دردشات العبوها عالمكشوف
بفرحة ممزوجة بالفخر والاعتزاز, استقبلت الشعوب العربية نبأ المعركة البطولية التي نفذها حزب الله, وأسر جنديين إسرائيليين. ولكن أغلب القادة العرب أبوا إلا أن يطعنوا هذا الانتصار في الظهر ووصفوه بمغامرة غير مسؤولة ولا محسوبة العواقب بل إن بيان مبارك وعبد الله الحسين أدانا العملية قبل إسرائيل، وحملوا حزب الله مسؤولية العدوان الهمجي على لبنان الذي لم يوفر بشرا ولا حجرا قصفا وتقتيلا وتدميرا..
إن المواقف السلبية المتخاذلة من أغلب القادة العرب, تعود إلى أنهم أصبحوا من عرب أميركا, بدءا من وريث الخيانة وسمسار أميركا الأكبر في المنطقة إلى سليل عائلة الخيانة العريقة, اللذين تحديا مشاعر وطنية الشعوب العربية, وطبعا علاقات بلديهما مع إسرائيل, فشجعا قادة بلدان عربية أخرى إلى اقتفاء أثرهما, وأقاموا علاقات سرية مع إسرائيل.
إن طرح شعار تنفيذ قرار 1559 من قبل إسرائيل، ومن ثم طرح رايس شعار ولادة الشرق الأوسط الجديد, وطلبها من سورية أن تحدد موقفها منه, كشف الهدف الرئيسي لهذا العدوان المجرم, الذي كان مبيتا-على الأقل- منذ زيارة أولمرت الأخيرة إلى واشنطن. ولا علاقة لهذا العدوان الهمجي بقضية خطف الجنديين الإسرائيليين.
ثمة خمس عقد عصية تقف في طريق تنفيذ هذا المشروع التآمري,هي المقاومات اللبنانية والفلسطينية والعراقية, بالإضافة إلى معارضة سورية وإيران له.
من هنا يمكن تفسير وحشية عنف العدوان الإسرائيلي على المقاومة الفلسطينية وعلى كل لبنان، وجرائم التقتيل المتبادل بين السنة والشيعة التي تنفذها المخابرات الأمريكية والإسرائيلية في العراق. وكذلك تفسير مواقف قادة عرب أمريكا المخزية من هذين العدوانين تسهيلا وتسريعا لولادة الشرق الأوسط الجديد, وإلا لو أرادوا وقف العدوان الإسرائيلي على لبنان وفلسطين, لكانوا قطعوا علاقاتهم معها ولجؤوا إلى التهديد بسلاح النفط.
وهاهو الملك عبد الله بن حسين لا يرى خطر جرائم إسرائيل في لبنان وفلسطين، بل راح يهول بخطر المد الشيعي في المنطقة.. ولا عتب لأن فرخ البط عوام.
وفي هذا الصدد, لا يمكن إغفال أن قوى الليبرالية في العالم العربي تقف إلى جانب دعم هذا المشروع طموحا منها إلى ديمقراطية أمريكية على غرار ما تحقق في العراق.. مثلا جماعة خدام في سورية المتواجدين في أجهزة الدولة وخارجها ودعاة اقتصاد السوق والسوء، بل هاهم مشايخ السعودية يصدرون فتاوى بعدم جواز دعم حزب الله، وقد دحضها الشيخ القرضاوي من مصر، فماهذه الفتاوى سوى دعوة وقحة إلى دعم وتأييد صريح لعدوان إسرائيل على لبنان.
أي أن العدوانين الوحشيين الأخيرين على فلسطين ولبنان وقبلهما احتلال العراق يشكلون جميعاً جزءا من هجمة العولمة المتوحشة على العالم، وعلى نتائج المعارك الضارية التي تواجهها المقاومات الثلاث وعلى صمود سورية وإيران ضد مشروع الشرق الأوسط الجديد، يتوقف المصير اللاحق لكل دول المنطقة بين أن تتمتع بسيادتها الوطنية على بلدانها أو تفقدها بالتطبيع المخزي مع إسرائيل والوقوع تحت سيطرتها الكاملة..
إن مصلحة هؤلاء الرسميين العرب المتخاذلين في بقاء أنظمتهم القمعية ونهبهم خيرات بلدانهم هي أعلى وأكبر من المشاعر والمصالح القومية والوطنية, ولولا خوفهم وخجلهم من شعوبهم لكانوا(لعبوها عالمكشوف) وقدموا أسلحتهم الثقيلة التي انتفت الحاجة إليها, إلى إسرائيل لتكمل مهمتها في تقتيل الشعبين في لبنان وفلسطين وتسرع في توليد الشرق الأوسط الجديد.
إن موقف قادة عرب أمريكا المخزية والمتخاذلة تجعلهم شركاء فعليين لإسرائيل في كل عملية قصف وتقتيل وتدمير لحقت بالشعبين الفلسطيني واللبناني.
المقاومة اللبنانية صامدة بشموخ وحققت انتصارات كبيرة على العدو الصهيوني رفعت رأس العرب عاليا, والأجواء السياسية حبلى بالأحداث, وحساب القادة العرب, المتعاونون مع أمريكا وإسرائيل سيكون عسير على أيدي شعوبهم الطامحة إلى الحرية والاستقلال والتقدم. والمجد للمقاومة.