الخسائر.. بعد عام من الغزو الخسائر البشرية

الكارثة السكانية التي حلت بشعبنا العراقي بسبب سياسة النظام الدكتاتوري الدموي كانت رهيبة ويصعب تصورها. فخلال حرب الخليج الأولى والثانية بلغت الخسائر البشرية من المدنيين والعسكريين ما بين مليون ومليون ونصف نسمة، وخلال فترة الحصار الاقتصادي الظالم للفترة من عام 1992 وحتى عام 2003، بلغت الخسائر البشرية بـ (1.5) مليون نسمة بسبب تفشي الأمراض وقلة الدواء وارتفاع أسعاره والجوع والإرهاب. وكانت حصة الأسد من هذه الخسارة هم من الأطفال والشيوخ والنساء.

أما فيما يخص أبناء شعبنا العراقي الساكنين في الجنوب والوسط، فإن غالبيتهم اليوم أحياء ولكنهم في واقع الأمر أموات وسوف يعاني هذا الشعب خلال الفترة القادمة بسبب استخدام أمريكا وبريطانيا وحلفاؤهما أسلحة محرمة دولياً ومنها أسلحة اليورانيوم المنضب وقنابل النابالم والأسلحة الكيماوية…، فاليوم الهواء، والماء والتربة هما ملوثان أصلاً فالسلع الغذائية المنتجة والمياه غير صالحة للاستعمال أصلاً لأنها ملوثة، فالموت البطيء والولادات المشوهة في جنوب العراق ووسطه يعدان كارثة لم يسبق لها مثيل وكان نظام صدام حسين وحلفائه الإقليميون والدوليون يدركون ذلك وبشكل جيد، إلا أنهم لم يعلنوا عن جريمتهم المشتركة ضد الشعب العراقي، فالمطلوب اليوم إجراء تحقيق دولي بهذا الموضوع الخطير من قبل المنظمات الدولية وخاصة منظمة الصحة العالمية وأن يشارك فيها أطباء عراقيون من أجل معرفة الواقع المأساوي الذي يعاني منه المواطنون العراقيون في الجنوب والوسط.

كما هاجر من العراق خلال الفترة من عام 1968 وحتى عـــام 2002 حوالـــي 4.5 ملايين مواطن عراقي والغالبية العظمى من هؤلاء يحملون الشهادات العلمية العالية وإن حصة الأسد من هؤلاء المهاجرين في بلدان الغرب الإمبريالي. وبهذا الخصوص قال وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري إنه: يوجد في لندن فقد 2800 طبيب عراقي.

الخسائر الاقتصادية

إن الحديث عن حجم الخسائر الاقتصادية التي تحملها وسوف يتحملها شعبنا العراقي بسبب سياسة النظام الدكتاتوري البغيض تذهل العقل وكل التصورات، وأن هذه الأرقام منشورة رسمياً وهي أرقام خيالية تعكس واقع الحقيقة الكارثية التي حلت بشعبنا العراقي ومن أجل إيضاح حجم الكارثة خلال الفترة من عام 1980 وحتى نيسان عام 2004 نورد الآتي:

●● الاحتمال الأول:

1. قدرت القيمة المادية للبنية التحتية المدمرة والمخربة للاقتصاد العراقي خلال حرب الخليج الأولى للفترة بـ67 مليار دولار.

2. قدرت القيمة المادية للبنية التحتية المدمرة والمخربة للاقتصاد العراقي خلال حرب الخليج الثانية عام 1991 ولمدة 43 يوماً بـ 232 مليار دولار.

3. قدرت كلفة الحرب الثالثة التي قامت بها أمريكا ـ بريطانيا عام 2003 حتى سقوط النظام بـ 148 مليار دولار (88 مليار دولار كلفة الحرب الأمريكية ـ البريطانية، و60 مليار تمثل كلفة الإنفاق العسكري الأمريكي ـ البريطاني البالغ شهرياً 5 مليارات دولار وللفترة من أبريل عام 2003 إلى أبريل عام 2004).

4. قدرت قيمة التعويضات التي يجب دفعها للحكومة الإيرانية بـ 200 مليار دولار (وهناك تقدير آخر يؤكــد على 97 مليـــار دولار).

5. قدرت قيمة التعويضات التي يجب دفعها لدولة الكويت بـ 100 مليار دولار.

6. قدرت كلفة إصلاح القطاع النفطي في العراق وتجهيزه بالمعدات الحديثة..، بـ 90 مليار دولار.

7. بلغت مديونية العراق الخارجية مع فوائدها بـ 356 مليار دولار (هناك تقدير آخر يؤكد على 383 مليار دولار)

إذن إجمالي الخسائر المادية التي تحمَّلها وسيتحملها شعبنا العراقي وفق هذه المعطيات وهذا الاحتمال هي تريليون و193 مليار دولار. (التريليون يساوي ألف مليار).

ووفقاً لهذا الاحتمال، وحسب تقديرات الخبراء الأجانب فإن عوائد النفط العراقي لعام 2004 ستبلغ مابين 14 إلى 15 مليار دولار (علماً أن هذه العوائد محسوبة على أسعار النفط الحــاليــة لعام 2003 والتي تراوحت مابين 28 إلى 31 دولاراً للبرميل الواحد).

ومن خلال هذه التقديرات يمكن القول وفي حالة احتساب قيمة عائدات النفط العراقي السنوية بـ 14 مليار دولار، يعني ذلك أن نفط الشعب العراقي قد تم بيعه مقدماً ولفترة 85 سنة، وفي حالة احتساب عائد النفط بـ15 مليار دولار، يعني ذلك تم بيع النفط مقدماً ولفترة 79.5 سنة؟!

●● الاحتمال الثاني:

1. حسب تقديرات الخبراء الأمريكان أن كلفة إعادة إعمار العراق بسبب الحروب الثلاثة 600 مليار دولار.

2. قيمة التعويضات الواجب دفعها إلى إيران والكويت هي 300 مليار دولار.

3. بلغت مديونية العراق الخارجية مع فوائدها بـ 356 مليار دولار.

إذن إجمالي الخسائر المادية التي سيتحملها الشعب العراقي وفق هذه المعطيات وهذا الاحتمال هي تريليون و 256 مليار دولار.

ووفقاً لهذا الاحتمال وحسب تقديرات الخبراء الأجانب حول عوائد النفط العراقي لعام 2004 والتي ستتـــراوح مابين 14 إلى 15 مليار دولار، ومن خلال هذه التقديرات يمكن القول وفي حالة احتساب قيمة عائدات النفط العراقي السنوية بـ 14 مليار دولار، يعني ذلك أن نفط شعبنا العراقي قد تم بيعه مقدما ولفترة 89.7 سنة!! وفي حالة احتساب عائد النفط بـ 15 مليار دولار، يعني ذلك تم بيع نفط العراق مقدماً ولفترة 88.7 سنة!!

وفي حالة انخفاض أسعار النفط عالمياً وبنسبة 50% فيصبح عائد النفط العراقـــي يتــراوح مابين 7 إلى 7.5 مليـــار دولار فـــي السنة، ووفقاً للاحتمال الأول ويعني ذلك أنه تم بيع النفط العراقي مقدماً ولفترة 170 سنة؟ أما وفق الاحتمال الثاني يعني هذا أن نفط الشعب العراقي قد تم بيعه مقدماً ولفترة 179 سنة؟ علماً أن تقديرات الخبراء الأجانب تؤكد أن الاحتياطي النفطي العراقي سينفد خلال 153 سنة!! ويمكن القول هناك تقارب نسبي بين هذه التقديرات المختلفة ولا يوجد اختلاف كبير بين هذه التقديرات من حيث الجوهر. 

 

■ د. نجم الدليمي