جان لوك ميلنشون: الرجل الثالث؟
في استطلاعٍ للرأي قام به معهد BVA لاستطلاعات الرأي بالتعاون مع محطة RTL، نال مرشح جبهة اليسار 14 بالمائة من الأصوات، متقدماً على مارين لوبن التي نالت 13 بالمائة من الأصوات.
بعد أن انطلق قطار الضواحي بأقصى سرعته، تباطأت حركته قرب منطقة الفرز في فيلنوف سان جورج، في منطقة فال دومارن. يدوي زمور سيارة، تعقبه زمامير أخرى أقصر، تحيةً لجان لوك ميلنشون ولنحو مائة عامل في السكك الحديدية ممن يرتدون السترات البرتقالية ويجتمعون للاستماع إليه. إنها أيضاً وسيلةٌ لتوجيه التحية لأداء مرشح جبهة اليسار الذي يتقدم في استطلاعات الرأي. بل إنه بلغ المرتبة الثالثة في الحملة الانتخابية. صباح يوم الجمعة في استطلاع معهد BVA وRTL، الذي أجري يومي الأربعاء والخميس، نال ميلنشون 14 بالمائة من نوايا التصويت، متقدماً مارين لوبن (13 بالمائة) وفرانسوا بايرو (12 بالمائة). يوم الخميس، في استطلاعٍ للرأي لمصلحة برنامج «20 دقيقة» في محطة BFMTV في مونت كارلو، كسب نقطتين، فأصبح رصيده 13 بالمائة، وأصبح يحاذي مارين لوبن. كان جان لوك ميلنشون يزعج الحزب الاشتراكي ويقلقه. ومن الآن فصاعداً، سوف يخيف فرانسوا هولاند. ناهيك عن أن ميلنشون قد سخر البارحة منه، مجتذباً ضحكات الحضور وتصفيقهم: «لقد قالوا لهم إنه لم يعد هنالك شيوعيون، وها هم يجدون أنفسهم في مواجهة ساحةٍ مليئةٍ بالرايات الحمراء!»
لكن على الرغم من أن جان لوك ميلنشون صعد على منصةٍ تغمرها أشعة الشمس، محاطاً بالنواب المحليين ومن بينهم رئيس الحزب الشيوعي الفرنسي في المجلس العام لمنطقة فال دو مارن كريستيان فافييه، فإنه لم يذكر استطلاعات الرأي. وقد وجه كلماته الأولى على شكل «ذكرى حارة» إلى رجال الشرطة في تولوز، فحيّا «عملهم وشجاعتهم» و«موظفين عرضوا حياتهم للخطر». ودعا الحضور إلى «حماية المسلمين من أولئك الذين يرغبون في فرزنا». ولئن كان قد انتقد دقيقة الصمت التي أرادها نيكولا ساركوزي، فقد اعترف بأنه «في مثل هذه الظروف، يبذل كل شخصٍ جهده ويفعل ما يبدو له الأكثر جدارةً بالفعل». يعلم المرشح أن كل كلمةٍ في هذه الايام المضطربة هي عرضةٌ للتفكيك. ليس هنالك مجالٌ للتخبط كيفما كان.
ليس وارداً أيضاً أن يبدو المرء حساساً أكثر مما يجب لاستطلاعات الرأي. ولاسيما أنه في الاستطلاع المتواصل الذي قام به المعهد الفرنسي للرأي العام Ifop، بلغت لوبن 17 بالمائة وبايرو 12 بالمائة وميلنشون 11 بالمائة. لا بد إذاً من الحذر والريبة، حتى إن كان المحيطون به مقتنعين بأنه يتحول إلى ظاهرةٍ في الحملة الانتخابية. ويؤكد قائلاً: «سوف تصبح مهمتي أسهل بذلك، لكن في البداية، هذه النتيجة ليست ما أستدل به».
الإيقاع يتسارع
لا يفرح ميلنشون بهذا الاختراق. فالإيقاع المتسارع لحملته يدفعه، وسيذهب في عطلة نهاية الأسبوع إلى جزيرة ريونيون، ليعيد الصلات مع أبالسة معارضته في «اتحاد» الصحفيين. يوم الأربعاء، استشاط غضباً من الصحافيين. ويوم الخميس، بقي متوتراً، متهماً أمام عمال سكك الحديد مجلة لونوفيل أوبزرفاتور التي لم تغط اجتماع الباستيل. «مائة وعشرون ألف شخص، ولم ينشروا صورةً واحدةً، نصاً واحداً!» مع أن تلك المجلة كرست له ثلاث صفحات في الأسبوع السابق...
يعرف ميلنشون أن مهاجمة وسائل الإعلام لا يزعج ناخبيه. إنها طريقةٌ لشجب «النظام» يشعر مرشح جبهة اليسار بالمرارة لأن أخبار تولوز سرقت منه الصدارة، لكنه لن يعترف أبداً بذلك. سيعادل الأمر بالنسبة إليه الاستسلام أمام إغواء شخصنة حملته أكثر مما يجب. من جانبٍ آخر، يولي طاقم حملته الانتخابية عنايةً شديدةً بألا تظهر أي لافتةٍ تحمل اسمه في الاجتماعات. يزمجر قائلاً: «ما جرى في الباستيل ليس مسألةً شخصية، إنه أكبر بكثير من جبهة اليسار وحدها.»
قوياً بتحالف بعض الشخصيات في إدارة الحزب الجديد المناهض للرأسمالية، يكرر جان لوك ميلنشون نداءاته للتجمع. وهو يحذر من أن شيئاً لن يوقفه، ولا حتى المنع الذي أصدره رئيس بلدية مرسيليا المنتمي إلى الاتحاد من أجل الحركة الشعبية، جان كلود غودان، بالاجتماع على شواطئ برادو يوم 14 نيسان.