المسؤولون الأمريكيون: نبحث عن المصالح لا عن الصداقات!!
قال جون فوستر دالاس وزير خارجية الولايات المتحدة في خمسينات القرن الماضي: «ليس للولايات المتحدة أصدقاء دائمون، وإنما مصالح».
وهذا ماكررته في مطلع القرن الواحد والعشرين، مستشارة الأمن القومي الأمريكي كوندوليزا رايس حين قالت منذ فترة وجيزة:
«لاتهتم الولايات المتحدة إلا بمصالحها، ولاتقيم وزناً لموقف مجتمع دولي له وجود افتراضي لا حقيقي».
وتأكيداً لهذا الكلام الأمريكي ثمة أمثلة كثيرة على تخلي هذه الدولة العظمى عن أصدقائها، حتى الأوروبيين الذي تعاونوا معها وساروا تحت قيادتها مدة نصف قرن ضد الاتحاد السوفييتي والبلدان الاشتراكية الأخرى، وبعد زوال هذا النظام كشرت عن أنيابها وتبين أنها تريد ابتلاع الجميع والتحكم بمصير العالم.
وفي هذه المقالة لانود إلى التطرق إلا إلى نموذجين «طازجين» تخلت فيهما الدولة العظمى عن أصدقائها واهتمت بمصالحها.
وأولهما المصير المأساوي الذي لقيه عميلهم أحمد الجلبي الذي احتضنوه في واشنطن وكان ثقة لدى مخابراتهم وجاؤوا به إلى العراق على ظهور دباباتهم ورضي أن يكون ألعوبة بيد الأمريكيين ثم تخلوا عنه بجرة قلم وفضلوا مصالحهم على أصدقائهم.
العودة إلى المنفى
والنموذج الثاني للتخلي الأمريكي عن العملاء هو المصير الذي آل إليه أعضاء مجلس الحكم الانتقالي الذين أصبحوا كفقراء اليهود «لادين ولادنيا».
لقد أصبحت حالة الأكثرية الساحقة من أعضاء مجلس الحكم الانتقالي المنحل والمعين أمريكياً أشبه «بحالة الأيتام في مأدبة اللئام» فبعد أن جعلوا منهم حصان طروادة لتحقيق مصالحهم لفظوهم لفظ النواة، وفي الوقت نفسه فإن الشعب العراقي لم يعترف بهم قط، وقد اغتيل اثنان منهم.
عملاء الأمس أعداء اليوم
وتفيد الأخبار، بأن الأمريكيين بعد أن نصبوا رجالهم الموثوقين بهم ثقة تامة، حتى بدؤوا يعاملون أعضاء مجلس الحكم المنحل معاملة ولا أسوأ، كأنهم لم يعرفوهم ولم يتعاونوا معهم عاماً كاملاً وسط أجواء من القلق والرعب، ففي لحظة واحدة، سقطت الحمايات الأمنية عنهم وباتوا عرضة لأي نوع من الانتقام، وبخاصة من قبل المقاومة العراقية وأفراد الشعب العراقي. وقد صرح أحدهم، صحيح أن الحكم الجديد لن يرسل من يغتالنا، لكن الأمن السائب يجعلنا فريسة سهلة للاغتيال في الشارع.
الإجازات الطويلة
وهناك قسم من الأعضاء بدؤوا التفكير بالإجازات الطويلة والعودة إلى البلدان التي كانوا يقيمون فيها، فالعضو الكردي البارز في المجلس د. محمود عثمان غادر إلى لندن لقضاء إجازة فيها.
وعبر عدد آخر من اعضاء المجلس الذين قرروا العودة إلى منفاهم السابق عن ندمهم ـ يوم لا ينفع الندم ـ على العام الذي أمضوه في العراق.
إن الأعضاء الذين نبذتهم سلطة الاحتلال بعد أن استنفدت كل إمكانياتهم لصالحها أصبحوا أناساً مذلين مهانين وينطبق عليهم قول الشاعر العربي القديم:
من يهن يسهل الهوان عليه
مــــالجرح بميت إيــــــلام
فهل سيتعظ الذين وضعوا ثقتهم بالأمريكين أو ينوون وضع أنفسهم في خدمة أعداء وطنهم وشعبهم مما حل بأعضاء مجلس الحكم الانتقالي العراقي المنحل.
إن الأمريكيين ليس لديهم أصدقاء دائمون، بل لهم مصالح دائمة. فليعتبر أولو الألباب وإلا فإن مصيرهم لن يكون بأفضل من العراقيين.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 225