جهاد أسعد محمد جهاد أسعد محمد

كيف ستكون حال لبنان والمنطقة في ظل نتائج الانتخابات النيابية اللبنانية؟

أسفرت نتائج الانتخابات النيابية اللبنانية، على غير المتوقع إعلامياً وشعبياً، عن فوز مرشحي فريق 14 آذار بغالبية طفيفة، لا تعكس عبر عدد المقاعد حقيقة واقع التصويت وإحصائياته حول أصوات المقترعين الذين صوّت أكثر من 55 % منهم لمصلحة المعارضة مقابل أقل من 45 % لمصلحة الموالاة. هذا التناقض له أسباب عدة، لعل غير الأساسي منها قيام الفريق الفائز، المدعوم إمبريالياً، ومن دول الاعتلال العربي، بشراء عدد كبير من أصوات المقيمين والمغتربين الذين استُقدموا، واستمرار وسائل إعلامه طوال الفترة التي سبقت الانتخابات وأثناءها، بالتضليل الممنهج والتحريض الطائفي، ثم إدارته لعمليتي الاقتراع وفرز الأصوات.. أما الأسباب العميقة فيرى كثيرون أنها تكمن في مواضع أخرى، من بينها النظام الانتخابي بحد ذاته الذي يتناقض بين أحجام التصويت والمقاعد التي يحصل عليها كل طرف/ طائفة..
وللوقوف على الأسباب الحقيقية والعميقة لنتائج هذه الانتخابات، ولمعرفة تداعياتها وآثارها السياسية على لبنان والمنطقة، أجرت قاسيون الحوارين التاليين مع كل من: الرفيق د. خالد حدادة الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني، والأستاذ ميخائيل عوض المحلل السياسي المعروف..

د. خالد حدادة: ما يزال لبنان يعيش عصر القبائل المتناحرة
 
• الرفيق د. خالد حدادة، كيف ترون في الحزب الشيوعي اللبناني النتائج التي أسفرت عنها الانتخابات البرلمانية، خصوصاً وأنكم كنتم قد استقرأتم سلفاً بعض هذه النتائج، وما هو تصوركم لتداعياتها في الفترة القادمة؟
لقد توقعنا مثل هذه النتيجة قبل إجراء الانتخابات، وتوقعنا أنها ستسفر عن تعطيل جدي للبلد، وسيظل النظام الطائفي بأزمته مهيمناً إلى حين، ونرى أن الكيان الوطني سوف يتهدد في حال استمرت الاصطفافات على الأساس المذهبي كما هو الوضع الحالي، ونعتقد أن لبنان قادم على أزمة متعددة الأشكال، أقلها الأزمة السياسية، مع استمرار التوترات الاجتماعية والسياسية وربما الأمنية.. هذا بالجانب السلبي.
أما في الجانب الإيجابي، فبرأينا إن هذا المستوى من الأزمة، ومن الوصول إلى ذروة هذيان النظام الطائفي، حيث ما يزال لبنان يعيش فعلاً عصر القبائل المتناحرة، أي قبيلة يرأسها سعد الحريري وتأتمر بأوامره كاملةً، وقبيلة يرأسها نبيه بري وتأتمر بأوامره.. وقبيلة يرأسها وليد جنبلاط.. وغيره وغيره.. هذه القبائل التي عبرت عن تماسك استثنائي على أساس غرائزي وطائفي، وهي فيما يبدو متجهة إلى أحد خيارين؛ إما إلى التعايش ضمن إطار حكومة واحدة، وتعايش التضادات هذا هو تعايش معطل للحياة السياسية وللحكم في البلد، وإما إلى تصادمات ذات طابع طائفي سواء على المستوى المذهبي أم على المستوى الطائفي أو على المستويات المختلفة.. هذا الجانب بكل تفاصيله يترك لنا باب أمل كبير بأن هذه القوى سواء تحالفت أو تخاصمت، فإنها ستترك الكيان في مهب الريح، مما يستدعي وسيجعل عملية الإصلاح والإنقاذ عملية أكثر من ضرورية.
 
• أنتم في الحزب الشيوعي، طالبتم وماتزالون بالإصلاح السياسي وبإلغاء الطائفية السياسية وبوضع برنامج لإنقاذ لبنان من أزمته الاقتصادية، لماذا لم يلق كل ذلك آذاناً صاغية لدى قوى المعارضة التي هي أقرب إليكم بحكم موقفها الوطني؟
بالحقيقة، إن المعارضة تعمل على أساس لا يختلف كثيراً عن الموالاة في الجانب الداخلي، ويكاد هذا الأساس لا يختلف على الإطلاق، سواء على مستوى الإصلاح السياسي أم على مستوى القضية الاقتصادية الاجتماعية، فالجانبان يتقاطعان بشكل واسع ويحاولان الإيحاء بأن هذا التقاطع سببه عدم تعريض المقاومة للخطر، والنتيجة هي أنهما كلما تقاطعا وساوما على المستوى الداخلي، تعرضت المقاومة وسلاحها للخطر، والأهم برأينا أنهم متماثلون على مستوى التكوين الطائفي والسياسي وعلى مستوى الموقف والانحياز الطبقي لمصلحة قوى البرجوازية المرتبطة بالرأسمال العالمي.
نحن نتقاطع مع المعارضة على قضية المقاومة، وكنا قد حاولنا أن نسحب هذا التقاطع بحيث تذهب المعارضة إلى الانتخابات ومعها مشروع سياسي للإصلاح على المستويين السياسي والاقتصادي - الاجتماعي، ولكن للأسف جوبهنا من أركان المعارضة السياسية سواء من حزب الله أو من التيار الوطني الحر أو من تيار الرئيس بري، بتأجيل وتسويف، فذهبت المعارضة للانتخابات دون برنامج، بينما الأكثرية في 14 آذار، وبغض النظر عن برامجها ذات الطابع الرجعي المرتبط بمصالح الخارج والشعارات الفارغة، فقد ذهبت إلى الانتخابات ببرنامج موحد وبقيادة موحدة، أما المعارضة فذهبت دون برنامج وبشكل متفكك ودون قيادة موحدة، مما جعلها بموقع دفاعي كان أحد الأسباب في خسارتها للانتخابات البرلمانية.
 
• هل يمكن أن تتعظ المعارضة، وتحديداً المقاومة في حزب الله، من نتائج هذه الانتخابات، وهل بدأت تدرك ضرورة وجود برنامج اقتصادي ــ اجتماعي مواز لبرنامج المقاومة؟
ـ أتمنى ذلك، رغم أملي الضعيف على هذا المستوى، لأن المشكلة بنيوية، وأعتقد أن وضع تعارض ما بين مصلحة الطائفة ومصلحة المقاومة، عادة ما يحسم لمصلحة الطائفة، ولا يحسم لمصلحة المقاومة.
 
• على الصعيد الإقليمي، ما الذي قد ينتج برأيك عن مثل هذه النتائج الانتخابية؟
أعتقد أن هذا الموضوع سيزيد من مهام القوى التي تعد نفسها في مواجهة المشروع الأمريكي، وفي حال ذهبت إلى اتفاق، فسيكون محكوماً بسقف أدنى مما لو كانت نتائج الانتخابات غير ما جاءت به، فهذا كان سيرفع سقف الحوار أو الصدام مع المشروع الأمريكي. وطبعاً أعتقد أن القوى الإقليمية التي تحسب إلى جانب المعارضة، تتحمل أيضاً جزءاً في هذه النتائج من حيث طريقة إدارتها وسياستها وإعلامها في موضوع الانتخابات اللبنانية، إذ لم يختلف أداء إيران عن أداء ما يسمى بقوى الاعتدال العربي والأداء الأمريكي والعالمي في التدخل بالانتخابات اللبنانية، علماً أن طهران لم تكن مضطرة لهذا التدخل الذي كان له تأثير سلبي في امتعاض القوى المذهبية في مواجهة هذا التدخل، وعلى الأقل في مساواة إيران بأمريكا من حيث تدخلها بالشأن اللبناني.
 
• كيف تقيّمون تجربة مرشحيكم، وما هي الفوائد التي جنيتموها من المشاركة بالانتخابات بقوائم مستقلة؟
يحاول أطراف الطوائف جعل لبنان شبيهاً بالنظام الانتخابي الأمريكي، أي نظام الحزبين، حيث تضيع القوى الأخرى المختلفة عن نهج الحزبين المتقاربين بالسياسة الاقتصادية الاجتماعية، ونرى أن هناك محاولة لجعل لبنان بين استقطابين جمهوري وديمقراطي، 14 و8 آذار، وهما تياران وإن اختلفا في السياسة الخارجية إلا إنهما ملتقيان في رفض الإصلاح وفي معظم بنود السياسة الاقتصادية الاجتماعية للرأسمالية اللبنانية، وبهذا الإطار كانت هناك محاولة من الطرفين للضغط على وضعية الحزب، وليس فقط الحزب، وإنما القوى الديمقراطية الأخرى، ورغم ذلك، ورغم الاستقطابات الطائفية الحادة، نعتقد أن النتائج رغم تأثرها بهذا الجو لم تكن محبطة، بل أثبتت أن الحزب الشيوعي اللبناني لديه جسم ونواة صلبان تتجاوزان الستة بالمئة من التمثيل العام اللبناني، وفي هذا المعنى تبرز سلبيات قانون الانتخاب ولا ديمقراطيته. والشيوعيون بكل الأحوال سيدرسون نقاط القوة والضعف في برنامجهم وتحالفاتهم على قاعدة هذه النتائج.
 
• بالنسبة للخمسين بالمئة من اللبنانيين الذين قاطعوا الانتخابات، ما رأيكم بموقفهم؟
إن جزءاً من ذلك يعد طبيعياً ويجري في كل الدول وكل الانتخابات النيابية، وإنما يلاحظ حقيقةً زيادة نسبة الأوراق البيضاء في صناديق الاقتراع، وهذه نسبة نعتز بها ونضيفها إلى أصوات الديمقراطيين واليساريين والعلمانيين كونها من هذا الجانب، وهناك نسبة غياب احتجاجي أكثر من عشرة بالمئة.. في كل المناطق كان هناك غياب احتجاجي رغم كل الإغراءات المادية وغير المادية نضيفها أيضاً إلى الفئة التي ترفض الحال الراهنة وتطالب بالإصلاح وتحمّل النظام بكل أطرافه المسؤولية في كل ما يجري والمسؤولية في تهديد الكيان الوطني.
 
• ما هي مهمتكم الأساسية الآن بعد هذه الانتخابات؟
سيقوم الحزب الشيوعي اللبناني بكل قواعده وقياداته بدراسة نتائج هذه الانتخابات على طريق إعادة تدقيق المشروع السياسي وتطويره. وسنصوغ مواقفنا من قوى المعارضة بقدر اتعاظها مما جرى، أو استمرارها في ممارساتها تحت شعار الديمقراطية التوافقية وتقاسمها للسلطة مع الفئات الأخرى، ونرجح أنها ستذهب إلى التوافقات والمساومات، وهذا سيوضح الصورة أكثر في تطوير برنامج الحزب على المستويين السياسي والاقتصادي- الاجتماعي في مواجهة الحكومة، إذ لن يبقى في هذه الحكومة حينها لا أكثرية ولا معارضة، بل سيكون هناك حكومة مؤلفة من كل الفئات الطائفية السياسية مهما تغيرت ألوانها المذهبية، ومعارضة وحيدة هي المعارضة الوطنية الديمقراطية الداعية إلى التغيير الديمقراطي..
 
 أ. ميخائيل عوض: المعارضة لم تدر العملية الانتخابية ببرامج وشعارات تلامس مصالح الناس
 
• الأستاذ ميخائيل عوض كيف تقرؤون نتائج الانتخابات النيابية اللبنانية؟
مددت النتائج عملياً للتوازن في السلطة السياسية اللبنانية انطلاقاً من توازنات البرلمان، ، والأزمة ستكون مفتوحة على مدى أربع سنوات إذا تسنى للأكثرية أن تحكم دون حصول متغيرات في زاوية ما في لبنان أو في الخارج للضغط باتجاه إما أن يغير هذا الفريق نهجه وخطه السياسي، أو تدفع البلاد إلى حالة من التوتر، وخطورة هذا التوازن أنه جاء ليدير سلطة سياسية في بلد مأزوم أزمة عميقة ضاربة في طبيعة النظام وفي وظائف ودور الكيان، بحيث أن المنطق يقول إن أزمة عميقة بهذا الحجم وهذا المستوى في مرحلة متغيرات لا يمكن أن تدار بسلاسة، فقد كانت البلاد وما زالت، بحاجة إلى تغيير.. العملية الانتخابية لم تنتج أدوات وآليات هذا التغيير، بل حافظت على حالة التوازن التي أنتجت خلال السنوات الأربع الماضية سلسلة من الأزمات والتوترات، إن في عمليات الاغتيال، أو في صدام 7 أيار، وللأسف الشديد إن أي قارئ للحالة اللبنانية يمكنه الاستنتاج أن فرصةً تاريخيةً قد فاتت، أما من فوت هذه الفرصة؟ فتتعدد الأسباب والمسؤوليات.. ربما المعارضة لم تدر العملية الانتخابية ببرامج وشعارات وعناوين هجومية تلامس مصالح الناس، وترك الناس يذهبون ويصوتون تبعاً لعلبهم الطائفية والمذهبية، والذي انعكس بالنتيجة التي جاءت.
 
• قبل الانتخابات، كان هناك توقعات متفاوتة بتفاؤلها، ولكن أحداً من المعارضة ومن أنصارها ودعاتها وبعض المفكرين والباحثين والمحللين لم يكن يتوقع هذه النتائج.. برأيك ما سبب هذا التراجع؟
حقيقةً، إن المعارضة لم تتراجع وإنما احتفظت بعدد النواب الذين جاءت بهم في 2005 نفسه، وقاعدتها الشعبية تحوز على 55.4% من صناديق الاقتراع، والذي لعب دوراً في إنتاج هذه المفاجأة سببان: عنصر نوعي وعنصر تكميلي أو لوجستي..
وفي العناصر اللوجستية، لاشك أن ماكينة الموالاة كانت أكثر تنظيماً وأكثر حيوية وفاعلية، وأكثر قدرة على الحشد، والأمر الثاني أنه كانت هناك حرب كونية على المعارضة جنّد في سبيلها إدارات ودول وأجهزة كاملة، ونقل خلال ثلاثة أيام 56 ألف ناخب جاؤوا من أستراليا وحتى من دول الخليج بتمويل وبقرار من الخارج، بعضهم لم يحضر إلى لبنان منذ عشرات السنين، وهؤلاء جاؤوا ليقرروا لمن تكون السلطة السياسية وخرجوا، وهم ليسوا جزءاً من البنية الاجتماعية، ولا يتأثرون بالسياسات الداخلية ونتائجها، وهذا عملياً كان عنصراً مهماً حيث عدل 60 ألفاً من هؤلاء النتائج في دائرتين هما عملياً اللتان ساهمتا في خروج النتائج بهذا الشكل، وهذا أمر لا يمكن تجاهله، وربما لم يكن مدرجاً في حسابات استطلاع الرأي..
وفي الأسباب الموضوعية الجوهرية التي تبتعد الجهات السياسية عن مناقشته، فإنها تكمن في طبيعة المعارضة، إذ إن الكتلة الأساسية في المعارضة هي جزء من الطبقة السياسية، وهي جزء من النظام، ولم يكن لديها شعار أو برنامج يدعو إلى إحداث تغييرات جوهرية في بنية النظام، وإنما كانت تقاتل على الأرضية ذاتها..
 
• ما انعكاسات النتائج الحالية على الوضع في لبنان والمنطقة؟
إقليمياً، كان الرهان أن تأتي النتائج منسجمة مع حقائق المرحلة والحقبة التاريخية، بحيث يتم إنتاج سلطة سياسية قادرة على حسم مسألة الانتماء، وتبنّي المقاومة بما ينسجم مع المتغيرات الإقليمية، ولكن أن تأتي سلطة ماتزال تقف عند الماضي وتبني سياساتها على ما كان في السابق بما يشل الدور الذي كان مراهناً على أن لبنان سيلعبه في هذا السياق، فهذا لم يكن متوقعاً، وإسرائيل ارتاحت للنتائج باعتبار أنها كانت ترتهب من التغيير في لبنان. وفي التصريحات الإسرائيلية وحجم التدخل الإسرائيلي دليل على ذلك، فهي أكثر الجهات التي ارتاحت للنتائج، وبالتالي بهذا المعنى فاتت على لبنان فرصة أن يلعب دوراً ريادياً بإعادة هيكلة الشرق العربي وتوازنات القوى فيه، وأنتجت الانتخابات ظاهرة أن لبنان سيبقى منفعلاً بالمتغيرات الخارجية باعتبار أن قواه الداخلية لم تستطع إنجاز هذا المتغير، والتوازن داخل البرلمان، من شأنه أن يعطل قدرة أو إمكانية لبنان لعدم الذهاب إلى مزيد من التطرف اليميني والانسجام مع الحلف الإسرائيلي المصري الأوروبي الأمريكي، أو أن يذهب باتجاه حلف الممانعة والمقاومة، بمعنى أن دور لبنان سيكون معطلاً في هذا الاتجاه، والتوازن لا يعطي فريق الأكثرية القدرة على تنفيذ برنامجه الذي يقوم على بند وحيد هو: بند سحب سلاح المقاومة في خدمة المشروع الإسرائيلي، لأنه تاريخياً وعملياً في لبنان، وخلال السنوات الأربع الأخيرة، من حمى سلاح المقاومة هو القوى الشعبية التي ما زالت قوية ومتماسكة. فالانتخابات بالمحصلة لم تغير من هذين المعطيين، ولكن بالنتيجة فرضت نتائج الانتخابات توازناً من شأنه أن يعطل بكل الاتجاهات، إي أننا بصدد مرحلة تعطيل للإدارة السياسية في لبنان، فلا هي ذاهبة إلى الخيار الوطني ولا هي ذاهبة إلى الخيار اللا وطني، وعلى الأرض هناك أزمة اجتماعية اقتصادية ضمن منطقة تتغير وتتحرك باتجاه الخروج من الحقبة الانتقالية، وقد يعني ذلك استمرار الأزمة، ولكن هذه المرة بلا أفق زمني، فقبل سنة أو سنتين كان هناك أفق أو رهان لزمن ينهي التوازنات مع حلول الانتخابات ولكن الآن بات الأفق في لبنان مفتوحاً على أربع سنوات جديدة، وسيستمر لبنان في حالة توتر مستمرة.

 
• ماذا يجب على المعارضة، وتحديداً المقاومة أن تفعل تحسباً واحتياطاً، وربما استشرافاً للمرحلة القادمة؟
أول ما يجب فعله هو دراسة الأسباب العميقة والمباشرة لهذه النتيجة الانتخابية، ويجب على المقاومة أن تستخلص منها العبر والدروس. والعنصر الآخر، وهو الأهم، أن تدرك قوى المقاومة الأساسية امتداداً لما لها من دور وتأثير في الشارع وفي المعارضة، بأن المقاومة كشعار وخيار بمفرده لا ينتج تغييراً في التوازنات وفي السلطة السياسية، المقاومة برنامج ومشروع يجب أن يقترن بالتغيير الاقتصادي والاجتماعي، وإذا استمرت الفرضية القديمة، فستكون المقاومة قد فرطت بفرصة الاستفادة من الدرس الثمين الذي عكسته هذه الانتخابات، فلو أن المعارضة خاضت الانتخابات تحت عناوين وبرنامج حكم واضح لاستمالت جزءاً أساسياً من القاعدة الفقيرة في العلب الطائفية الأخرى، ولو أن المقاومة خاضت معركتها تحت عنوان صفيحة البنزين بـ 15 ألف ليرة وسلاح المقاومة لحماية لبنان ووحدته لكانت كسبت بالضرورة، أما أنها خاضت الانتخابات تحت عنوان: تعالوا نتوافق، وتعالوا ندير البلد، وجميعنا شركاء.. فهي لم تقدم حلماً أو أملاً للكتل الاجتماعية الفقيرة المتضررة من سياسة السلطات.
 
• برأيك، على المستوى العام، ما هو حجم تأثر حلف الممانعة والمقاومة بهذه النتائج؟
العناصر التي جعلت حلف الممانعة والمقاومة اللبنانية والعربية والعالمية تنتصر لم تتغير، ولم تأت معطيات في غير مصلحتها، وكان الرهان أن يكسب هذا الحلف الساحة اللبنانية ويحسم أمره، وهذا لم يتحقق، ولكن الحلف لم يخسر شيئاً من عناصر قوته..


• ولكن على الصعيد المعنوي، ألم يخسر برأيك؟
أنا برأيي حين انتصرت المقاومة في حرب تموز استطاع أعداؤها عبر الحملات الدعائية «البروبوغاندا» أن يظهروه خاسراً، أما على أرض الواقع، وفي عمق قرار ويقين الناس، فإن تحالف الممانعة والمقاومة لم يخسر بالتأكيد.

معلومات إضافية

العدد رقم:
408