وجهة نظر الأمريكيين في رئيسهم
عندما ظهر لأول مرة على المسرح الوطني الأميركي, كان النقد القاسي ضد جورج بوش هو أنه قد يكون ساذجا بمكان لأن يكون رئيسا.وبينما كان الوقت يمضي, كانت الأسئلة حول قدرات بوش العقلية تتلاشى وتخبو.
وبعد 11 سبتمبر، بدت وجهة نظره الفطرية وليس التحليلية من العالم تماما ما كنا نحتاجه، وكان الأميركيون من كل الأطياف يائسين من رؤية صفات بطولية فيه.
وفي ذلك الصدد، قرر الديمقراطيون إنه من غير المثمر سياسيا مهاجمة ذكاء الرئيس. فقد قال بروس ريد من "مجلس القيادة الديمقراطي" في عام 2002، على سبيل المثال، إن وصف أو تسمية بوش بالساذج "يعمل مباشرة في صالح قوة بوش، وهو أنه يظهر على أنه رجل عادي". وهكذا، في معظم السنوات الست الأخيرة، ظل التساؤل حول ذكاء بوش خارج طاولة النقاش.
بالطبع هناك قليلون منا طرحوا الموضوع على النقاش من وقت لآخر، ولكننا عموما أغفلنا الموضوع. وبحلول عام 2004، انقلب التساؤل تماما. فالديمقراطيون لم يكن لديهم شيء يقال تقريبا عن نقص ذكاء بوش، بينما الجمهوريون هاجموا بغبطة وبشكل متكرر جون كيري على أنه شخص مترفع بشكل زائد عن اللزوم.
غير أنه من الواضح الآن بشكل متزايد أن منزلة ووضع بوش في مشكلة خطيرة. والمشكلة ليست في عاداته - التي شخصها وسخر منها ممثلون كوميديون على المسرح - فيما يتعلق بتلعثمه في مخارج الألفاظ وفي الكلمات، ولكن في النقص المذهل الصادم في فضوله الفكري والثقافي.
وكتاب رون ساسكيند الجديد بعنوان "مبدأ واحد بالمائة" يرسم صورة لحدود جورج بوش الفكرية. فبوش- كما يكتب ساسكيند - "ليس قارئا كثيراً". وهو يفضل عمليات الاطلاع الشفهي على المعلومات ويحكم حكمه ويقدر تقديراته غالبا تأسيسا على مدى ما يبدو عليه الشخص الذي يطلعه على المعلومات من ثقة فيما يقوله. وفي آب من عام 2001، كانت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي أيه " في خوف من هجوم إرهابي قادم وصاغت تقريرا بعنوان "أسامة بن لادن مصمم على ضرب الولايات المتحدة". وعندما لخص عضو بوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي أيه" محتويات المذكرة في اجتماع وجهاً لوجه مع بوش، وجد الرئيس الشخص الذي يطلعه على المعلومات واثقا بشكل غير كاف وصرفه بالقول "حسنا، لقد غطيت موضوعك، الآن" وهذا وفقا لساسكيند .وذلك ظهر أنه تقدير كارثي بدرجة ما.
ويحب الموالون لبوش أن يغفلوا تقرير ساسكيند، ولكنه يتفق وينسجم مع الصورة التي بزغت من مصادر أخرى. فرواية بول بريمر عن فترة منصبه كرئيس لسلطة التحالف المؤقتة في العراق تصف بوش على أنه غير مهتم بالمسائل المحورية من شاكلة إعادة بناء العراق.
إن صور الفيديو لاجتماع رئاسي والتي خرجت إلى النور هذا العام أظهرت بوش وهو يتم اطلاعه على المعلومات حول إعصار كاترينا في أوله. وقد بدا مرؤوسوه كمهتمين بعمق بكارثة محتملة، ولكن بوش بدا لا مبال، رافضا أن يسأل سؤالا واحدا.
إن مؤيدي بوش أصروا في السنوات الست الأخيرة على أن القرار الليبرالي لذكاء الرئيس يرقى إلى لا شيء أكثر من التكبر الثقافي. نحن لا نحب سيارته "البيك آب" ولكنته أو لهجته، ولذا فنحن نخفي تحيزنا وراء قناع التكبر والتفوق الفكري والثقافي. ولكن كلما علمنا أكثر عن كيفية عمل بوش، كلما أمكننا أكثر أن نرى أننا محقون وعلى صواب من البداية. ومن المهم أن الرئيس يقيم رد فعله الانفعالي الفطري ويزدري التعلم من الكتب. فالمسألة ليست مجرد مسألة أسلوب ثقافي. فآفاق الرئيس الفكرية والثقافية الضيقة لها عواقب حقيقية أحيانا ما تكون عواقب مفاجئة وعنيفة.
ومن الحقيقي والصحيح أن الرؤساء يمكن أن ينجحوا دون أن يكونوا مفكرين ومثقفين هم أنفسهم، ولكن المشكلة هي أن بوش ليس مجرد غير مفكر أو غير مثقف فحسب ، ولكنه أيضا يزدري المثقفين.