الوزراء الإسرئيلي بأنه تلقى رسائل من قادة عرب يؤيدون حربه على حزب الله، وأكد ذلك وزير خارجية قطر، في مقابلة تلفزيونية بقوله: نعم كان يوجد بلدان عربية تقف إلى جانب حرب إسرائيل على لبنان. وإذا تبنى وزراء الخارجية العرب في بيروت، برنامج الحكومة اللبنانية للمفاوضات بالإجماع، فإنما جاء ذلك نتيجة الصمود الأسطوري للمقاومة الباسلة وانتصاراتها الرائعة في شتى الميادين القتالية، على الجيش الذي وصف بأنه لا يغلب، ومرغت عنجهيته وغطرسته العسكرية تحت أقدامها، ورفعت هامة العرب عالياً بالفخر والاعتزاز. لكن من ناحية ثانية، صدمت هذه الانتصارات الكبيرة بالإضافة إلى أمريكا وبريطانيا وإسرائيل الأنظمة والأحزاب العربية المتواطئة مع إسرائيل، لأنها خيبت الآمال التي كانوا يعلقونها على انتصار إسرائيل بتصفية حزب الله.
لذلك، ورغم التأكيدات الواضحة التي انتشرت بأن عدوان إسرائيل الهمجي على لبنان كان مبيتاً ومهيئاً سلفاً، ومدفوعاً من قبل أمريكا، ورغم تصريح رايس العلني بأن هذه الحرب لها علاقة بولادة الشرق الأوسط الجديد يسخر هؤلاء المتواطئون مع إسرائيل في ترديد اتهاماتهم لسوريا وإيران بأنهما حرضتا حزب الله لخطف الجنديين الإسرائيليين، والتسبب في هذا العدوان، يا لسخافة وتفاهة المنطق، فها هو وزير الخارجية السعودي وأثناء اجتماع وزراء الخارجية العرب في بيروت، يوزع بياناً يتهجم فيه على إيران ويتهمها بمسببة هذه الحرب، والسنيورة يبرر هذا البيان ويدعمه. وسعد الحريري يتنقل بين العواصم، وينشر نفس الاتهامات لسوريا وإيران، وجعجع يردد نفس المعزوفة، ويبث روح التخاذل والاستسلام الانبطاحي، ويدافع عن تواجد القوات الدولية في الجنوب. وعبد الله الثاني يقول: «إن إسرائيل جعلت حزب الله بطلاً علينا». يقصد تأخرها في القضاء عليه. وقبل تناول قادة 14 آذار مع رايس، طعام الغداء وتوبيخاتها باستهزاء، كمن يحضر وليمة عشيق زوجته، وتلقوا تعليماتها صاغرين، وغلمان هذا التكتل، يهتفون ضد وزير خارجية سوريا في بيروت، وغيرهم وغيرهم.
كل هذا النشاط المشبوه بهدف طمس دور أمريكا الرئيسي في دفع إسرائيل للاعتداء على لبنان، من أجل تنفيذ الشرق الأوسط الجديد بقوة السلاح، طالما لم تجد وتنفع الوعود بالديمقراطية في تنفيذه. ومن ناحية ثانية لبث روح التذمر واليأس وتفرقة الصف الوطني اللبناني والعربي الملتف حول المقاومة، وتوجيه النار نحو سوريا وإيران وحزب الله عوضاً عن إسرائيل وأمريكا.
هذا هو الخطر الأكبر الذي تواجهه المقاومة اللبنانية الصامدة الآن، والذي حذر منه قائدها الكبير السيد حسن نصر الله.
الحذر من الطابور الخامس الغدار، والنصر للمقاومة اللبنانية الجبّارة، في تحرير الأرض والأسرى وفي إفشال الشرق الأوسط الجديد الذي يهدف إلى تحويل المنطقة إلى دويلات تتحكم فيها أمريكا وإسرائيل.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 279