من تقرير «المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم» الأنظمة العربية والاستبداد
تتصاعد في البلدان العربية يوماً بعد يوم حملة موجهة إلى الحكومات مطالبة إياها بإطلاق الحريات وإشاعة الديمقراطية وسيادة القانون، وقد وصلت هذه الحملة إلى الجامعة العربية بالذات حيث تتمثل جميع الأنظمة فيها.
وقد قالت دراسة عن «التربية على حقوق الإنسان» أعدتها «المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم» في المنطقة إن «الدول العربية على اختلافها وتنوعها، ظل حضور الدولة فيها طاغياً على كل المجالات، والفصل بين السلطات يكاد يكون معدوماً، وكثيراً ما تكون المعارضة صورية». وقد أثر هذا الأمر على النظام التربوي تأثيراً بالغاً فباتت المؤسسات التربوية فضاء لتكريس الخطاب الرسمي وتمجيد أصحابه والتغني بإنجازاتهم.
ودعت الدراسة إلى استقلال المؤسسة التربوية كي يستطيع الخبراء إعداد برامج تهتم بالنشء وتمنحهم ملكة التفكير وتتيح لهم فرصة المقارنة بين النظم والقوانين المحلية والمواثيق في مجال حقوق الإنسان.
وهاجمت الدراسة استغلال الدين سواء أكان من الأنظمة الحاكمة أو المعارضة، الأمر الذي أدى إلى ترسيخ الثنائية في النظر إلى العالم وطالبت بفصل الدين عن «أمور الدنيا».
وجاء في الدراسة إن: «الخطاب السياسي الرسمي في البلدان العربية الإسلامية كثيراً ما يبحث له عن شرعية في الدين، وفي الوقت نفسه فإن الخطاب السياسي المضاد، في البلدان العربية الإسلامية، كثيراً ما يبحث له هو الآخر عن شرعية في الدين، فكان من تبعات ذلك أن تؤول الناس الدين وفق المذهب الذي ينادون به، وبالتالي فقد كفَّر الخطاب السياسي الرسمي المعارضين له وكفَّر الخطاب السياسي المضاد الحاكمين وأصحاب السلطان».
وطالبت الدراسة بالاقتصار على تدريس الآيات القرآنية التي تخدم غرض التوحيد بين الناس لا تفريقهم وأضافت الدراسة: إذا أريد للدين أن يكون خادماً للتربية على حقوق الإنسان فلابد أن يكون خادماً لحرية الرأي والمعتقد، وأن تقدم فيه الآيات التي تجمع ولا تفرق.
وأفادت الدراسة أن التلاميذ يواجهون تناقضاً بين ما يدرسونه وبين الواقع.
وأما عن كتب التربية المدنية أو «الوطنية» فقالت الدراسة: إنها من المواد التي تنفّر التلاميذ، لأن التلميذ لايرى مجلساً يقضي في الأمور، ولا رئيساً يتبدل، بعد كم من السنين، ولا قانوناً يحكم البلاد غير صورة الزعيم الذي يُرى في الشارع والتلفزيون ودور السينما والثقافة وحتى في المساجد أحياناً.
كما تعرضت الدراسة للتمييز بين الرجل والمرأة التي تُصوَّر على أنها كائن سلبي مهمش، مطالبة بالمساواة بين نصفي المجتمع حتى يستطيع أن يحقق التطور التام. وتطرقت الدراسة إلى مسألة التعدي على حقوق الطفل وحرمته وكرامته، وإلى العلاقة المتأزمة بين السلطات ومنظمات المجتمع المدني وعن صعوبة العمل بينهما.
وكانت المنظمة المذكورة قد أجرت هذه الدراسة بناء على قرار مجلس وزراء الخارجية العرب في آذار عام 2003.
وقالت مصادر بالجامعة إن الدراسة قوبلت بهجوم شديد ورفض من جانب دول أعضاء طالبت بعرضها على فريق من الخبراء متهمة فريق البحث بأنه من غير المختصين، كما أشار بعض الدول إلى أن الدراسة تعبر عن آراء شخصية أكثر مما هي دراسة علمية!!.
مطالب إصلاحيي السعودية
وعلى الخط نفسه تحرك إصلاحيو السعودية، فقد وقع أكثر من 800 شخص من الأكاديميين والمهنيين ورجال الأعمال والطلاب من بينهم نساء خطابا موجهاً إلى ولي العهد السعودي الأمير عبد الله مطالبين بتفعيل توصيات مؤتمر الحوار الوطني الذي انعقد في كانون الأول الماضي، وطالبوا بوضع جدول زمني لتحويل هذه التوصيات إلى واقع عملي، ورأوا أن تسريع عملية الإصلاح السياسي وتوسيع المشاركة الشعبية وانتخاب مجلس الشورى والمناطق سوف يسهم في دفع عملية الإصلاح إلى أمام ويقرب البلاد من الغاية المنشودة.
المطالب الإصلاحية
وعدد الخطاب جملة من المطالب الإصلاحية التي يتعين الشروع في تنفيذها مثل:
■ تأسيس النقابات والجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني.
■ تطوير وسائل الاتصال بين الحكومة والمواطنين.
■ الفصل بين السلطات الثلاث.
■ ضبط الشأن الاقتصادي بما يحفظ المال العام.
■ تجديد الخطاب الديني وترسيخ ثقافة الحوار والتسامح ومحاربة التطرف.
■ ضمان حرية التفكير والتعبير.
■ تعزيز دور المرأة في المجتمع.
■ تحرير الشباب من هيمنة .... التطرف ومراعاة التنوع الفكري والمذهبي.
لقد سبق لنا أن حذرنا من خطورة استجابة النظام الرسمي العربي للمطالب الأمريكية حول مايسمى بـ«الإصلاحات» في العالم العربي، ليس لأننا ضد الإصلاح، بل لأن ما تطالب به واشنطن ينطبق عليها المثل: «كلمة حق يراد بها باطل»، أي أن الإمبريالية الأمريكية تريد للإصلاح أن يكون بأوامر منها ويخدم مصالحها في نهاية المطاف، في حين أننا نريد الإصلاح شاملاً وجذرياً يخدم قضية الترابط بين المهام الوطنية والاجتماعية ـ الاقتصادية والديمقراطية بحيث تشارك في صنعها وحمايتها غالبية جماهير الشعب التي لارهان إلا عليها في الدفاع عن الوطن وكرامة المواطن.