أجل هذا الشرق العظيم... ولكن...!
ثمة فكرة، طرحها الرفيق د. قدري جميل في الاجتماع الوطني السادس، وهو غير- تيار قاسيون – بل إن هذا التيار هو جزء منه، لأنه يدعو إلى – وحدة الشيوعيين السوريين- وفيه من الفصيلين المنضويين تحت لواء الجبهة الوطنية في سورية، بالإضافة إلى من هم خارج هذه الأحزاب، وممن أطلق عليهم – حزب التاركين الذين ضاقت بهم أحزابهم، فوجدوا أنفسهم، بغتةً، خارج أسوارها، والفكرة المهمة التي طرحها د0 قدري تتعلق بالموقف المطلوب الذي ينبغي أن يكون بين الكرد والعرب، حيث قال حرفياً:
«أما عن القضية الكردية، لأول مرة سأتحدث بهذا الشكل، لينين تحدث عن هذا الموضوع وعلمنا كيف نتصرف، حق تقرير المصير حق مبدئي، وحق تقرير المصير كان لينين يعتبره جزءاً من قضية النضال من أجل الاشتراكية، أي أن الكل هو الاشتراكية والجزء هو حق تقرير المصير، فحق تقرير المصير يخضع لقضية النضال من أجل تحقيق الاشتراكية وبالتالي الفرق بين القومي الإنعزالي والشيوعي، أن القومي يخضع الاشتراكية لحق تقرير المصير والشيوعي يخضع حق تقرير المصير للاشتراكية، نقطة انطلاق منهجية هامة، ثانياً لينين لكي يخرج من الإشكال وينهي هذا التعارض بين حق تقرير المصير والاشتراكية، (ويمكن لهذا التعارض أن ينشأ) قال: شيوعيو الأمة الكبرى يجب أن يناضلوا من أجل تعزيز روح الأممية عند الأمة الكبرى لدرجة أن يثقفوا جماهيرهم حتى بحق الانفصال للأمة الصغرى، أما شيوعيو الأمة الصغرى فيجب أن يقنعوا جماهيرهم بضرورة الاندماج والوحدة في النضال العام ضد العدو المشترك مع الأمة الكبرى.. هكذا ديمقراطياً تحل القضية عند لينين، نحن ما الذي يحدث عندنا؟ يأتي شيوعي من القومية الصغرى يتكلم عن حق تقرير المصير باللغة التي يجب أن يتحدث بها شيوعيو القومية الكبرى، وشيوعي القومية الكبرى عوضاً عن أن يتكلم عن حق تقرير المصير، يتكلم باللغة التي يجب أن يتكلم بها شيوعي القومية الصغرى، أي يتكلم عن الاندماج والقسري أحياناً، وتبادل الأدوار هذا خطأ، فالروح الأممية لا تقوى بهذه الطريقة، فشيوعي القومية الكبرى أينما كان يجب أن يروج لمفهوم حق تقرير المصير للأمة الصغرى، وحينئذ إذا كان شيوعي الأمة الصغرى شيوعياً حقاً فعليه أن يناضل من أجل الاندماج بالنضال العام والوحدة مع القومية الكبرى، هكذا ينحل الأمر، نحن الذي يحصل معنا أن بعض الرفاق يأتون إلى هنا فيمسكون الميكروفون فلا يتكلمون إلا عن حق تقرير المصير، من كل القضايا التي تهم الشعب السوري يتكلمون فقط عن قضية تقرير المصير، وشيوعيو الأمة الكبرى لا يتكلمون عن قضية تأمين الحقوق المنقوصة فيوفرون عليهم هذا العناء بالعكس، أحياناً يوجهون ملاحظات بطريقة معينة تستفز مشاعر القومية الصغرى، وأنا الآن أتكلم عن واقع وحقيقة لا بد من معالجتها، لماذا؟ لأننا أمام خطر داهم.....إلخ
(كلّ الكلام لـ د. قدري أحببت إيراده دون انتقاص)...
طبعاً، وكان ذلك ضمن سياق الدّعوة إلى – الشرق العظيم – القوي بنفسه، والمتوائموالمتلاحم، لا المتخاصم، بحيث يعيد هذا الشرق تشكيلة من داخله، بعيداً عن المهندس الغربيّ الذي صاغ خريطة هذا الشرقفي القرن الماضي ليغيب عنه – الكرد – كما أرى – تاركاً بذلك كافة الأوراق المعتمدةللانفجار والتوتّر، ضمن خطةلطمس ملامح الكرد، ومحوهم من مسرح التاريخ!....
وفي تصوري، إنّ اتفاقية سايكس بيكو1916أسّست لقضية جدّ خطيرة، ألا وهي العمل على مراكمة حالة الشّقاق والهوّة بين الكرد، ومن تقاسموا خريطتهم، كي يبدو الخلاف وكأنه بين عرب وكرد وفرس ليس إلا..!
إن أكبر سند قوي – للكرد- يكمن في شعوب المنطقة المتعايشين معهم، وإن كان ذلك – للأسف –يبدو صعباً حالياً إزاء ما نراه من تأليب واستهداف لوجود الكرد، وما يحدث الآن في تركيا – إيرانمثالان ملموسان على مواجهة هذا الشّريك في الشرق العظيمبروح الضغينة والأحقاد ومحاولة ابتلاع الآخر، لا خريطته فحسب..!
ومؤكد، أن المطلوب من شركاء الكردفي الشرق العظيم– في هذه المرحلة الحساسة جداً – تفهّم الظلم التاريخي الذي وقع على هؤلاء، ومراجعة الذات، وتأسيس عقلية إعادة النظر في العلاقة معهم ، وإلافإن منيشرف على الغرق في أي نهر ، سيضطرّ مكرهاً، لمدّ يده إلى من ينقذه، حتّى وإن لم يكن واثقاً من تلك اليد تماماً، عارفاً أنه سيسهم في إغراقه مع سواه، أجمعين، في خطوة لاحقة..!
لا يمكن أن ننظر إلى تاريخ الثورات في بلد كسورية دون أن نجد دور الكرد الوطنيّ، ولعلّ أكبر دليل على ذلك هو أن من أطلق أولىرصاصة ضد الفرنسيين في سورية، هو الكردي محو شاشو إيبو، والقائمة هنا تطول.. وتطول..!
إن مثل هذا التلاحم هو مطلوب حقاً، ولكن شرطه في المنطقة، أن يتمّ الإقرار بحقوق الجميع بلا استثناءوقضاياهم العادلة أينما كانوا لإعادة الثّقة إلى نفوسهم بعد كلّ ما تعرضوا له خلال بضعة العقود السابقة، على مرأى ومسمع أشقائهم شركاء المكان، وهذا ما سيشكّل بالتأكيد قوة كبرى لأبناء الشرق العظيم- برمّتهم- ضدّ مؤامرات الغرب، هذا الغرب الذي يتصرّف انطلاقاً من مصالحه، غير مبالٍ بمصالح الشعوب قاطبة.
وأنا، ككردي، وأممي الرؤى، أجدفعلاًفي اللجنة لوطنية لوحدة لشيوعيين السوريين، محاولة جديرة - وإن جاءت متأخرة – لنفض الغبار عن حقيقة الموقف الشيوعي من القضية الكردية،لا سيما في هذه المرحلة الحساسة، الحرجة، ونحن نجد أن كثيراً من الشيوعيين يرون في حديث الشيوعي الكردي عن كرديته انتقاصاً لروح الأممية لديه، طالبين منه صرف نظره إلى قضايا الآخر، دون أن يفكّر هذا الآخر بتفهم خصوصية الكردي بل حتى تبني قضاياه، وهو موقف لايمكن أن أعمّمه بميكانيكية....!
وإذا كنا نجد للأسف، أنبعض أصحاب الأقلام التي تتنكر للكثير من النقاط المضيئة في تاريخ الحركةالشيوعية في المنطقة عموماً وفي سورية بشكل خاص في ما يتعلق بفضح الممارسات الشوفينية تجاه الكرد، مناصرة الكرد، هذاا لدور الذي كان يمكن أن يكون نواة مهمة لنصرة قضايا الكرد- وإن كان ذلك قد تراجع تدريجياًضمن حالة تراجعنضالية عامة..
لعلّاللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين – وعبر مثلقبسة الضوء هذه، قد سعت لاستدراكالكثير انطلاقاً من رؤاها المطروحة للتو، وهو ما يمكن أن يتعمّق ضمن تطبيق هذا المبدأ الشيوعي الحقيقي المبدأيمن القضية الكردية، والذي يصل إلى درجة حقّ تقرير المصير ضمن منطق النضال العام التحرري للشعوب ضد المخططات الامبريالية الأمريكية التي تريد تفتيت المفتت وتأليب جميع الشعوب على بعضها البعض ضمن سياق سياسة فرق تسد.
ان الاعتراف بالأخ الشقيق وحقوقه، والسعي إلى الاندماج اللصيق بين الجميع في النضال التحرري العام ضد العدو المشترك، هو نقطة انطلاق مهمة، حبذا لو نفهمها جيداً….......!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 281